من هو «قريش» وكيف سكن أولاده أم القرى؟.. تاريخ «عمارة البيت وسقاية الحاج» قبل الإسلام

بين نبي امتثل لإرادة الله، وحيرة أم تبحث عن نجاة وليدها الصغير، وصرخة طفل يضرب بقدمه الحجر من شدة العطش فتنفجر المياه لذة للشاربين، وفى وادٍ غير ذي زرع عند بيت الله المحرم.. بدأت قصة أم القرى في مسيرة الزمان، لقد ذهب التاريخ بما ذهب من أحداث، وبقى بيت الله الحرام مثابة للناس وآمنًا يأتونه من كل فج عميق.

لقد تغير واقع مكة المكرمة منذ أن ترك أبو الأنبياء إبراهيم زوجته هاجر وولده إسماعيل ـ عليهما السلام ـ في هذا الوادي المٌقفر، لكن حدوث المعجزة وانبثاق بئر زمزم المباركة قد ساعدت على توطين هذه البقعة الطاهرة لتكون مهوى قلوب قبائل العرب التى كانت تضرب أكباد الإبل من أجل رحلات تجارية عبر الصحراء.

جُرهم ومصاهرة إسماعيل ـ عليه السلام لقد كانت قبيلة جُرهم هى إحدى القبائل اليمنية القديمة التى سكنت مكة بعد عن أبدل الله حالها من واد غير ذى زرع إلى واحة خصبة في صحراء العرب مترامية الأطراف، حيث كان الجراهمة هم أول من وافى السيدة هاجر أم نبى الله إسماعيل ـ عليه السلام ـ بعد أن تفجرت تحت قدميه بئر زمزم، واستأذنوها في الإقامة إلى جوارها ورضيعها بعد أن تغيرت الأرض بغير الأرض بعد وجود زمزم، وقد أذنت لهم السيدة هاجر بذلك.

تمضى الأيام ويشُب إسماعيل ـ عليه السلام ـ، ويتزوج من جُرهم فصاروا أصهاره، وأخوال ولده الأكبر نابت، وبعد أن وضع خليل الله إبراهيم وولده إسماعيل ـ عليهما السلام ـ القواعد، وأذن فى الناس بالحج باتت مكة مهوى قلوب المؤمنين من العرب ممن ارتضوا الملة الحنيفية لإبراهيم دينًا وما كان من المشركين.

تمر الأيام ويموت إسماعيل الذبيح، ويتولى ولده نابت سيادة القوم، لكن بعد موته ضاقت مكة بأولاد إسماعيل، وتولى أصهاره من جُرهم سيادة مكة، وينشب النزاع بين الجراهمة بقيادة عمرو بن مضاض الجرهمي وأولاد عمومتهم من بنى قطوراء بقيادة السميدع، وتلاقت السيوف فى مكان يسمى "فاضح" فانتصر الجراهمة، وخسرت قطوراء وانسحبت إلى "أجياد"، وسُميت أجياد بهذا الاسم لكثرة ما كان مع السميدع من الجياد (الخيول).

وأصبحت قبيلة جرهم الحاكمة المُطلقة لمكة، وباتت مشرفة على أمر البيت الحرام من حج وسقاية، وقديما قال الشاعر الجاهلي زهير بن أبى سلمى:

فأقسمت بالبيت الذى طاف حوله .. رجال بنوه من قريش وجُرهم

خروج قبيلة جُرهم من الحرم

لكن مكة أو بكة التى سُميت بهذا الاسم؛ لأنها تدك أعناق الجبابرة فتكسرها، سرعان ما انتفضت على جُرهم التى طغت فى الحرم وظلمت وأحدثت وغيرت، فصدر الحكم الآلهى بخروج جُرهم من البيت الحرام على يد قبيلة خزاعة اليمنية.

وقبل إن يُحزّم الجراهمة أمتعتهم ويغادروا الكعبة، قاموا بدفن بئر زمزم وطمس معالمها نكاية فى خُزاعة، وبقيت على حالها حتى قام جد النبى عبد المطلب بن هاشم بإعادة حفرها فى خبر طويل.

لقد تأثر الجراهمة بشدة بعد أن رأوا بيت الله الحرام خاليًا من شعائره، وبينما كانوا يشدون رواحلهم عائدين أدراجهم إلى اليمن، أنشد كبيرهم عمرو بن الحارث بن عمرو بن مضاض الجُرهمى قصيدته الخالدة التى توغل فى القدم، حتى عدها البعض من أوائل ما قيل فى الشعر العربى:

كأنّ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْحَجُونِ إلَى الصّفَا .. أَنِيسٌ وَلَمْ يَسْمُرْ بِمَكّةَ سَامِرُ

بَلَى نَحْنُ كُنّا أَهْلَهَا، فَأَزَالَنَا .. صُرُوفُ اللّيَالِي وَالْجُدُودِ الْعَوَاثِرِ

وَكُنّا وُلَاةَ الْبَيْتِ مِنْ بَعْدِ نَابِتٍ ..نَطُوفُ بِذَاكَ الْبَيْتِ وَالْخَيْرُ ظَاهِرُ

وَنَحْنُ وَلِينَا الْبَيْتَ مِنْ بَعْدِ نَابِتٍ .. بِعَزّ فَمَا يَحْظَى لَدَيْنَا الْمُكَاثِرُ

مَلَكْنَا فَعَزّزْنَا فَأَعْظِمْ بِمُلْكِنَا.. فَلَيْسَ لِحَيّ غَيْرِنَا ثَمّ فَاخِرُ

فَأَخْرَجَنَا مِنْهَا الْمَلِيكُ بِقُدْرَةٍ.. كَذَلِكَ يَا لِلنّاسِ تَجْرِي الْمَقَادِرُ

وَصِرْنَا أَحَادِيثَا وَكُنّا بِغِبْطَةٍ.. بِذَلِكَ عَضّتْنَا السّنُونَ الْغَوَابِرُ

فَسَحّتَ دُمُوعُ الْعَيْنِ تَبْكِي لِبَلْدَةٍ.. بِهَا حَرَمٌ أَمْنٌ وَفِيهَا الْمَشَاعِرُ

خزاعة وعبادة الأصنام

أخذت خُزاعة بمقاليد الأمور فى مكة وبسطت سلطانها عليها، ونصبت نفسها مسئولة عن البيت الحرام بعد رحيل الجراهمة، وسميت خُزاعة بهذا الاسم؛ لأنها تخزعت أى تفرقت وانتشرت فى سائر مكة.

وما إن سيطرت خُزاعة حتى بدلت وغيرت، فجُرهم وإن طغت إلا أنها ظلت متمسكة بالملة الحنيفية لإبراهيم -عليه السلام-، لكن خزاعة قلبت الأوضاع الدينية فى شبه الجزيرة العربية رأسًا على عقب بتنصيب الأصنام وعبادتها حول الكعبة، لقد رغبت عن ملة إبراهيم ـ عليه السلام ـولا يرغب عنها إلا من سفه نفسه.

لقد دخلت الأصنام مكة على يد كبير خُزاعة عمرو بن لُحى الخُزاعى، الذى كان يجوب بتجارته بين مكة والشام، وعلى عادة أهل مكة كان يصطحب بعض حجارتها فى أسفاره حتى يتشوق إليها،.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من بوابة الأهرام

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بوابة الأهرام

منذ 11 ساعة
منذ 6 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 54 دقيقة
منذ 10 ساعات
منذ 9 ساعات
بوابة أخبار اليوم منذ 8 ساعات
صحيفة اليوم السابع منذ 12 ساعة
صحيفة الوطن المصرية منذ 20 ساعة
صحيفة الوطن المصرية منذ 21 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 12 ساعة
صحيفة الوطن المصرية منذ 20 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 7 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 12 ساعة