إعداد: د. محمد بن حمد العريمي

في إطار تناولها لسيَر الشخصيات العمانية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية المختلفة؛ تقترب أثير في هذا التقرير من سيرة إحدى الشخصيات العمانية البارزة الذي كان لها حضورها المهم في العديد من الأحداث السياسية والاجتماعية في السلطنة خلال القرن العشرين، والذي تقّلد عددًا من المناصب وكان له العديد من الاهتمامات الرياضية والاجتماعية؛ إنه السيد ماجد بن تيمور بن فيصل آل سعيد.

السيد ماجد بن تيمور بن فيصل آل سعيد

النشأة

هو صاحب السمو السيد ماجد بن تيمور بن فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان بن الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي، الابن الثاني للسلطان تيمور بن فيصل، ولد بحسب موقع www.royalark.net/Oman/oman9.htm في الثاني عشر من أكتوبر سنة 1912م.

قضى السيد ماجد طفولته في قصر العَلَم مع السلطان سعيد بن تيمور عندما كان وليًا للعهد، وكان والده السلطان تيمور بن فيصل يقضي أغلب أوقاته وقتها في الهند.

تلقى السيد ماجد بن تيمور تعليمه أولًا في مدرسة أبو ذينه التي التحق بها عدد من أفراد الأسرة الحاكمة من بينهم أعمامه السادة شهاب، ومَلَك، وعبّاس، وأخوه السلطان سعيد، حيث درس القرآن الكريم، وقليلًا من الجغرافيا، والتاريخ، والحساب، والرياضيات، ثم عندما تم افتتاح المدرسة السلطانية الأولى كأول مدرسة حديثة في فبراير 1928م التحق السيد ماجد بها، وكان ضمن أول فريق كشفي عماني تم تأسيسه على يد مدير المدرسة وقتها إسماعيل بن خليل الرصاصي.

أول فرقة كشافة مدرسية، من اليمين وقوفًا السيد ماجد بن تيمور وإسماعيل الرصاصي وأحمد الجمالي، في الوسط جلوس علي بن جابر وحمدان بن سليمان وغريب بن محفوظ وموسى بن صالح وشملان بن عامر، وفي المقدمة حارب بن طالب وجمعان بن نغاري

كان السيّد ماجد بن تيمور يحرص في صغره على حضور (البرزة) التي كان يقيمها السلطان حيث يجتمع أكابر الأسرة الحاكمة والمجتمع، في تدريبٍ عملي على الأعمال التي سيتولاها مستقبلًا، وكان يظل حتى أذان الظهر حيث يتناول الغداء مع السلطان وحاشيته ثم يذهب كلٌ إلى منزله، حيث كان السيّد ماجد يقيم في أحد أجنحة الطابق العلوي من القصر حتى توليه ولاية بركاء.

ولاية بركاء:

كانت أول وظيفة إدارية يتقلدها السيد ماجد بن تيمور هي ولاية بركاء وذلك في 16 رجب 1353هـ الموافق 25 أكتوبر 1934م، حيث ظل لمدّة عامين ونصف، ثم عاد إلى مسقط حيث عمل في المحكمة العدلية نائبًا لرئيسها إسماعيل الرصاصي، وتولى رئاسة المحكمة بعد تولي الرصاصي ولاية مطرح في عام 1939م. كما عمل في إدارة الجوازات بعد إلغاء المحكمة العدلية.

وفي عام 1943م رجع السيد ماجد بن تيمور مرةً أخرى إلى بركاء كوالٍ وذلك بحسب تقرير بريطاني منشور في مكتبة قطر الرقمية يتناول الفترة ما بين 16 إلى 31 ديسمبر 1943م، بدلًا من السيد سعود بن حارب الذي عاد إلى مسقط.

فقرة من تقرير يتناول الفترة من 16-31 ديسمبر 1943. مكتبة قطر الرقمية

كما أشارت جريدة (الفلق) الصادرة في زنجبار إلى تعيين السيد ماجد بن تيمور واليًا على بركاء نقلًا من إدارة الجوازات، وذلك في خبر نشرته بعددها الصادر في 29 يناير 1944م.

خبر تعيين السيد ماجد. جريدة الفلق عدد 29 يناير 1944

وهناك عدد من الفقرات التي تناولت نشاط السيد ماجد بن تيمور خلال فترة ولايته على بركاء من بينها هذه الفقرات المنشورة ضمن تقارير مكتبة قطر الرقمية:

فقرة من تقرير يتناول الفترة من 16-31 ديسمبر 1943. مكتبة قطر الرقمية

فقرة من تقرير يتناول الفترة من 16-30 نوفمبر 1945. مكتبة قطر الرقمية

صورة أرشيفية للسيد ماجد بن تيمور تعود إلى حوالي عام 1948م أثناء ولايته على بركاء

جزء من خطاب مرسل إلى السيد ماجد والي بركاء بتاريخ 8 ذي القعدة 1364ه الموافق 15 أكتوبر 1945

ديباجة مراسلات تعود إلى 17 أبريل 1947م

في المصنعة:

في السادس من شعبان 1367هـ الموافق 14 يونيو 1948م صدرت التوجيهات السلطانية من قبل السلطان سعيد بن تيمور بتعيين السيد بدر بن سعود واليًا في بركاء بدلًا من السيد ماجد بن تيمور، الذي يبدو أنه نقل إلى المصنعة المجاورة كوالٍ عليها.

ومما يدل على انتقال السيد ماجد للعمل كوالٍ على المصنعة، فقرة منشورة ضمن ملف بعنوان تقارير إدارية سنوية عن الخليج الفارسي منشور في مكتبة قطر الرقمية تحت رقم الاستدعاء: IOR/L/PS/12/3720B، والذي يتكون من تقريريْن سنوييْن إدارييْن لسنة ١٩٤٨، أولهما عن الوكالة السياسية في مسقط، حيث تشير الفقرة إلى أن السيد ماجد بن تيمور والي بركاء قد انتقل للعمل كوالٍ على المصنعة.

فقرة منشورة ضمن ملف بعنوان تقارير إدارية سنوية عن الخليج الفارسي

وقد ظل السيد ماجد بن تيمور واليًا على المصنعة لحوالي خمس سنوات، أي حتى عام 1953م عندما صدرت الأوامر بانتقاله إلى صور، وخلال هذه الفترة قام بالعديد من النشاطات الإدارية والاجتماعية في هذه الولاية، كما ورد اسمه في عدد من وثائق الصلح والمبايعات وغيرها، نعرض اثنتين منها:

وثيقة صلح في 12 ربيع الثاني 1370هـ الموافق 21 يناير 1951 وبها اسم السيد ماجد وختمه

وثيقة بيع تعود إلى 4 ذي الحجة 1372هـ الموافق 15 أغسطس 1953 وبها توقيع السيد ماجد

صورة أرشيفية للسيد ماجد بن تيمور يعتقد أنها في المصنعة أثناء ولايته عليها. شبكة المعلومات

والي صور:

في نهاية عام 1953م وتحديدًا خلال شهري نوفمبر أو ديسمبر تم نقل السيد ماجد بن تيمور إلى ولاية صور كوالٍ لها، وكانت صور من الولايات المهمّة بحكم مينائها النشط وفرضتها التي تعد مداخيلها من ضمن مصادر الدخل المهمّة لخزانة عمان في تلك الفترة، وقد جرت العادة أن يكون واليها من الأسرة البوسعيدية، وقد تولاها عدد من أفراد الأسرة الحاكمة سابقًا من بينهم السيد طالب بن الإمام أحمد، والسيد سالم بن فيصل، والسيد شهاب بن فيصل.

وهناك عدد من الإشارات التي وردت في بعض الوثائق والمراسلات الشخصية بخصوص تاريخ تولية السيد ماجد بن تيمور على صور، نورد نماذج منها:

وقد امتدت ولاية السيد ماجد بن تيمور على صور لأكثر من اثني عشر عامًا، قد تعدّ الأطول ضمن الفترات التي يقضيها الولاة في ولاياتهم، وحفلت تلك الفترة بعدد من الأحداث والأنشطة والأعمال المجتمعية.

ومن بين الإنجازات المهمة التي شهدتها ولاية السيد ماجد بن تيمور في صور، انشاء أول عيادة حديثة بجهود حكومية وأهلية مشتركة، حيث تم افتتاحها حوالي عام 1956م على وجه التقريب، ويشير إلى ذلك رسالة من السيد ماجد بن تيمور إلى أحد أعيان صور البارزين وهو علي بن عيسى الزدجالي بتاريخ 2 ذي الحجة 1375هـ الموافق 10 يوليو 1956م، يبلغه فيها بوصول الشيخ صخر بن حمد العامري وهو شخصية إدارية بارزة عمل في نظارة الداخلية وتقلد العديد من الأعمال والمهام الإدارية المحلية، إلى صور للنظر في البيت الذي تم اختياره لإقامة الطبيب.

رسالة من السيد ماجد بن تيمور

وكانت الحكومة ممثلة في دائرة البلدية تتابع أحوال البيت المخصص لإقامة العيادة وسكن الطبيب، ومدى حاجته إلى ترميم أو إضافات، وهناك رسالة من السيد ماجد بن تيمور إلى الشيخ حمد بن خلفان المخيني أحد شيوخ الجنبة البارزين وقتها، بتاريخ 28 شعبان 1379هـ الموافق 26 فبراير 1960م يبلغه فيها بأن رئيس دائرة البلدية قد أرسل له رسالة بشأن إصلاح منزل الطبيب ويطلب منه الإفادة حول ذلك.

رسالة من السيد ماجد بن تيمور

وأثناء فترة ولاية السيد ماجد بن تيمور في صور، صدرت لائحة تنظّم موضوع الأجرة الخاصة بعبرة خور البطح، بناءً على الاتفاق الذي تم بين شيوخ قبيلتي الجنبة وبني بو علي الذين يمثلون طرفي المدينة (صور الساحل والعيجة)، حيث تم وضع لائحة أسعار بالأغراض والسلع التي يتم نقلها، ومن بينها على سبيل المثال: جونية الأرز والطحين (5 بيسات)، نصف الجونية ( بيستين)، تنك السمن( بيستين)، جراب التمر (بيستين)، الدعن( 5 بيسات)، الباب (6 بيسات)..الخ.

لائحة تنظّم موضوع الأجرة الخاصة

وفي عهد السيد ماجد بن تيمور تم إنشاء وافتتاح مشروع تزويد صور بالمياه، وهو المشروع الذي تم البدء في إنشائه في عام 1960 ونفّذته شركة كيمجي رامداس، حيث قامت الشركة بحفر العديد من الآبار وشراء مضخّات وما يقارب من خمسة آلاف قدم من الأنابيب التي استوردتها من المملكة المتحدة، إضافة إلى تشييد ستة خزّانات مياه، وإنشاء خط أنابيب لربط الآبار المحفورة في بلاد صور بخزان احتجاز في الجبل فوق صور، وتم استكمال مشروع شبكة مياه صور في ديسمبر 1961، بينما تم افتتاحه في يوليو 1962م بتكلفة إجمالية قدرها نصف مليون روبية هندية، وتم بيع الماء بمبلغ بيستين عن كل دلو مصنوع من القصدير سعته 20 لترًا.

إنشاء وافتتاح مشروع تزويد صور بالمياه في عهد السيد ماجد بن تيمور

كما كان السيد ماجد أثناء فترة ولايته متابعًا للأوضاع الصحية والاجتماعية، منبّهًا للمواطنين تجاه أيّة تعليمات أو توجيهات قد تصدر بهذا الخصوص، وهناك العديد من المراسلات والإعلانات بهذا الخصوص، نعرض منها نموذجين:

صورة تجمع السيد ماجد بن تيمور والي صور مع عبدالله بن صالح الخميّاسي العريمي أحد أعيان مدينة صور

ولم تقتصر أعمال أو أنشطة أو علاقات السيد ماجد بن تيمور الإدارية والاجتماعية أثناء ولايته على صور، على نطاق ولاية صور فحسب، بل امتدت لتشمل كافة ولايات قطاع جعلان، وقد جمعنا عددًا من المراسلات المشتركة بينه وعدد من ولاة وشيوخ وأعيان تلك الولايات:

وعن فترة ولايته على صور يذكر السيد ماجد بن تيمور: " عندما توليت ولاية صور، مكثت هناك اثني عشر عامًا وثمانية أشهر، وجميع الشيوخ والأكابر هناك يقولون ما أحد تولى اثني عشر عامًا في صور إلا السيد ماجد، وأنا أثناء ولايتي هناك كنت أقول لهم: أنا فرد منكم، فرد من الشعب، عليّ أن أرعى مصالحكم، غدًا سأكون في جهة ثانية، لكن قضاء مصالح الناس يصنع الذكرى الطيّبة، ولذلك هم يقولون: ما أحد عرف طبيعتنا نحن أهل صور غير السيد ماجد .

في عصر النهضة:

عندما قامت النهضة المباركة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد طيّب الله ثراه في عام 1970م كان السيد ماجد بن تيمور وقتها واليًا على بركاء للمرة الثالثة، وذلك بحسب الحوار الذي أجرته معه مجلة (الأسرة) في 23 يوليو 1981م، حيث ذكر أنه تم نقله إلى ولاية.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه

هذا المحتوى مقدم من صحيفة أثير الإلكترونية