تشهد السوق العالمية للفن تراجعاً ملحوظاً، حيث تواجه دار «سوذبيز»، إحدى أبرز دور المزادات في العالم، أزمة مالية عميقة، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال».. التفاصيل في

تشهد السوق العالمية للفن تراجعاً ملحوظاً، حيث تواجه دار «سوذبيز»، إحدى أبرز دور المزادات في العالم، أزمة مالية عميقة، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال».

لطالما كانت دار «سوذبيز» تحت قيادة الملياردير باتريك دراهي، رمزاً للنجاح في عالم الفن، حيث استقطبت جامعي التحف الأثرياء الذين كانوا يتنافسون على اقتناء القطع النادرة. وحققت الشركة خلال سنوات ازدهارها أكثر من 7 مليارات دولار من المبيعات السنوية، مسجلة أرقاماً قياسية لأعمال فنية شهيرة، مثل تلك التي رسمها غوستاف كليمت، ورينيه ماغريت.

وفي العام 2024، أسفر تدهور المناخ الاقتصادي عن تراجع حادٍ في الطلب على الفن الراقي الفاخر، مما أثَّر سلباً على مستقبل دار «سوذبيز»، ودفعها نحو أزمة غير مسبوقة.

وأرجعت التقارير هذا التراجع إلى عدة عوامل، منها: تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، الذي قلّص القوة الشرائية لجامعي التحف الأثرياء هناك، وهم شريحة أساسية لدار «سوذبيز». كما ساهمت حالة عدم الاستقرار الناتجة عن النزاعات العالمية والمشهد السياسي المتقلب في الولايات المتحدة في تراجع الإنفاق على السلع الفاخرة.

إضافة إلى ذلك، جعلت أسعار الفائدة المرتفعة والتضخم من التداول في الفن أكثر كلفة، مما أدى إلى انخفاض في المعاملات، خاصة في الفن المعاصر، حيث بدأ المشترون في التساؤل عن استدامة الأسعار المتزايدة للفنانين الناشئين التي كانت تحفز نمو السوق.

بالإضافة إلى ذلك، بدأ بعض الجامعين في توجيه استثماراتهم نحو مجالات أخرى، مثل التكنولوجيا والعقارات، بدلاً من الأعمال الفنية.

ضغوط مالية على «سوذبيز»

وفي العام 2019، استحوذ باتريك دراهي، البالغ من العمر 61 عاماً، على دار «سوذبيز» مقابل 2.7 مليار دولار، مع ضمان الصفقة إصدار 1.1 مليار دولار من السندات والقروض لتمويل الاستحواذ، بالإضافة إلى تحمل جزء من الديون القائمة التي تبلغ مليار دولار. تحت إدارته، شهدت «سوذبيز» توسعاً عالمياً وتنوعاً في عملياتها، لكن وضعها المالي أصبح أكثر هشاشة.

وتعاني مشاريع دراهي التجارية الأخرى أيضاً من ضغوط مالية، إذ تتحمل شركته للاتصالات «ألتيس» ديوناً تصل إلى 60 مليار دولار. وأثار هذا العبء الكبير قلق المستثمرين بشأن الصحة المالية لكل من «ألتيس» و«سوذبيز»، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الفائدة التي زادت تكلفة خدمة الديون. ويتوقع بعض المحللين في وول ستريت أن دراهي قد يُضطر إلى بيع جزء من «سوذبيز» لتخفيف عبء ديون «ألتيس»، رغم عدم وجود أي إعلان رسمي حول هذا الأمر.

واستجابةً لهذه الضغوط المالية، بدأت «سوذبيز» بتأخير سداد مدفوعاتها للمقاولين، بما في ذلك شركات الشحن، ومختصو الترميم الفني، لمدة تصل إلى 6 أشهر. كما تأثر بعض الموظفين البارزين، حيث حصلوا على سندات بدلاً من مدفوعات الحوافز في أوائل العام 2024. هذا الوضع أثار مخاوف داخلية بشأن قدرة الشركة على الوفاء بالتزامات الرواتب في الأشهر المقبلة، مما زاد من تعقيد تحدياتها المالية.

إعادة الهيكلة وإدارة الديون

لمواجهة هذه التحديات المالية، سعت «سوذبيز» إلى الحصول على تمويل خارجي. وفي أغسطس 2024، أعلنت الشركة عن صفقة بقيمة مليار دولار لبيع حصة لصندوق الثروة السيادي لأبوظبي، شركة «إيه دي كيو». من المتوقع أن توفر هذه الصفقة سيولة مالية ضرورية لـ«سوذبيز».

وأعرب الرئيس التنفيذي لـ«سوذبيز»، تشارلز ستيوارت، عن ثقته بأنها ستمكّن الشركة من تحقيق النمو في المستقبل. ومع ذلك، يبقى التساؤل ما إذا كانت هذه السيولة كافية لاستقرار الأوضاع المالية لـ«سوذبيز» على المدى الطويل.

رغم هذه الجهود، وفي فبراير 2024، خفضت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف سندات الشركة إلى (B3)، ما يعني أنها عرضة لمخاطر ائتمانية عالية، مشيرة إلى مخاوف حول حوكمة الشركة وقرارها بمواصلة دفع الأرباح رغم تراجع أدائها التشغيلي. كما خفضت وكالة «ستاندرد آند بورز» تصنيف ديون «سوذبيز» في يونيو 2024، مما يعكس التزايد في حالة عدم اليقين بشأن قدرة الدار على توليد تدفق نقدي كافٍ للوفاء بالتزاماتها المالية.

تأثير التراجع على صناعة الفن

بحسب التقرير، تأتي الصعوبات المالية التي تواجهها «سوذبيز» في وقت يعاني فيه القطاع الفني بأكمله من تحديات جسيمة. فقد أدت التراجعات في السوق الفنية إلى انخفاض المبيعات وتراجع ثقة جامعي المقتنيات، مما أثّر سلباً على الأنشطة التجارية. كما عانت المعارض الصغيرة، التي تعتمد بشكل كبير على دعم الجامعين للترويج للفنانين الناشئين، بشكل خاص، حيث اضطُر بعضها إلى إغلاق أبوابه.

إضافة إلى ذلك، أبلغ التجار عن ضعف مبيعاتهم في المعارض الفنية الكبرى، مما زاد من حذر المستثمرين والمشترين في السوق.

وأظهرت التقارير المالية لـ«سوذبيز» للنصف الأول من عام 2024، التي استعرضها التقرير، أن قسم المزادات في الشركة سجّل خسارة بلغت 115 مليون دولار، مقارنة بأرباح قدرها 3 ملايين دولار في النصف الأول من العام 2023. كما انخفض التدفق النقدي الحر للشركة، وهو مقياس رئيس لقدرتها على تغطية نفقاتها، إلى 144 مليون دولار في الاثني عشر شهراً المنتهية في يونيو 2024، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 43% عن العام السابق.

التوقعات المستقبلية

اتخذت «سوذبيز» عدة خطوات إستراتيجية لمحاولة تجاوز الأزمة، حيث استثمرت بشكل كبير في توسيع حضورها العالمي. شملت هذه الخطوات توقيع اتفاقية لاستئجار مبنى (Breuer) في نيويورك، وهو موقع مرموق في شارع ماديسون، وتجديد مساحات فاخرة في باريس، وهونغ كونغ. وكانت هذه الاستثمارات تهدف إلى جذب العملاء من ذوي الثروات الكبيرة، وتوسيع عروض «سوذبيز» لتتجاوز المزادات الفنية التقليدية.

ومع ذلك، جاءت هذه الجهود التوسعية بتكلفة باهظة، وصلت إلى 1.2 مليار دولار، ما أثار مخاوف حول ما إذا كانت الشركة قد أعطت الأولوية للعائدات قصيرة الأجل على حساب الاستقرار طويل الأجل.

واستجابةً للتغيرات في ديناميكيات السوق، قدّمت «سوذبيز» هيكل رسوم جديدًا في عام 2024. وأصبحت، الآن، تفرض رسوماً ثابتة بنسبة 20% على المشترين للعناصر التي تُباع بأقل من 6 ملايين دولار، و10% على كل ما يتجاوز هذا الحد. كما يتم تحصيل رسوم بنسبة 10% على أول 500,000 دولار من مبيعات البائعين تحت 5 ملايين دولار، مع شروط للصفقات الكبرى التي يتم التفاوض عليها بشكل منفصل. وأثارت هذه الخطوة ردود فعل متباينة داخل عالم الفن، حيث أعرب بعض الجامعين عن استيائهم من الرسوم المرتفعة، في حين رحّب آخرون بتبسيط هيكل الرسوم.


هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من إرم بزنس

منذ ساعة
منذ 50 دقيقة
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ ساعة
قناة CNBC عربية منذ 12 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 3 دقائق
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 17 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ ساعتين
قناة العربية - الأسواق منذ 21 دقيقة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 3 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 12 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ ساعتين