أبل أكبر شركات العالم قيمةً تحظى بمحبة تصاحبها خشية جراء سيطرتها المكينة على "أيفون"، لكن إلى متى يستمر هذا؟. #الشرق_Businessweek

كانت حكاية فريق مستضعف هي أبرز ما في الذاكرة من بطولة سوبر بول لعام 1984، ولا نعني بذلك واحداً من فرق كرة االقدم الأميركية التي تنافست على أرض ملعبها. بل نعني شركةً كان لها إعلان عُرض خلال الربع الثالث من المباراة المتلفزة، التي تنازع فيها فريق لوس أنجلوس رايدرز مع حامل اللقب واشنطن ريدسكينز وتابعها 80 مليون مشاهد.

في الإعلان المستوحى من رواية 1984 لجورج أورويل، يظهر رتل من الرجال حليقي الرؤوس في زي موحد رمادي وهو اللون الذي طُليت به وجوههم. كانوا متجهين إلى مسرح به شاشة تلفزيون ضخمة تظهر عبرها شخصية الأخ الأكبر السلطوية، كما صوّرتها الرواية.

كان الأخ الأكبر يصدح ممجداً توحيد المجتمع ليكون واحة لعقيدة فكر نقي ، إلى أن قفزت شابة لترمي الشاشة بمطرقة هدم فهشمتها مسكتتةً صوت الديكتاتور، ثم جاء صوت آخر يقول: سترون لماذا لن يكون عام 1984 كما (رواية) 1984 .

هذا الإعلان، الذي روج لأول كومبيوتر ماكينتوش (Macintosh) من أبل ، أصبح أحد أشهر الإعلانات التجارية على الإطلاق، وفيه تمكن المخرج ريدلي سكوت من تحويل الانطباع عن الكمبيوترات بأنها أدوات عمل مملة إلى أنها أجهزة تعبّر عن هوية مستخدميها.

كان ستيف جوبز، أحد مؤسسي أبل ، وغيره من مديريها التنفيذيين الأوائل، يعتبرون أنفسهم متمردين وفنانين. قال ستيف هايدن، الذي ساعد في تصور الإعلان وعمل عليه عن كثب مع جوبز، إن الجهاز الذي يسمى اختصاراً ماك : كان يفترض أن يكون أداة تمكين" تجعل التقنية في أيدي الأشخاص العاديين بعد ما تركزت في أيدي الشركات والحكومات.

بعد أربعة عقود تحولت القوة الثورية للحوسبة الشخصية من إلهام إلى عبارة مكررة، ويُعتقد كثير من الناس أن أبل ساعدت عبر تعريفها للكمبيوتر الشخصي ولوريثه، الهاتف الذكي، في إتاحة المعلومات للجميع.

مع ذلك، فإن أحد الآثار الجانبية لهذا التأثير هو أن الشخصية المتمردة الشجاعة التي تواجه إمبراطورية الشر لم تعد تمثل أبل . إذ يزعم النقاد في هذه الأيام أن أبل هي من تستخدم التقنية لترسيخ سطوتها، وأن وجه رئيسها التنفيذي تيم كوك هو ما يلوح عبر تلك الشاشة.

الشركة الأكبر عالمياً لقد بلغت قيمة أبل السوقية 3.4 تريليون دولار، أي ما يفوق حجم أي شركة أخرى في العالم. وإيراداتها لعام 2023، التي ناهزت 400 مليار دولار، تجعلها توازي كامل حجم اقتصاد دولة كالدنمارك أو الفلبين. برغم أنه يسهل توقع أن معظم نشاطها يتمحور حول بيعها لأجهزة أيفون ، إلا أنه توسع كثيراً إلى ما هو أكثر من ذلك.

في الربع الأخير، بلغت مبيعات أبل من الخدمات الرقمية وحدها 24.2 مليار دولار، أي أكثر من مجموع إيرادات شركات أدوبي (Adobe) و إير بي إن بي (Airbnb) و نتفلكس و بالانتير (Palantir) و سبوتيفاي (Spotify) و زووم ومعهن إكس التي يسيطر عليها إيلون ماسك.

المدهش أن هذه الأرقام لا تفي لوصف نفوذ الشركة وقوتها، إذ أن أبل تسيطر عبر متجر التطبيقات على منصات هائلة للاتصالات الرقمية والخدمات المالية عبر الهاتف الذكي وكذلك الشبكات الاجتماعية والموسيقى والأفلام والنقل والأخبار والرياضة وأي شيء آخر رقمي، أي على كل شيء.

إن هذا النظام البيئي للبرمجيات لدى أبل ، وهو يكاد يكون صنواً لـ واحة عقيدة فكر نقي ، لا يمكن ولوجه إلا لمن يمتثل لسياسات متجرها الصارمة و"لإرشادات واجهة المستخدم البشرية" ذات الصلة، ومعايير المحتوى، والرسوم التي تتقاضاها.

عندما تمر الأموال عبر هذا النظام، كما يحدث باستمرار، تحصل أبل على ما يصل إلى 30%. وفي كل مرة تمرر "أيفون" أو ساعة "أبل" على جهاز دفع في العالم الحقيقي، تحصل "أبل" أيضاً على نسبة صغيرة من هذه المعاملات.

بالنسبة للشركات من حجم معين، لا توجد طريقة حقيقية للتهرب من دفع ما أصبح يُعرف باسم "ضريبة أبل". ويرجع هذا جزئياً إلى ولاء عملاء أبل ، لكن من أسبابه أيضاً أن هنالك متجراً واحداً آخر فقط لتطبيقات الهواتف الذكية على منصة أندرويد من "غوغل"، وهو يفرض رسوماً وقيوداً مشابهة.

حتى أن "غوغل" نفسها تدفع لشركة أبل ، وتحول جزءاً من عائدات الإعلانات التي تولدها على "أيفون" كجزء من صفقة ليبقى محرك بحث "غوغل" من الإعدادات المسبقة لمتصفحات أجهزة أبل" المتنقلة. وقد بلغت هذه المدفوعات 20 مليار دولار سنوياً.

ما بعد الاقتناء فيما مضى، كان شراء كمبيوتر يعني دفع ثمن جهاز تملكه تماماً، أما الآن فيعني شراء جهاز بسعر مرتفع، لا يقل عن 1000 دولار على الأقل في حالة اختيار أجهزة "أيفون" الأكثر تقدماً، ويلي ذلك إنفاق مئات الدولارات على الاشتراكات والإضافات الأخرى التي تعد اختيارية ولكنها تبدو ضرورية بشكل متزايد.

هنالك خدمات مثل أبل كير+ (+AppleCare)، التي يحتاجها المستخدم إن تهشمت شاشة جهازه مثلاً، و أيكلاود (iCloud) ليخزن صوره، زد على ذلك الرسوم الشهرية لاشتراكات الموسيقى ودروس اللياقة البدنية والبرامج التلفزيونية وألعاب الفيديو. كما يجب ألا ننسى المجلات، فيمكنك قراءة هذا المقال على (bloomberg.com)، لكن يمكنك ذلك أيضاً عبر الاشتراك في خدمة أخبار أبل .

بعد أن تقرأ هذا المقال عبر أيفون"، قد تعود لتزاول عملك عبر كومبيوتر ماك بوك (MacBook)، أو لتشاهد أفلاماً من إنتاج "أبل" عبر مشغل أبل تي في" (TV Apple)، أو لتقرأ كتاباً عبر جهاز أيباد (iPad)، أو لتذهب للجري وعلى معصمك ساعة أبل وتش (Apple Watch) فيما تستخدم سماعات إيربودز (AirPods). ولاحقاً ربما تستخدم نظارة أبل برو فيجن (Apple Vision Pro)، ما يجعلك لا تعايش الواقع دون وسيط صممه مهندسو الشركة في كوبيرتينو بولاية كاليفورنيا.

عموماً، لا يرى المستثمرون غضاضة في هذا الضرب من الهيمنة، وهذا ما يشي به سعر سهم "أبل" الذي ظل يرتفع طيلة عقد مضى. من ناحية أخرى، لدى الجهات التنظيمية بعض الأسئلة. قدمت وزارة العدل الأميركية في مارس شكوى مكافحة احتكار واسعة اتهمت فيها "أبل" بممارسات مقوضة للمنافسة أدت إلى تكبيل المستهلكين والشركاء إلى أعمدة نظامها البيئي وجني مبالغ متزايدة من كلتا المجموعتين.

هيمنة "أبل" إن شكوى مكافحة الاحتكار هذه طويلة ومعقدة، لكنها تتلخص في نقطة مألوفة لدى منتقدي الشركة. كما قال أحد المديرين التنفيذيين السابقين، الذي تحدث كما غيره من الموظفين السابقين مشترطاً عدم كشف هويته خشية الانتقام: "لقد بدأوا يصبحون هم الأخ الأكبر". أنكرت "أبل"، كما هو الحال في قضايا مكافحة الاحتكار المشابهة المرفوعة في دول أخرى، ارتكاب أي مخالفات، وقالت إن نجاحها يأتي من ابتكار منتجات مبتكرة سهلة وممتعة للاستخدام، خاصة عند الجمع فيما بينها.

وقال متحدث باسم الشركة في بيان: نحن نحمل نفس الروح الرائدة والمغامرة في مهمتنا هذه كما كان حالنا دائماً، وكل ما نفعله هو أننا نصنع منتجات لتمكين الناس وإثراء حياتهم يختار الناس منتجات (أبل) لأنهم يحبونها ويثقون بها ويستخدمونها يومياً".

اكتسبت القضية أهمية أكبر في أغسطس، عندما حكم قاضٍ اتحادي ضد "غوغل" في قضية منفصلة لها ارتباط جزئي باتفاقية محرك البحث مع أبل ، وقد أعلنت "غوغل" أنها ستستأنف.

عند النظر إلى كلتا القضيتين، نجدهما تثيران تساؤلات بشأن نظرتنا إلى بعض أنجح شركات التقنية في العالم. كيف أصبحت الشركات، التي كانت تُعتبر على نطاق واسع على أنها ثقل على الكفة المقابلة لهيمنة الشركات، نفسها في مواقع قوة ونفوذ تكاد تكون من عالم آخر؟ وكيف اتُهمت "أبل"، التي لطالما اعتبرت نفسها مدافعة عن حرية التعبير، بنفس تكتيكات رواية أورويل التي سخرت منها ذات يوم؟ هل تنبع قوة "أبل" من قوة منتجاتها المحبوبة أم من الطريقة التي صممت بها الشركة تلك المنتجات لإقصاء المنافسين؟

إجابات هذا ستكون لها آثار على حملة أسهم "أبل". تواجه الشركة نزاعات مع قائمة متزايدة من الشركاء، بما في ذلك البنوك وصناع الأفلام ومصنعو السيارات ومطورو التطبيقات والعملاء، وقد بدأ أولئك يشتكون من أن "أبل" ربما لم تعد تلك القوة الإبداعية التي أحبوها قبل سنوات أو عقود. والآثار المترتبة على بقيتنا من غير المساهمين كبيرة بنفس القدر، فقد بتنا جميعاً نعيش في عالم أبل إلى حد غير مسبوق ونبدو مصرين على ذلك.

اختلاف الحاضر عن الماضي المفارقة هنا أن نجاح "أبل" المبكر جاء من انفتاحها. برغم أن كومبيوتر ماك يعمل بنظام تشغيل يحد نظرياً ما يمكن لمطورين من خارج الشركة فعله، إلا أنه في ذروة القرص المرن، كانت القيود قليلة والرقابة ضئيلة.

بول برينارد، مؤسس شركة ألدوس (Aldus)، الذي أنقذ برنامجه بيج ميكر (PageMaker) كومبيوتر ماك من أن يعتبره المستهلكون مجرد لعبة مترفة سعرها 2495 دولاراً، قال إنه لا يتذكر أنه رأى النسخة الأصلية من إرشادات واجهة المستخدم لشركة "أبل" في ذلك الوقت. وقال: جاء مندوب مبيعات (أبل) إلى مكاتبنا حاملاً جهازي (ماك) في شاحنته وقال خذهما وافعل بها ما تريد . هكذا كان الحال كما يتذكره الرجل، الذي أحدث بعد فترة قصيرة من ذلك مفهوم النشر المكتبي ، أي أن تنتج نصاً عبر كومبيوتر وتطبعه، وكان ذلك ثورياً من حيث إنتاج الروايات والصحف والمجلات بل حتى إعداد تقارير أداء تلاميذ المدارس الابتدائية.

أُقصي جوبز، المدافع عن السيطرة الصارمة على أجهزة وبرامج "أبل" المتكاملة، عن الشركة التي شارك في تأسيسها في 1985، وهو العام الذي صدر فيه بيج ميكر . وعندما عاد إليها بعد 12 عاماً، كان بحاجة ماسة إلى مطورين لصنع أشياء لجهاز أي ماك (iMac) الجديد، فبقيت سيطرة الشركة فضفاضة لفترة من الوقت.

في محفل للشركة في نيويورك قبل شهر من إصدار أي ماك في 1998، تفاخر جوبز بأن الشركة تمكنت من جمع 177 تطبيقاً من إنتاج أطراف أخرى. كان هذا ضئيلاً جداً بمعايير "أبل" الحالية، لكن جوبز وصفه حينها بأنه "إنجاز ضخم".

إن البرمجيات تندمج مع الأجهزة سيصبح الخط الفاصل بين الأجهزة والبرامج أدق فأدق فأدق

مع تزايد رواج منتجات الشركة، بدأت علاقاتها مع المطورين تتغير. وفي أوائل الألفية، أحبطت أبل محاولات شركات أخرى لبناء متاجر رقمية لها لتبيع الموسيقى مباشرة لمستخدمي جهاز أيبود (iPod). وبذلك حظي الزبائن ببساطة التعامل؛ فقد كانوا يشترون الأغاني عبر أيتيونز (iTunes) مقابل 99 سنتاً لكل منها، ويمكن القول إن ذلك ساعد في نجاح أيبود ، كما ضمن أن تحصل "أبل" على حوالي ثلث عوائد المبيعات. أصبحت ضريبة" 30% هي القاعدة في عصر أيفون"، ليس فقط لناحية الأغاني، بل شملت جميع البرامج التي تُباع عبر متجر التطبيقات.

من وجهة نظر "أبل"، كانت هذه العمولة أكثر من معقولة نظراً لتكاليف إدارة السوق الكبيرة. وقال برينارد إن 30% هي تافهة مقارنة بالتخفيضات التي قدمها لتجار التجزئة كي يسوقوا برمجياته، وقد كانت حينها تأتي على شكل علب تُباع في متاجر حقيقية.

أمان الأجهزة بفضل واجهة المتجر الافتراضية هذه، تمكن جوبز من جعل مزيد من إرشادات أبل إلزامية. وأصبح لزاماً على مطوري البرامج اعتباراً من 2008 إرسال كل تطبيق أوتحديث إلى فريق مراجعة أبل قبل أن يتمكنوا من تقديمه لمستخدمي "أيفون"، وهي عملية اعتبرتها أبل أساسيةً للحفاظ على جودة الجهاز وأمانه.

كان مطلوباً من مجموعة كبيرة من الموظفين يجلسون قبالة شاشات كومبيوترات من طراز أيماك أن يقيّموا ما بين 30 و100 تطبيق يومياً، وأن يرفضوا البرامج الرديئة أو الاحتيالية أو الفاحشة أو غير المقبولة. وكان جوبز. رئيس الشركة التنفيذي حينها، يوبخ فريق المراجعة بنفسه إن وجد أنهم وافقوا على تطبيق يعتبره غير مقبول، حسب قول رئيس الفريق آنذاك فيليب شوماكر.

بيّن أربعة من مراجعي التطبيقات السابقين عملوا لدى أبل خلال العقد الأول من القرن، أن لوائحها بدت عشوائية ومُعدة لتناسب مصالحها المالية. فيما تقول أبل إن المراجعين يستندون في قراراتهم إلى إرشادات أبل، وليس إلى معاييرهم، وأن متجر التطبيقات خفض بشكل كبير الحواجز أمام المطورين ليصلوا إلى المستهلكين ويكسبوا المال.

مع ازدياد قواعد "أبل"، أصبح تدريب المراجعين الجدد يستغرق أحياناً شهرين أو أكثر. وأصبحت الشركة تدقق بشكل غريب في بعض التفاصيل، فقد أمرت في وقت ما بالتوقف عن قبول تطبيقات معدة لإحداث أصوات تجشؤ وما يشابه ذلك وكذلك البرامج التي تجعل الجهاز يعمل كمصباح يدوي، وتلك التي تتضمن إرشادات كاماسوترا ، وعزت ذلك لكثرة أعداد ما أُنتج منها. لكن تعليماتها أتت غامضة في بعض النواحي، فقد كانت تقضي بتجنب التطبيقات "المعقدة أو التي ليست جيدةً جداً .

رسائل الرفض كما حظرت "أبل" طرقاً مبتكرةً تهدف لإضافة عمليات شراء داخل التطبيق أو اشتراكات كان من شأنها أن تتيح للمطورين أن يتحاشوا حصتها المفروضة. كانت الرسائل الإلكترونية للمطورين لإبلاغهم برفض تطبيق تفتقر للشفافية وشحيحة من حيث ما تتضمنه من معلومات عن كيفية تصحيح المشاكل التي تعتري البرنامج.

قالت "أبل" إن فريق المراجعة لديها كان يجري أكثر من 1000 مكالمة أسبوعياً مع المطورين لمساعدتهم في حل مشاكل الامتثال وأن هناك إمكانية استئناف لمن يشعرون أنهم رُفضوا بشكل غير عادل.

حققت معايير جوبز الصارمة المرجو منها، وكذلك كان شأن ميله إلى الاستعراض، الذي تجسد في استخدامه الساخر لعبارة ثمة شيء آخر" ليسترعي اهتمام كبريات المؤسسات الإخبارية إلى فعاليات الإطلاق. لدى وفاته في 2011، صار متجر التطبيقات اقتصاداً ضخماً بحد ذاته. فقد أدرج أكثر من نصف مليون 50 تطبيقاً لجهازي "أيفون" و أيباد . في ذلك العام، باعت "أبل" 72 مليون"أيفون" و32 مليون أيباد ، وارتفعت قيمتها السوقية إلى حوالي 400 مليار دولار، أي نحو ضعف قيمة شركة مايكروسوفت .

إن لم تبلغ الأربعين من العمر فسيصعب عليك تخيل مدى التغيير المذهل الذي وقع. على مدى جيل كامل، كانت أجهزة كمبيوتر "أبل" هي الأضعف، وكانت تعتبر مرتعاً للأطفال ومصممي الرسوميات وكارهي بيل غيتس.

عشية الإعلان عن أيفون ، أي قبل خمس سنوات من وفاة جوبز، كانت قيمة "مايكروسوفت" ما تزال تعادل أربعة أضعاف أسهم أبل" مجتمعةً. لكن اليوم أصبح المستضعف سيداً، فأتى اختيار خليفة جوبز على أرضية للحفاظ على هذه المكاسب فلم يكن تيم كوك خبيراً في التصميم، ولم يكن يُعتبر شديد الاهتمام بالجانب الإبداعي من العمل.

كما كان واضحاً أنه لم يشارك جوبز في ازدراء انعدام التباين بين أجهزة الكمبيوتر الشخصية ذات الألوان الرملية. بل كان كوك رجلاً يهتم بالعمليات ويحرص على خفض التكاليف. وكان المسؤول عن سلسلة توريد الأجهزة لدى أبل ، وهو دور تدرب عليه عبر خبرته فيه لدى شركتي كومباك و آي بي إم ، التي كانت القوة العظمى في مجال الحوسبة وهي التي ألمحت أبل في إعلان 1984 إلى أنها الأخ الأكبر .

عهد تيم كوك بالنسبة لجوبز ومساعديه، كانت النتائج التي حققها كوك تجعله يجمع بين عبقري وصانع معجزات، فقد خفض مخزون المستودعات مما يكفي لمدة شهر إلى ما يكفي ليوم واحد، فقضى بذلك على المخاطر المكلفة التي قد تنشأ عن الإفراط في الإنتاج.

كما حول سلسلة توريد أبل إلى قوة كبيرة مبنية حسب الطلب تنافس ديل ، التي كانت المعيار الذهبي للكفاءة آنذاك. كما أنه تفاوض مع شركة التصنيع فوكسكون ، التي تتخذ في تايوان مقراً لها، بغرض تجميع أجهزة الشركة في الصين لقاء مبالغ تقل كثيراً عن تكاليف تصنيعها بواسطة عمال لدى أبل في مكان آخر.

كل هذه الأشياء صبت في مصلحة أبل ، فاستطاعت أن تصنع هواتف راقية بتكلفة ضئيلة، فيما كانت تبتلع غالبية أرباح صناعة الهواتف الذكية العالمية. من ناحية أخرى، شهد موردو الشركة شيئاً يشبه ما يسمى "تأثير وول مارت ، وهو مصطلح صيغ ليصف الاضطراب الناتج عن إغراق شركة أو مجتمع صغير بكمية هائلة من الأعمال وكانت لذلك نتائج كارثية في بعض الأحيان.

ندد موظفو فوكسكون ، ومعظمهم من المهاجرين الشباب، بشدة تدني الأجور مع كثرة ساعات العمل في ما وصفوه هم ودعاة حقوق الإنسان بمعسكرات العمل، ،كان ينام 10 عمال في غرفة واحدة.

أزمة انتحار عمال "فوكسكون" خلال النصف الأول من 2010، انتحر ما لا يقل عن عشرة من عمال فوكسكون . قال أحد العمال لـ بلومبرغ نيوز حينئذ: إنني أحس بخواء داخلي، فليس لي مستقبل". رفعت فوكسكون الأجور، وأقامت خطاً ساخناً للتوعية والإرشاد كما نصبت شبكات لمنع الانتحار تردياً، فأعلنت أبل أن الأزمة قد حُلّت. لكن في السنوات التي تلت ذلك، أصبحت انتقادات نشطاء العمل حدثاً منتظماً.

لكن المدافعين عن أبل زعموا أن الشكاوى المقدمة ضد فوكسكون ربما كانت تنطلق من نوعية حياة العمال الفقراء في الصين أكثر من ارتباطها مع أبل ، التي لم تكن مهووسة على الدوام بدفع أقل الأجور الممكنة، فقد جمعت جهاز ماك الأصلي في فريمونت بولاية كاليفورنيا دون أن تعير بالاً لذلك.

وجدت فوكسكون ومساهموها أن شراكتها مع "أبل" مربحة جداً، برغم أن الموردين الأقل أهمية اشتكوا من التكتيكات التي كان عدم الاكتراث ألين وصف لها، حيث بلغ الأمر أن وصفها بعضهم بأنها افتراسية.

كانت أشهر هذه الحالات شركة جي تي أدفانسد تيكنولوجيز (GT Advanced Technologies)، التي وقعت صفقة مع "أبل" في 2013 لفتح مصنع في ميسا بولاية أريزونا بغرض تصنيع الياقوت في مسعى لجعل شاشات "أيفون" شديدة التحمل.

لم يكد يمضي عام حتى طلبت الشركة الحماية من الإفلاس، وفي إعلانها ذلك، لام أحد مسؤوليها التنفيذيين "أبل" بسبب "استراتيجية الجذب والاستبدال الكلاسيكية" والتسعير الدكتاتوري الذي حمّلها جميع المخاطر، وزعم أن أبل طالبتهم ذات مرة بألّا يكونوا أطفالاً وأن يقبلوا بالاتفاقية .

لم تر شاشات الياقوت النور، وعارضت أبل" توصيف جي تي أدفانسد للمشكلة وعزتها لسوء إدارتها ومضت قدماً. توصلت جي تي أدفانسد في وقت لاحق إلى تسوية، دون الاعتراف بارتكاب أي مخالفات، في دعوى قضائية رفعتها ضدها لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية بتهمة تضليل المستثمرين. كما توصلت "أبل" إلى تسوية في دعوى قضائية جماعية رفعها مستثمرو جي تي أدفانسد وأنكرت ارتكاب أي مخالفات.

في العقد الذي تلا ذلك، بزغت ظاهرة متكررة. كانت "أبل" توقع اتفاقية طويلة الأجل مع مورد أحد المكونات الرئيسية بينما تعمل سراً على تصميم بديل له بنفسها يلغي أهمية المورد لديها في نهاية هذا المطاف.

في 2017، على سبيل المثال، أبلغت أبل شركة إيماجينيشن تكنولوجيز (Imagination Technologies)، التي كانت تقدم تصميمات لمعالجات رسوميات "أيفون"، أنها تبني نسختها الخاصة من شرائح معالجة الرسوميات تلك. ادعت إيماجينيشن أن الشريحة البديلة تنتهك براءات اختراعها بدرجة تبلغ حد السرقة. وافقت "أبل" لاحقاً على صفقة ترخيص جديدة، لكن بحلول ذلك الوقت، انهار سعر سهم إيماجينيشن وبيعت لشركة أسهم خاصة تدعمها الصين.

وداعاً "إنتل" بعد ثلاث سنوات، كشفت "أبل" أنها بصدد إنهاء شراكة طويلة مع شركة إنتل ، واختارت بدلاً من ذلك استخدام ما أسمته أبل سيليكون ، وهي رقائق صممتها داخلياً وصُنعت بواسطة تايوان سيميكوندكتر مانيوفاكتشورينغ ، وهي منافسة إنتل . كان هذا القرار مفهوماً، وكانت شركات التقنية.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اقتصاد الشرق مع Bloomberg

منذ ساعتين
منذ 4 ساعات
منذ 38 دقيقة
منذ 3 ساعات
منذ 46 دقيقة
منذ ساعتين
قناة CNBC عربية منذ 16 ساعة
قناة CNBC عربية منذ ساعتين
قناة CNBC عربية منذ 6 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 4 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 11 ساعة
فوربس الشرق الأوسط منذ 7 ساعات
صحيفة الاقتصادية منذ ساعة
قناة CNBC عربية منذ 4 ساعات