حكايات| الإمام المراغي.. «المجدد» الذي رفض فتوى الملك

كتب: حسن حافظ

في تاريخ كل مؤسسة عريقة مثل الأزهر الشريف شخصيات لعبت دورا فاصلا فى مسارها، والشيخ مصطفى المراغي من أهم الشخصيات التى مرت على تاريخ الأزهر فى القرن العشرين، والرجل الذي حمل على عاتقه رفع راية التجديد والإصلاح والإحياء فى الأزهر فى وقت صعب، إذ ارتفعت أصوات تهاجم الأزهر وتطالب بإلغائه، وسعى الاحتلال البريطانى إلى تضييق الخناق على المؤسسة الدينية، وحاول الملك إجبار الأزهر للموافقة على نزواته، لكن المراغى استطاع أن يخرج منتصرا من كل هذه المعارك، وأن يحفظ للأزهر كرامته، وأن يرد تدخلات الملك والاحتلال، فحظى باحترام الجميع؛ خصومه قبل أنصاره.

ولد محمد مصطفى المراغى فى مراغة بمحافظة سوهاج عام 1881، أى قبل عام واحد من الاحتلال البريطانى لمصر، وتلقى تعليمه الدينى فى الأزهر الشريف، حيث التقى بالإمام محمد عبده الذى مثلت علاقته به نقلة فى فكره وأمده بنفس إصلاحى فكان من فرسان مدرسة التجديد والإصلاح داخل الأزهر الشريف، وظهر نبوغه العلمى مبكرا فحصل على شهادة العالمية العام 1904، وهو فى الرابعة والعشرين من عمره، وهى سن صغيرة بمقاييس هذا الزمن، بعدها أرسل إلى السودان ليعمل قاضيا به ويبدأ فصلا جديدا فى حياته.

الملكة فريدة اعترفت بموقفه الشجاع والنبيل في أزمتها

قاد الإصلاح الديني في السودان ودشن مرحلة جديدة في الأزهر

كفاح في السودان

عمل المراغى قاضيا لمديرية دنقلة ثم فى مديرية الخرطوم، وكان فى هذه الفترة على تواصل مستمر مع أستاذه الإمام محمد عبده حتى وفاة الأخير فى العام 1905، وبعد أن فقد المراغى نصيره الأول وأستاذه الكبير قابلته صعوبات فى عمله في السودان بسبب سياسات الاحتلال البريطانى الرامية لفصل السودان عن مصر، فاستقال من منصبه وعاد إلى مصر، لكنه عاد منصورا إلى السودان فى منصب قاضى القضاة 1908، واشترط لتعيينه فى المنصب أن يصدر قرار التعيين من خديو مصر الحاكم الشرعى للبلاد، لكى لا يحصل على تعيين من الاحتلال البريطانى الذى كان يؤسس لسياسة الفصل بين أبناء البلد الواحد.

في السودان بدأ المراغى فى تطبيق أفكاره الإصلاحية، فعمل على ترقية أوضاع القضاء والقضاة فى السودان، واستجلب عددا من علماء الأزهر ومدرسة دار العلوم لتنفيذ خطته، كما دخل فى صراع مع الاحتلال البريطانى لاستعادة أوقاف الجامع الرئيسى بالخرطوم، ونجح فى مهمته على أكمل وجه واستكمل بناء الجامع الذى يعرف باسم (أرباب العقائد) و(جامع الملك فاروق)، وظل يمارس مهام وظيفته على أكمل وجه وباستقلالية كاملة، حتى اندلعت ثورة 1919 فى مصر، فأعلن انحيازه لها، وقاد المظاهرات فى الخرطوم تأييدا لها، وأخذ فى جمع التوقيعات لصالح زعيم الثورة سعد زغلول، هنا ثارت ثائرة الاحتلال، فتقرر منحه إجازة عاجلة مفتوحة من منصبه وإعادته إلى مصر، وهنا انتهت المرحلة السودانية من مشوار الشيخ المراغى الذى عاد إلى القاهرة وانخرط فى ملفات إصلاح الأزهر، فأصبح أحد أبرز من يشار إليهم فى هذا المجال، فرشح لتولى مشيخة الأزهر.

مشيخة الأزهر

تولى الشيخ المراغى مشيخة الأزهر الشريف فى مايو 1928، حتى أكتوبر 1929، كان وقتها فى السابعة والأربعين من عمره، مما يجعله أصغر من تولى المشيخة فى العصر الحديث، ولم يكن توليه المنصب إلا تتويجا لرسالته الداعية لضرورة الاجتهاد فى الدين والعلم، ومواكبة العصر فى نظم التعليم وطرق الفهم، فأعلن أن هدفه من تولى المنصب ليس الجاهة أو التفاخر بالمنصب بل العمل على إصلاح الأزهر ومناهجه وطرق التدريس فيه، أى حمل راية التجديد فى الأزهر الشريف، وسط مطالب كثيرة بالتجديد فى المؤسسة التى كانت تعانى من أهواء سياسية تتلاعب بها وتجعل عملية الإصلاح والتحديث أسيرة الصراع بين الملك والاحتلال البريطانى والأحزاب السياسية.

عندما تولى المراغى مشيخة الأزهر وجد الأخير على حاله من الجمود، "فأعلنها كلمة صريحة أنه يريد فى الأزهر إصلاحًا يقضى على كل أثر فيه للجمود، ويفتح فيه باب الاجتهاد فى الدين والعلم، ويصير به إلى حياة جديدة تناسب هذا العصر، فقامت عليه قيامة أنصار الجمود فى الأزهر، ولكنه صمد لهم ولم يبال بثورتهم عليه، ومضى فى طريقه إلى الإصلاح، ومن خلفه أنصار الإصلاح فى الأزهر على قلتهم، وكانوا فى ذلك الصراع أعلى كلمة، وأقوى دليلًا، وأنهض حجة". هكذا وصف الشيخ عبد المتعال الصعيدى فى كتابه (تاريخ الإصلاح فى الأزهر)، ولكلمته أهميتها هنا إذ كان معاصرا لهذه الأحداث، بل كان مشاركا فى دعوة الإصلاح مع الشيخ المراغى وداعما له، وتناقش معه فى الإصلاح، ويكشف لنا أن الشيخ المراغى كان يرى صعوبة الموقف لذا كان يرى أن الإصلاح يؤخذ بالتأنى والتمهل.

إصلاح التعليم

وكتب الشيخ المراغى مذكرة فى إصلاح الأزهر، أكد فيها أن جهود إصلاح الأزهر فى العشرين سنة الماضية على تاريخ المذكرة لم تعد بفائدة تذكر فى إصلاح التعليم الأزهرى، وأنه قد صار من المحتم لحماية الدين لا لحماية الأزهر أن يغير.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من بوابة أخبار اليوم

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بوابة أخبار اليوم

منذ 11 ساعة
منذ 3 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 7 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 4 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 4 ساعات
موقع صدى البلد منذ 6 ساعات
موقع صدى البلد منذ 13 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 7 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 6 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 11 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 16 ساعة