د علي محمد فخرو
شغلتنا أحداث الوطن العربي المأساوية، طوال الأسبوعين الماضيين، عن إتمام مناقشة الباقي من المداخل الضرورية لبناء الحداثة العربية الذاتية. وكنا قد ذكرنا بأن المدخل الأول الضروري هو انتقاء المكونات القيمية والأخلاقية الإنسانية والدينية المستنيرة المبثوثة في التراث العربي الإسلامي، وأبرزنا بعضاً من أهمها.
اليوم سنناقش مدخلاً ثانياً بالغ الأهمية، كمنهج قانوني وتنظيمي ميسر لبناء مكونات تلك الحداثة النهضوية العربية التي ننشدها، ألا هو توفّر أسس ونظم وممارسات الديمقراطية في تنظيم المجتمع العربي وقيام دولته. ونقترح أن يكون العرض ضمن المعطيات التالية:
{ أولاً حسم موضوع الخلاف العبثي بشأن وجود تعارض بين نظام الشورى الإسلامي والنظام الديمقراطي الحديث. فمنذ القرن التاسع عشر أكّد مفكّرو النهضة والإصلاح، أمثال رفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي والكواكبي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا، وغيرهم كثيرون، مقاربة الديمقراطية من مبادئ الشورى، ومقاربة الشورى من ضوابط منهجية وممارسة الديمقراطية المعاصرة.
ولعل الشيخ الأزهري الشهير محمد الغزالي أفضل من لخّص عبثية النقاش بقوله: «إن الشورى لا علاقة لها بالعقائد والعبادات والحلال والحرام.. ومع أن ذلك معلوم لدارسي أصول الفقه، فإن من هواة الكلام في الإسلام جماعة رفضت أن تكون الأمة مصدر السلطات ؛ لماذا؟ لأن الحاكمية لله لا للشعب. وظاهر أن ذلك لعب بالألفاظ، أو جهل بالتشريع، أو خدمة للاستبداد السياسي». ويؤكد الكثيرون من جيل المفكرين الإسلاميين الجدد أن نظام الحكم في الإسلام ليس نظاماً ثابتاً فصّلته النصوص... لكن القرآن والسنة المؤكدة يؤكدان مبادئ الشوري في تقرير أمور المجتمع، ومبدأ مسؤولية الحكام عن أعمالهم، ومبدأ سيادة التشريع على كل سلطة وجماعة، ومبدأ احترام حقوق الأفراد وحرياتهم، وجميع ذلك في صلب الديمقراطية الحديثة، وذلك قبل أن تحدث التراجعات الكثيرة في مسيرتها في السنين الأخيرة، والتي تجعلنا نتكلم عن أهمية تواجد ديمقراطية مختلفة عما هي عليه في الحضارة الغربية الحالية.
ولعلّ من أهم نتائج تلك المناقشات التأكيد على أن الشورى.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الخليج الإماراتية