فريدريك جيمسون... آخر المثقفين الكلاسيكيين

ربما لم يكن الناقد الأدبي الأميركيّ البارز، فريدريك جيمسون (1934 - 2024) الذي رحل في الثاني والعشرين من الشهر الماضي عن 90 عاماً، من طينة المثقفين العامين الذين يهوون إثارة الجدل والظهور، ولكن برحيله يسدل الستار عملياً على فكرة المثقف الكلاسيكي الملم بشكل شمولي بثقافة عصره، والقادر على تقديم تصور نظري عابر لصناديق التخصص الأكاديمي الدقيق، التي عرفناها بداية مع عصر النهضة بأوروبا من خلال شخصيات مثل ليوناردو دافنشي ونيقولا ميكافيللي وفيليبو برونليسكي، واستمرت إلى النصف الثاني من القرن العشرين عبر أسماء مثل جان بول سارتر، وميشيل فوكو، وجاك دريدا، وإمبرتو إيكو.

بدأ جيمسون الذي ولد في كليفيلاند بالولايات المتحدة مشواره الفكريّ بحصوله على الإجازة الجامعيّة الأولى في اللغة الفرنسيّة من كليّة هافرفورد قبل أن يسافر إلى أوروبا لفترة وجيزة، حيث وسع معرفته هناك بأعمال مفكري ما بعد الحرب العالمية الثانية، لا سيما البنيويين الفرنسيين ورواد الفلسفة القاريّة. وتركزت أبحاثه وقتها على النظريّة النقديّة التي أنتجتها مدرسة فرنكفورت ومن تأثروا بأعمالها، بمن في ذلك جان بول سارتر، وجورج لوكاتش، وثيودور أدورنو، ووالتر بنيامين، ولويس ألتوسير، وهيربرت ماركوز. وقد عاد بعدها إلى جامعة ييل بالولايات المتحدة حيث منح في 1959 درجة الدكتوراه على أطروحة حول أسلوب سارتر.

دراسته لسارتر قادته إلى تعميق معرفته بالماركسيّة - وبالتبعيّة النظريّة الأدبيّة الماركسيّة - لا سيّما أن الفيلسوف الفرنسيّ الشهير كان يعد النقد الثقافيّ فضاء أساسيّاً للفكر الماركسي. وما لبث جيمسون أن شرع يتموضع سياسياً في فضاء اليسار الغربيّ الجديد، وحركات النضال السلميّ، واحتفى بالثورة الكوبيّة التي عدّها علامة على أن «الماركسية ليست حيّة فحسب، وإنما هي كذلك قوّة ملهمة للحراك الاجتماعي ومنتجة ثقافياً». وبعد عودته إلى الولايات المتحدة شارك (في 1969) بتأسيس ما عرف بالمجموعة الأدبية الماركسية مع عدد من طلاب الدراسات العليا بجامعة كاليفورنيا، بسان دييغو، وتزامل لبعض الوقت مع هيربرت ماركوز في أثناء تدريسهما في جامعتي هارفارد وكاليفورنيا.

بعد رسالته للدكتوراه عن سارتر، واصل الكتابة عن مفكرين أوروبيين آخرين؛ أمثال أدورنو وألتوسير، ليس بالضرورة تبنياً لمقارباتهم بقدر سعيه إلى تحديد موقع تلك المقاربات في الجدل حول البنية الاجتماعية وعلاقتها بالمنتجات الثقافية، وفي ذلك نشر (الماركسيّة والشكل 1971) و(سجن اللغة: قراءة نقديّة للبنيوية والشكليّة الروسيّة 1972)، لينتقل بعدها للخوض في اللغة والسيميائيّة والمرحلة الثقافية التي سماها الرأسماليّة المتأخرة.

لقد نقل هذا الجيل من المفكرين الماركسيين الغربيين النقد الماركسيّ من المنظور التقليديّ الذي اعتمد على فكرة أن «البنية الفوقية الثقافية» للمجتمعات تحددها أساساً القاعدة الاقتصادية، إلى مرحلة تبني تحليل نقدي للثقافة بوصفها أيضاً ظاهرة تاريخية واجتماعية، إلى جانب «علاقات الإنتاج» و«توزيع الثروة» الاقتصاديَيْن، وما يرتبط بذلك من علاقات القوة السياسية. لكن إذا أصبح النقاد الماركسيون قادرين على.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الشرق الأوسط

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الشرق الأوسط

منذ 6 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 10 ساعات
صحيفة الشرق الأوسط منذ 20 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 9 ساعات
قناة العربية منذ 4 ساعات