حكايات| أصحاب الفضيلة والاحترام «2».. ابن عبد السلام «عز الرجال» الذي أذل المماليك

كتب: حسن حافظ

مرت على المسلمين منعطفات خطيرة على مدار قرون عديدة، كتب لهم فيها النجاة بفضل مجموعة من الأشخاص الذين ثبتوا في وجه العاصفة حتى انجلت، فحققوا فضيلة الثبات على الموقف رغم المغريات، فنالوا احترام الخصوم قبل المؤيدين بسبب هذه المواقف التى كانوا خلالها مشاعل نور وسط الظلام، وبفضلهم عرف المسلمون طريقهم السوى ومضوا قدما بلا عوج، فكانوا أصحاب الفضيلة والاحترام، وفى هذه السلسلة نتذكر عددا منهم، خلال أيام شهر رمضان المعظم، نستعيد ذكراهم العطرة، ونكشف عن مواقف غاية فى النبل والتضحية حتى ولو كانت أمام السلطان.

هناك شخصيات يتوقف عندها التاريخ، تحظى باحترام الجميع وتقدير المعاصرين، تصنع الحدث بتمسكها بمواقفها وعدم رضوخها للمغريات بغض النظر عن حجمها، ويزخر تاريخ المسلمين بالعديد من هؤلاء الفقهاء الذين وقفوا وصدعوا بالحق فى وجه السلطان، ورفضوا أن ينحنوا أمام العاصفة، وإذا حاولنا أن نستدعى شخصية تعبر عن هذه القيم سيأتى على الخاطر فورا شخص شيخ الإسلام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام، المعروف اختصارا بالعزّ بن عبد السلام، والملقب بسلطان العلماء.

واجه ألاعيب متشددي الحنابلة بحزم فدخل في صدام مع الأشرف الأيوبي

أصدر فتوى بتحريم بيع السلاح للصليبيين بسبب تحالف حاكم مسلم معهم

العزّ غادر دمشق إلى القاهرة بحثا عن حرية التعبير عن أفكاره دون تدخل أو مصادرة

واجه المماليك بحقيقة أصلهم وقرر بيعهم بالسوق ورد أيديهم عن ظلم الرعية

السلطان بيبرس تنفس الصعداء بعد وفاة العزّ وقال: بدأ حكملي الفعلي

عاصر ابن عبد السلام (577- 660 هجريا/ 1181- 1262 ميلاديا) فترة شديدة الصعوبة والتقلبات فى مجتمع المسلمين، فقد ولد فى دمشق فى قلب حروب صلاح الدين الأيوبى ضد المشروع الصليبي، وعاش العزّ طفولته وشبابه على سماع أنباء حروب السلطان الأيوبي وانتصاراته، ثم شاهد انقسام البيت الأيوبى بعد وفاة صلاح الدين، وكيف ضاعت فرصة القضاء على الخطر الصليبى مبكرا، ثم أدرك فى كهولته بداية الخطر المغولى الذى عصف ببلدان الشرق الإسلامى، وتمدد حتى وصل إلى الشام وهدد مصر.

البدايات

في خضم هذه الأحداث الجسام عاش ابن عبدالسلام سنوات عمره، فنشأ منخرطا فى الحياة العامة ومتابعا لأمور السياسة، وكيف لا والزمن من حوله زمن حرب على الإسلام، فمجتمعات المسلمين مهددة وضرورة وجود حاكم قوى يحمى بيضة الإسلام ليست رفاهية، لذا ركز العزّ على الجوانب الأكثر تفاعلا فى حياة المسلمين، ورغب دوما فى توحيد صفوف المجتمع فى مواجهة الأخطار التى تواجهه، ورغم أنه شافعى فى الفروع وأشعرى فى الأصول إلا أنه لم يرغب فى أن يجعل من المذهبية سلاحا للفرقة، بل عمل على توحيد الصف دوما، والتنبيه على حكام عصره بضرورة نبذ الخلاف على متاع الدنيا وتوحيد الصفوف والجيوش فى مواجهة عدوهم وعدو الإسلام.

ودخل العزّ العلم فى سن متأخرة، لكنه نبغ فيه سريعا، فكان «أعلم أهل زمانه ومن أعبد خلق الله تعالى» بحسب شهادة معاصريه، وأصبح محج طلبة العلم، وأصبح ممن ينظر إلى أنه حصل رتبة الاجتهاد، فهذا ابن العماد الحنبلى يقول فى كتابه (شذرات الذهب فى أخبار من ذهب) عن ابن عبد السلام: «وبركاته فى الفقه والأصول والعربية، وفاق الأقران والأضراب، وجمع بين فنون العلم من التفسير والحديث والفقه واختلاف أقوال الناس ومآخذهم، وبلغ رتبة الاجتهاد».

اقرأ أيضًا | أحمد مدحت سليم: «قاهرة المماليك» يتناول الأثر والظل الممدود

أولى المعارك

لم تمر إقامة العزّ في دمشق بهدوء، إذ عكر صفو أيامه الصراع بين الحنابلة والأشاعرة فى الشام تحت الحكم الأيوبى. فمع زيادة الهجوم اللفظى من متشددى الحنابلة على علماء الأشاعرة، أصبحت العلاقات على درجة كبيرة من التوتر حتى أن فخر الدين بن عساكر «كان لا يمر بالمكان الذى فيه الحنابلة ورعا، لئلا يأثموا بالوقيعة فيه، إذ هو من كبار الأشاعرة الشافعية»، بحسب ما ينقل لنا تاج الدين السبكى فى كتابه (طبقات الشافعية الكبرى).

وقد وصلت الأمور إلى ذروتها بمحاولة الحنابلة فى دمشق الاستقواء بالملك الأشرف موسى الأيوبى ضد العزّ بن عبد السلام، لأن الأشرف كان يميل لمقولة الحنابلة فى كلام الله، ورغم معرفة العزّ بموقف حاكم دمشق، إلا أنه أصر على ما يعتقد وكتب صيغة اعتقاد.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من بوابة أخبار اليوم

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بوابة أخبار اليوم

منذ 9 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 10 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 10 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 11 ساعة
بوابة الأهرام منذ 3 ساعات
موقع صدى البلد منذ 6 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 9 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 8 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 15 ساعة
قناة الغد منذ 6 ساعات
صحيفة الوطن المصرية منذ 17 ساعة