أكرم ألفي ومعتز نادي وأمير الألفي (القاهرة، أبوظبي)
تدخل التكنولوجيا بقوة في سباق البيت الأبيض 2024 بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس ومنافسها الجمهوري دونالد ترامب.
في هذا السباق، تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى ملعب تنافسي مشتعل، حيث يسعى كل من المرشحين إلى كسب أصوات الناخبين عبر حملات إعلانية ضخمة وموجهة.
وبينما تعتمد هاريس على شبكة «ميتا» وميزانية ضخمة، يستفيد ترامب من دعم ملياردير التكنولوجيا إيلون ماسك عبر منصة «X» التي كانت تُعرف سابقاً بـ«تويتر».
في هذا التحليل، نتناول كيف يؤثر الإنفاق الرقمي الضخم على مسار الانتخابات الأميركية، ومدى تأثير السياسات الخاصة بكلا المرشحين على السباق الذي يترقبه العالم.
الساحة الرقمية: «ميتا» و«X» في صدارة المشهد
يعتمد كل من ترامب وهاريس على المنصات الرقمية للوصول إلى الناخبين بشكل كبير، ويظهر التباين الكبير بينهما في الاستراتيجية والتوجه العام للحملات.
ووفقاً لرصد وتحليل أجرته «الاتحاد» على مدار 90 يوماً، تمثل منصتا «ميتا» و«X» ساحتي المعركة الرقمية الأساسية بين المرشحين، حيث إن هاريس تستخدم «ميتا» منصة رئيسية للترويج لحملتها بميزانية ضخمة، بينما يركز ترامب على بناء دعم شعبي قوي عبر «X»، وذلك بتمويل مباشر من إيلون ماسك الذي أسهم بمبلغ 75 مليون دولار لدعم ترامب.
«ميتا» وسلاح الإعلانات الرقمية لهاريس
أظهر تحليل «الاتحاد» أن هاريس أنفقت ما يزيد على 59.5 مليون دولار على الإعلانات المدفوعة عبر منصات «ميتا» («فيسبوك» و«إنستجرام»).
هذا الإنفاق الكبير يتماشى مع استراتيجية تعتمد على الوصول إلى الناخبين عبر رسائل ترتكز على قضايا اجتماعية ملحة، مثل العدالة والشمولية والمساواة، وهي قضايا تستهدف شرائح محددة من الناخبين المهتمين بحقوق الأقليات والمساواة الاجتماعية.
وقد قامت هاريس بنشر نحو 48.953 إعلاناً، مستهدفةً ولايات حاسمة من شأنها أن تحدد نتائج الانتخابات.
ويأتي إنفاق حملة هاريس على الدعاية على منصات «فيسبوك» و«إنستجرام» تعبيراً على اعتماد المرشحة الديمقراطية على أصوات الشباب بشكل رئيسي للفوز بالسباق الرئيسي، حيث تشير الاستطلاعات إلى أن أكثر من 60% من الشباب (18- 35) ينحازون للمرشحة الديمقراطية.
هكذا فإن هاريس تسعى للوصول إلى الناخب الرئيسي لها الموجود بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي ليس فقط للحصول على أصوات الناخبين، بل لدفع هذه الكتلة الضخمة للتصويت وخاصة في الولايات المتأرجحة وفي قلبها ولايات «الجدار الأزرق».
ترامب و«X».. العودة عبر أموال ماسك
يعتمد ترامب على منصة «X» بدعم من لجنة «America Pac» التابعة لإيلون ماسك. ورغم الحظر السابق لترامب على «تويتر»-التي تحولت لاحقاً إلى «X»- بسبب أحداث الكابيتول في 2021، عاد الرئيس السابق بقوة إلى الساحة الرقمية عبر تمويل من ماسك، وركّزت إعلاناته على قضايا مثل الأمن والاقتصاد، والتي تلعب دوراً كبيراً في جذب الناخبين القلقين بشأن الوضع الراهن.
وأظهرت بيانات لجنة «America Pac» أن ماسك أسهم بميزانية قدرها 75 مليون دولار لدعم ترامب، مع إنفاق 3 ملايين دولار على إعلانات «فيسبوك» و«إنستجرام»، إضافة إلى حوالي 201 ألف دولار على إعلانات «X».
وكان الهدف الأساسي من هذه الإعلانات هو حشد الناخبين في الولايات المتأرجحة، مثل كارولاينا الشمالية وبنسلفانيا وجورجيا ونيفادا وأريزونا، والتي تلعب دوراً محورياً في تحديد نتيجة الانتخابات.
إن تركيز AMERICAN PAC على هذه الولايات له دوافع واضحة ليس فقط كونها ولاية متأرجحة وحاسمة في فوز ترامب بسباق البيت الأبيض، بل بارتفاع نسب المترددين من الناخبين في هذه الولايات، إلى جانب أن أعداداً ضخمة من الناخبين يصوتون للمرة الأولى، والمعامل الأهم سياسياً أنها ولايات فاز بأغلبها ترامب في انتخابات 2016 قبل أن يعود ويخسرها أمام بايدن في 2020.. وفوزه بها يضمن وصول المرشح الجمهوري إلى المكتب البيضاوي.
إن التفاصيل الخاصة بهذه الولايات لا تحمل فقط خصوصية وتشابكات انتخابية فريدة، بل أيضاً تدلل على دراسة واضحة من قبل AMERICAN PAC لكيفية إنفاق الأموال على الدعاية في مواقع التواصل الاجتماعي، فقد فاز ترامب بأصوات ولاية نورث كارولينا في 2020 بفارق 1.3% فقط، بينما كان فاز بأصواتها بفارق 3.6% في انتخابات 2016. ما يجعل هذه الولاية التي أصبح لديها 16 صوتاً في المجمع الانتخابي بدلاً من 15 اختباراً صعباً للرئيس السابق في انتخابات 2024.
إن توجيه الدعاية عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى نورث كارولينا يشير إلى خصوصية هذه الولاية التي تضخم عدد سكانها إلى 10.5 مليون نسمة بنسبة نمو 1.3% في 2023 (إحدى أكبر نسب النمو السكاني في الولايات المتحدة).. فنحو 8.3% من سكان الولاية هم من المهاجرين الذين ولدوا خارج الولايات المتحدة، إلى جانب نحو 100 ألف مهاجر من داخل الولايات الأخرى يتوافدون على كارولينا الشمالية كل عام.
هذا الوضع قاد إلى انخفاض نسبة البيض إلى 61.6% مقابل ارتفاع نسبة اللاتينيين «الهسبانيك» إلى 18.7% والسود إلى 12.4% والآسيويين إلى 6% من السكان. بالتوازي، فإن نورث كارولينا تضم نسبة كبيرة من الشباب تبلغ نحو 25% من السكان، وهي نسبة غير معتادة في الولايات الأميركية الأخرى، مما يزيد من أهمية تأثير مواقع التواصل الاجتماعي.. وفي الأخير، فإن 5% من الناخبين في هذه الولاية «الحمراء تقليدياً» يصوتون للمرة الأولى في 2024، وبالتالي فإن الوصول لهؤلاء الناخبين الجدد يمثل أمراً حاسماً في توجيه بوصلة النتيجة النهائية.
ومثال آخر هو بنسلفانيا، وهي الولاية التي يعتبر خبراء الانتخابات «رقمياً» أن فوز هاريس بأصواتها الـ19 يعني ارتفاع احتمال فوزها في انتخابات 2024 إلى 91%، فيما لو فاز بها ترامب، فإن احتمالاته للفوز ترتفع إلى 96%.
وبالتالي فإن AMERICAN PAC تدرك أهميتها كولاية متأرجحة تحسم الصراع لصالح المرشح الجمهوري. وهي الولاية التي حسمت سباق 2016 بفوز بفارق 2348 صوتاً فقط.. وبالتالي إنفاق الملايين لجمع 5 آلاف صوت فقط في هذه الولاية يساوي إنفاق الملايين لكسب عشرات الآف الأصوات في ولاية محسومة سلفاً.
التوزيع الجغرافي للإنفاق الإعلاني
تظهر تفاصيل الإنفاق الجغرافي لكل مرشح تركيزاً واضحاً على الولايات المتأرجحة التي يمكنها أن تُحدث الفارق في السباق الرئاسي.
وبحسب بيانات مكتبة الإعلانات الخاصة بشركة «ميتا»، أنفقت هاريس 7.4 مليون دولار على إعلانات في ولاية بنسلفانيا، بينما أنفق ترامب 784 ألف دولار.
وامتدت حملة هاريس أيضاً إلى ميشيجان وكاليفورنيا وويسكونسن، في حين كانت إنفاقات ترامب أقل بكثير.
في ولاية كاليفورنيا، على سبيل المثال، أنفقت هاريس 4.2 مليون دولار، بينما لم تتجاوز إنفاقات ترامب 562 ألف دولار.
كما شهدت ويسكونسن إنفاق هاريس نحو 3.7 مليون دولار دون إنفاق يذكر من طرف ترامب. أما في نورث كارولينا، فقد أنفقت هاريس 4.09 مليون دولار، بينما أنفق ترامب 500 ألف دولار.
إن عدم إنفاق ترامب إعلانياً على الدعاية في كاليفورنيا هو تعبير عن إدراك تاريخي بأن أصوات الولاية الأكبر (54 صوتاً في المجمع الانتخابي) محسوم سلفاً لصالح المرشح الديمقراطي بغض النظر عن هويته بفضل الأغلبية من المتعلمين خريجي الجامعات والسود واللاتينيين في هذه الولاية الديمقراطية منذ 1992، والتي فاز بها بايدن في الانتخابات الأخيرة بفارق 29.5% من الأصوات عن ترامب، في أكبر فارق تصويتي بالولايات الكبرى بين المرشحين الرئيسين.
إن كاليفورنيا هي خارج حسابات المرشح الجمهوري تماماً، بينما يعد توسيع الفارق فيها بالنسبة للمرشح الديمقراطي ضرورة لإثبات قدرته على الحصول على دعم ناخبيه التقليديين، إلى جانب أن قسماً كبيراً من الإنفاق يأتي من المؤيدين وهم يمثلون أغلبية الفنانين في هوليوود ورجال الأعمال بالولاية «الزرقاء».
أما بالنسبة لولاية ويسكونسون، فإن ارتفاع إنفاق هاريس مقابل امتناع ترامب يرجع بشكل رئيس إلى أن الديمقراطيين في هذه الولاية يركزون على جمهور المدينة والطبقة العاملة التي تركز على الدعاية والتواصل الاجتماعي، في المقابل فإن حملة ترامب في الولاية تركز على طرق الأبواب في المقاطعات الريفية التي تلقي.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاتحاد الإماراتية