إذا كانت ثمة حاجة إلى تظهير القلق الأوروبي من عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، فتكفي الإشارة إلى الاتصال الهاتفي صباح الأربعاء، الذي جرى بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولف شولتس بعد وقت قصير من إعلان ترمب فوزه في المنافسة الرئاسية؛ من أجل تنسيق المواقف بين ما كان يُعدّ «القاطرة الأوروبية» وللنظر في كيفية التعامل مع المعطى الأميركي الجديد.
وليس سراً أن غالبية الدول الأوروبية كانت تراهن على فوز المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس. ومن هنا يمكن فهم الخيبة الأوروبية الكبرى وحاجة الأوروبيين إلى التحضير لأربع سنوات إضافية من التعايش مع ترمب في حين ذكريات ولايته الأولى (2016 - 2020) ما زالت ماثلة أمام أعينهم. وسارع إيمانويل ماكرون، بعد محادثته مع أولاف شولتس، إلى كتابة تغريدة على منصة «إكس» جاء فيها: «لقد تحدثت للتو مع المستشار (الألماني) وسنعمل معاً، في هذا السياق الجديد، من أجل أوروبا أكثر اتحاداً وقوة وسيادة وذلك من خلال التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية ومن أجل الدفاع عن مصالحنا وقيمنا». ومن الجانب الألماني، قال شولتس في بيان بثه التلفزيون، الأربعاء، إن بلاده ستظل شريكاً موثوقاً به عبر المحيط الأطلسي للإدارة الجديدة بقيادة ترمب. بيد أن بيت القصيد جاء في قوله إن «الكثير من الأمور ستكون بالتأكيد مختلفة تحت حكومة يقودها دونالد ترمب... لقد أوضح دونالد ترمب ذلك دائماً علناً. رسائلنا واضحة، وأولها هي أن ألمانيا ستظل شريكاً موثوقاً به عبر (ضفتي) الأطلسي». وتابع أنه «يجب على الاتحاد الأوروبي أن يقف معاً ويتصرف بطريقة موحدة. بصفتي مستشاراً للدولة الألمانية، أبذل جهوداً لتحقيق ذلك». وسبق بيان شولتس دعوة مصدر حكومي لم تكشف عن هويته، الاتحاد الأوروبي إلى «تحمل المزيد من المسؤولية» على الصعيد الأمني.
كان لافتاً أن القادة الأوروبيين، مثل الكثيرين غيرهم، لم ينتظروا حصول ترمب على العدد الكافي من كبار الناخبين لتهنئته بالفوز. إلا أن موجة التهاني التي انصبَّت على ترمب، رغم صياغتها بلغة دبلوماسية، تضمنت، تلميحاً، الكثير من الرسائل التي تكشف عن مخاوف الأوروبيين. فرئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال المنتهية ولايته، أشار إلى «التعاون البنَّاء» مع الإدارة الأميركية القادمة. وإذ ذكّر بـ«التحالف الدائم» الذي يربط الطرفين، لم يفته التشديد على أن «الاتحاد الأوروبي سيستمر في مساره بما يتماشى مع الأجندة الاستراتيجية باعتباره شريكاً قوياً وسيادياً وتنافسياً، مع الدفاع عن النظام المتعدد الأطراف القائم على القواعد». والشيء نفسه يصحّ على رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين التي دعت إلى «العمل معاً على إقامة شراكة عبر الأطلسي تستمر في تحقيق الأهداف المرجوة لمواطنينا. ملايين الوظائف والمليارات من التجارة والاستثمار على جانبي الأطلسي تعتمد على ديناميكية واستقرار علاقتنا الاقتصادية».
اللعب على حبل الانقسامات الأوروبية وثمة مجموعة من الثوابت التي يهجس بها الأوروبيون والتي يمكن استشفافها من خلال التغريدات المتلاحقة، وأولها، قطعاً، الخوف الذي يعتمل الاتحاد الأوروبي من أن يعمد ترمب إلى اللعب على حبل الانقسامات الأوروبية من أجل تهميش الاتحاد. من هنا، تأكيد ماكرون على الحاجة إلى العمل من أجل أوروبا «أكثر اتحاداً وقوة وسيادة» وإصرار شولتس على ضرورة أن يتصرف الاتحاد «بطريقة موحدة». وليس سراً أن للرئيس الأميركي القادم «حلفاء» بين القادة الأوروبيين ومنهم رئيسا وزراء المجر وسلوفاكيا (فيكتور أوربان وروبيرت فيكو) والرجل القوي في التحالف الحكومي الهولندي غيرت فيلدرز. ومن بين المعجبين به رئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني ورئيس الحزب الديمقراطي في السويد جيمي أكسون. وبشكل عام، يُعدّ اليمين المتطرف الأوروبي (في فرنسا، ألمانيا، النمسا، إسبانيا وغيرها) من الداعمين لترمب القادر على الاتكاء على هذا التيار لزرع الانقسام في الصفوف الأوروبية. وغرَّدت ميلوني، من جهتها، قائلة: «نتمتع (مع الولايات المتحدة) برابطة استراتيجية، وأنا على يقين من أننا سنعززها الآن بشكل أكبر». ولم يستبعد مصدر أوروبي في باريس أن يعمد قادة أوروبيون إلى «الإسراع في الهرولة» إلى واشنطن لتقديم الطاعة لترمب والتأكيد على «العلاقة الخاصة» بين.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الشرق الأوسط