الدين مقوّم أساسي من مقومات هذه الأمة؛ ولهذا فإن أصحاب المشاريع الفكرية التي تُعادي الدين أو تهمّش قيمته الروحية ودوره في تشكيل الوعي الجمعي، وضبط منظومة القيم والأخلاق في المجتمع، هم قوم يحرثون في الماء ويزرعون في رمال الصحراء بلا فائدة أو ثمار حقيقية. وأظن أن مثلهم في تعاملهم القاصر مع الدين وإمكاناته ودوره الإيجابي في عملية التهذيب الروحي والأخلاقي والضبط المجتمعي وصنع الحضارة «كمثل من لا يحسن فتح صندوق به كنز فيحرقه، ويضيع الثروة والجهود والزمان»، كما قال المفكر المغربي الراحل الدكتور محمد عزيز الحبابي.
ومع ذلك لا يخفى عن أحدٍ اليوم، أن الدين قد تحول في حياة الكثير من المسلمين المعاصرين من طاقة بناء وصنع حضارة كما فعل أجدادهم، إلى ملجأ عزاء، وباب للهروب من العالم والعصر. وهنا أنا لا أقصد الدين ذاته، لكن بعض أوجه الفكر والفهم الديني، وتأثيرهما المنعكس على نظرة الإنسان للكون والحياة، ودوره، وفاعليته، وغايته. ولعل الفكر والسلوك الصوفي السلبي، هو أحد أهم أشكال التدين المغلوط، الذي كرّس للخلاص الفردي، وابتعد بالإنسان المتصوف عن الوعي النبوي الإيجابي الساعي إلى إعمار الأرض، وإصلاح الكون، وتأسيس الحضارة، وتأكيد المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية للإنسان خليفة الله على الأرض.
وقد شرح الشاعر والفيلسوف الباكستاني الراحل «محمد إقبال» في كتابه الشهير «تجديد التفكير الديني في الإسلام» أوجه الاختلاف بين الوعي الصوفي والوعي النبوي من خلال عرض وتحليل رأي الصوفي المسلم «عبدالقدوس الجنجوهي» في تعليقه على حادثة الإسراء والمعراج، حين قال: «صعد محمد النبي العربي إلى السماوات العلا، ثم رجع إلى الأرض، قسمًا بربي إني لو بلغت هذا المقام ما عدت أبدًا».
وهذا يعني أن الوعي الصوفي السلبي الذي جسّده هنا عبدالقدوس الجنجوهي، لا يريد صاحبه العودة من رحلة الصعود ومقام الشهود وكمال المعرفة الذي حقق له خلاصه.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة المصري اليوم