أماني فؤاد تكتب: حِيَلُ الحَكْي وتقنياته في سردية «ورثة آل الشيخ»

يستمر الروائى أحمد القرملاوى- فى سرديته «ورثة آل الشيخ» فى الدفع بطاقة السرد الوصفية المتنوعة الإيقاع، تلك التى تُثرى المشهد البصرى بانفعالات الأبطال فى المواقف المختلفة؛ ففى أحد مشاهد المظاهرات التى اندلعت فى القاهرة بعد الحرب العالمية الأولى، فى سرْد سريع الإيقاع، خاطِف للأنفاس، يقول واصفًا موت عمِّه الحكمدار صدقى: «ترَك سيارته بمحاذاة المتاريس، ومضى على قدميه مارًّا بمدخل الشارع الأعظم، هناك وجَد خندقًا حفَره الطلبة المجانين؛ لمنْع مرور المدرعات إلى قلْب الجمالية. صاح فى بعضهم؛ فلمْ يلتفتوا إليه. خلَع طربوشه وأخذ يقفز فوق الحواجز، تمزَّقت ساقه بسيخ حديدى كان مزروعًا بين عِرقَين من الخشب، صرخ فى الفتيان من جديد: (أفسحوا طريقًا للعبور.. من سمَح لكم بعمل المتاريس؟!)، صرخة فأخرى، فصوت طلْق نارى يشق الهواء، فصمْت أبدى»- ٦٧.

ورغم الامتداد الزمنى المتَّسِع لأحداث هذه العائلة، والتى تمتد من الحملة الفرنسية حتى بداية العقد الثانى من القرن الواحد والعشرين؛ فإن التحولات السياسية فى النَّص- رغم بعض الإشارات إليها- لا تأتى إلا كخلفية بعيدة، لا يركِّز عليها الروائى، إلا بقدْر الظلال التى تُلقيها على حياة الأفراد، والتحولات التى تُفرض عليهم.

وللكاتب أسلوبه الاختزالى المكثف، حين يضفِّر شأن الأفراد الخاص بالأحداث العامة، يقول الراوى: «وما إن استبدل نشأت بأول رُتبة كتفيّة، الملازم الأول الأكثر أناقة؛ حتى جُنَّ الأوروبيون، وانهالوا بمدافعهم فوق رؤوس بعضهم البعض، ما جعَل الإنجليز يضطربون ويحمرُّون فوق احمرارهم، ثم أخذوا يضمُّون أطراف إمبراطوريتهم ويتربَّعون بها فوق رقعة مصر». ٨٥.

وللروائى طريقته فى رسْم الشخصيات، حيث يرمى بالشخصية فى الأحداث، ويُورد عنها بعض الأوصاف والطبائع، ثم ما يلبث ويتركها، بعد أن يشير لانعطافة محورية فى حياتها، دون أن يستكملها، ثم يعود- بعد فصول من الحكى- للشخصية ذاتها مرة أخرى، ليكمل رسْم تفاصيل عالمها الخاص بها، مثلما فعَل مع شخصية جد السارد «محمد»، الذى أنجبه فاضل بعد تسْع بنات، وكان له طبع نارى، ورغبة دائمة فى كشْف المجهول وفَضِّه. أو شخصية زبيدة أو حسن، أو صدقى وكامل وفاضل.

يقول أحمد الراوى المشارِك فى الأحداث عن جدِّه الكبير فاضل: «خرَج فاضل ولم يعُد؛ هكذا تقول الرواية المنسوبة لابنه الوحيد، جدِّى محمد. لم تَضِعْ سيرته إلى الأبد؛ بل عُرف منها شذرات متفرقة، جميعها يؤكد عدَم إقامته مجدَّدًا فى بيت الخرُنفش، يقول البعض إنه انجذب؛ استلبته طاقة غيبية لبقية سنوات عمره، فيما يقول البعض الآخَر إنه اكتشف- ذات فَجْر- نفْسه النبيلةَ التى انغمست طويلا فى دنيا الليل، وحالما لمحت نهارًا؛ رمَحَت خلفه، رمْح شادن صغير وراء أمه الغزالة»- ٢١٣.

وفى مساحة الواقعية السحرية، يتبدى الكنز المدفون، والرحلة التى يمارسها الجميع للعثور عليه فى البيت، وهنا أشير إلى اشتغال الكاتب المحدود نِسبيا على بنية هذه التيمة، وتخليق الأحداث والمواقف وأساليب التشويق، التى تؤطِّر تيمة محورية فى العمل، وتنمى وجودها بطرق فنية مختلفة، فلقد سعَى رجال العائلة جميعًا للحصول عليه، حتى إن بعضهم سمَّى أولاده الذكور السبعة باسم محمد؛ لتتحقق النبوءة لأيٍّ منهم، كما رفضوا بيع البيت، حتى المهاجِر منهم لأمريكا. أحسب أن هذا الكنز كان من الممكن أن يخلِّق من حوله مواقفَ أكثر إثارة وفتح مجال سحرى مشوق، كما كان من الممكن أن يهَب النَّص تأويلاتٍ متعددةً لو أن السردية تعاملت معه رمزيًّا بشكل فنى مركَّب. بالرغم من أن الكاتب قد أشار لهذا البعد الرمزى مرَّات فى ثنايا العمل؛ فإنه لمْ يُنَمِّ تلك المنطقةَ بطريقة تهَب نَصَّه أبعادًا متعددة، كأن يقول شريك أحمد المهاجِر له لإقناعه بالسفر: «قد تجد الكنز هنا فى انتظارك،.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة المصري اليوم

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة المصري اليوم

منذ 7 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ ساعتين
منذ 11 ساعة
منذ 8 ساعات
منذ 7 ساعات
صحيفة المصري اليوم منذ 18 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 20 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 7 ساعات
موقع صدى البلد منذ 14 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 20 ساعة
صحيفة المصري اليوم منذ 22 ساعة
صحيفة اليوم السابع منذ 11 ساعة
قناة العربية - مصر منذ 18 ساعة