وصل يوسف علي إلى الإمارات عندما كان مراهقاً عام 1973، حينها كان عدد سكان البلاد لا يتجاوز نصف مليون نسمة. افتتح أول متجر بقالة له بالعاصمة أبوظبي في العام التالي، قبل الشروع في موجة توسع على خلفية الطفرة النفطية التي استمرت لعقود.
تُوجت مسيرة علي هذا الشهر بطرح "لولو للتجزئة القابضة" البالغة قيمته 1.72 مليار دولار. أدى هذا الاكتتاب (وهو الأكبر في الإمارات هذا العام) إلى رفع صافي ثروة علي إلى 7.1 مليار دولار، مما عزز مكانته كثاني أغنى شخص بالقطاع الخاص في البلاد، وفقاً لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات.
علي، الذي سيبلغ من العمر 69 عاماً في 15 نوفمبر، بعد يوم من بدء تداول أسهم "لولو"، ينتمي إلى مجموعة من كبار رجال الأعمال القادمين من الهند الذين اكتشفوا مكامن فرص في الإمارات بقطاعات تشمل العقارات والرعاية الصحية والتعليم. من بينهم آزاد موبين من "آستر دي إم هيلث كير" (Aster DM Healthcare)، ورافي بيلاي من "آر بي غروب" (RP Group)، ورضوان ساجان من "دانوب بروبرتيز" (Danube Properties).
"جميعهم كانوا من رواد الأعمال المؤسسين الذين انتقلوا إلى هنا لتحقيق ثرواتهم"، وفق فيسواناثان شانكار، المدير التنفيذي السابق في "ستاندرد تشارترد" ومؤسس شركة "غيتواي بارتنرز". مضيفاً: "هم ماهرون في التواصل، ولديهم مهارات استثنائية في تحديد وتلبية طلبات المستهلكين الأساسية".
مسيرة صعود
يعكس صعود أباطرة الأعمال الهنود مسيرة نمو الإمارات، التي يعيش بها الآن أكثر من 10 ملايين شخص، ثلثهم من الهند، وينحدر معظمهم من ولاية كيرالا، مسقط رأس علي. دفعت الطفرة المتواصلة في مرحلة ما بعد جائحة كورونا الآلاف من أنحاء العالم إلى الانتقال إلى دبي وأبوظبي بحثاً عن وظائف وأسلوب حياة أفضل، غير مثقلين بمعدلات الضرائب المرتفعة.
تقدم "لولو للتجزئة" خدماتها الآن لأكثر من نصف مليون متسوق يومياً عبر 240 متجراً في 6 دول، وحققت أرباحاً قدرها 192 مليون دولار في العام الماضي. وهي تدير إحدى أكبر سلاسل محلات السوبر ماركت في الشرق الأوسط وتوظف أكثر من 50 ألف شخص.
وعندما بدأت الشركة طرحها العام الأولي الأسبوع الماضي، اشترى المستثمرون جميع الأسهم المعروضة في غضون دقائق. علماً بأن إدراج الشركات غير المرتبطة بقطاع الطاقة في أسواق المال يُعدُّ أمراً نادراً نسبياً في الشرق الأوسط حيث تميل الأسهم المرتبطة بالنفط إلى تصدر المشهد.
جاءت هذه الصفقة بعد أشهر من قيادة "بروكفيلد أسيت مانجمنت" استثماراً في "جيمس للتعليم" (GEMS Education)، وهي شركة أخرى أسسها مهاجرون هنود حوّلوا مدرسة واحدة إلى أحد أكبر مقدمي خدمات التعليم الخاص في العالم.
ظروف قصة "جيمس" تتشابه مع رحلة علي، حيث تعود جذورها إلى 1959 عندما انتقل والدا المؤسس صني فاركي من ولاية كيرالا إلى دبي.
"قام رواد الأعمال القدامى بعمل ممتاز في بناء المؤسسات التي تلبي المتطلبات الأساسية لعدد السكان المتزايد"، بحسب شانكار من "غيتواي"، منوّهاً بأنهم "استفادوا أيضاً من الروابط التاريخية بين دول الخليج والهند".
منافسة قوية
رغم كل النجاح الذي حققه أباطرة الأعمال الهنود، إلا أنه كانت هناك عثرات في مسيرتهم. على سبيل المثال، تعرضت شركة "إن إم سي هيلث" (NMC Health)، التي أسسها بافاغوثو راغورام شيتي، إلى فضيحة ديون مخفية بقيمة تفوق 4 مليارات دولار.
قد تواجه بعض الأعمال في المنطقة تحديات. فمثلاً، يتعين على رواد الأعمال المغتربين العمل في بيئة تتصدرها مؤسسات قوية مدعومة من الدولة وتسيطر على مساحات واسعة من الاقتصاد، وغالباً ما تدير شركات منافسة، بل وتستثمر في بعض الأحيان بشركات أباطرة الأعمال.
على سبيل المثال، يمتلك صندوق ثروات يشرف عليه الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان خُمس شركة "لولو القابضة" . كما يمتلك كيان آخر مرتبط بالعائلة الحاكمة في أبوظبي حصة في شركة "برجيل هولدينغز" (Burjeel Holdings)، وهي شركة تبلغ قيمتها 3.2 مليار دولار يرأسها صهر يوسف علي وقطب الرعاية الصحية شمشير فاياليل.
تمتد إمبراطورية الشيخ طحنون المترامية الأطراف، والبالغة قيمتها 1.5 تريليون دولار، لتشمل شركات التكنولوجيا وسلاسل الوجبات السريعة والصيدليات وعيادات الأسنان إلى العقارات والفنادق والمدارس ومراكز التسوق. كما تواجه الشركات التي يديرها المغتربون في بعض الأحيان منافسة من شركات إماراتية عائلية مثل ماجد الفطيم، التي تدير علامة "كارفور" التجارية في الشرق الأوسط.
عملية التخطيط لانتقال القيادة إلى الأجيال القادمة تمثل تحدياً آخر، خاصة في الحالات التي تتوزع فيها الملكية بين رواد الأعمال المهاجرين مع شريك محلي، وفق كافيل راماشاندران، الأستاذ في كلية إدارة الأعمال الهندية، مضيفاً: "معظم رواد الأعمال هؤلاء قاموا بإدخال الأجيال القادمة في الأعمال، ولكنهم قد لا يكون للجيل الجديد نفس العلاقات القوية.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاقتصادية