إحياء التنقيب وعودة الشركات الكبرى.. النفط يدفع عجلة الاقتصاد الليبي

مع قرب طرح أول مناقصة لعقود التنقيب في ليبيا منذ 2007، وعودة شركات كبرى للعمل في البلاد بعد توقف من 2014، يترقب قطاع النفط الذي يمثل نحو 98% من نشاط الاقتصاد، مسارا واعدا بعد تعثر لأكثر من عقد من الزمن وإغلاقات بين الحين والآخر كبّدت القطاع خسائر تصل إلى نحو 100 مليار دولار منذ عام 2011، وفق إحصاءات رسمية.

خبراء ليبيون بينهم مسؤول حالي تحدثوا لـ«إرم بزنس»، يرون أن ذلك النشاط النفطي الجديد مع الاستقرار النسبي في البلاد سيعزز صناعة النفط، ويضيف دعما للاقتصاد بشكل مؤثر حال استمر الاستقرار المؤسسي، مشددين على أن زيادة الإنتاج هو رهان نجاح التنقيب والاستكشافات في ليبيا ودون ذلك سيكون دون جدوى اقتصادية مؤثرة.

وأفادت بلومبرغ، في تقرير حديث، بأن ليبيا الدولة العضو في «منظمة الدول المصدرة للنفط» (أوبك)، تخطط لإطلاق أول مناقصة لها لعقود التنقيب عن الطاقة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011، متطلعة إلى «إعادة شركات النفط الكبرى التي أصابها الفزع بسبب سنوات من عدم الاستقرار وإغلاق الإنتاج، إلى البلاد».

وقال وزير النفط المكلف في ليبيا، خليفة عبد الصادق في مقابلة الثلاثاء مع بلومبرغ، إن جولة العطاءات ستتضمن مواقع برية وبحرية، وستكون إما في نهاية هذا العام أو في أوائل عام 2025. وأضاف أن المواقع ستشمل أحواض سرت ومرزق وغدامس.

وكانت ليبيا، الواقعة في شمال إفريقيا والتي تعد موطناً لأكبر احتياطيات النفط في القارة، عقدت آخر مناقصة في عام 2007، قبل أربع سنوات من اندلاع الاحتجاجات التي أطاحت بالزعيم معمر القذافي، والتي أشعلت عقداً من الاضطرابات، بحسب «بلومبرغ»، ووقع قطاعها النفطي تحت وطأة خلافات عديدة كان أحدثها أزمة إقالة رئيس المصرف المركزي والتي تم حلها أواخر سبتمبر بعد نحو شهر من وقوعها بين الحكومتين المتنافستين في شرق وغرب البلاد، والتي تسببت في خفض الإنتاج.

تعافي الإنتاج

وتعتمد ليبيا على حوالي 98% من احتياجاتها للطاقة من النفط والغاز، فيما تقدر احتياطياتهما شبه الرسمية، بنحو 48.8 مليار برميل نفط و 1.4 تريليون متر مكعب من الغاز، بينما يمثل النفط القوة الدافعة للاقتصاد الليبي حيث يشكل قرابة 96% من الصادرات، وما يصل إلى نحو 98% من إيرادات خزينة الدولة، فيما بلغت إيرادات النفط في ليبيا 20.7 مليار دولار في 2023، وحققت في النصف الأول من العام الحالي نحو 7.6 مليار دولار.

وبحسب حديث الوزير الليبي خليفة عبد الصادق، مع «بلومبرغ»، تعافى الإنتاج، وبات الآن يفوق 1.3 مليون برميل يومياً، وهو أعلى مستوى منذ سنوات، لافتا إلى أن تطوير الحقول التي تم تقييمها بالفعل، قد يرفع هذا الرقم إلى 1.6 مليون بحلول نهاية عام 2025.

5 شركات دولية

وكشف الوزير الليبي، أن البلاد تجري محادثات أيضاً مع خمس شركات نفط دولية «أبدت اهتماماً بالعودة إلى العمل في ليبيا» العام المقبل، رافضاً تحديد هويتها.

وتخطط ليبيا لمشاريع بقيمة 17 مليار دولار في السنوات المقبلة لتحديث وبناء البنية التحتية الجديدة، وتطوير الحقول التي تم تقييمها، وقد تكون قادرة على إنتاج ما يصل إلى 300 ألف برميل يومياً، كما تستهدف ليبيا إنتاج 1.4 مليون برميل بحلول نهاية هذا العام، و1.7 مليون بحلول نهاية عام 2027، ومليوني برميل بعد عام من ذلك، وفق عبد الصادق.

تلك الخطوات الطموحة تأتي بعد إعلان «المؤسسة الوطنية للنفط» في 26 أكتوبر الماضي أن كلا من شركتي «إيني» الإيطالية و«بريتش بتروليوم» البريطانية استأنفتا أعمالهما الاستكشافية في ليبيا بعد توقف لعمليات الحفر في المنطقة البرية منذ العام 2014.

وقال عبد الصادق إن شركة «ريبسول» الإسبانية تستعد لاستئناف عمليات مماثلة في حوض مرزق، بينما ستستأنف شركة «أو إم في» العمليات في حوض سرت في غضون أسابيع، لافتا إلى أن وزارته تعمل مع «سونكور» و«توتال» و«وينتر شال» وغيرها، لـ«استئناف أنشطتها الاستكشافية في البلاد». وفي الوقت نفسه، ستبدأ شركة سوناطراك الجزائرية «الحفر في وقت ما من هذا العام أو أوائل العام المقبل».

ورغم تلك المستهدفات الطموحة في ليبيا، حذرت بلومبرغ من أن «حالة انعدام اليقين المستمرة، والتوترات السياسية القائمة تهدد بعرقلة أي استثمارات جديدة في قطاع النفط والغاز الطبيعي في ليبيا»، حيث توقف تنقيب النفط في ليبيا خلال العقد الماضي بسبب التوترات والمشكلات السياسية والأمنية.

وأعلنت «المؤسسة الوطنية للنفط» في ليبيا، أن إنتاجها من النفط الخام والمكثفات بلغ 1.3 مليون برميل بعد عودة الإنتاج إلى مستويات ما قبل أزمة المصرف المركزي في البلاد، وكانت ليبيا تنتج نحو 1.2 مليون برميل يوميا قبل وقف الإنتاج في حقول الشرارة والفيل والسدرة في أواخر أغسطس وأوائل سبتمبر الماضيين.

الاستقرار عامل رئيس

وفي حديث لـ«إرم بزنس»، أكد وزير الدولة لشؤون الاقتصاد السابق في حكومة طرابلس، سلامة الغويل، أن «ليبيا فيها أفق للاستكشافات وزيادة الإنتاج النفطي»، لافتا إلى أن «الجيش الليبي والبرلمان (شرق) لعب دورا هاما في استقرار المؤسسة الوطنية النفطية خاصة وجغرافيا النفط تتمركز في الشرق».

وباعتقاد الغويل الذي يرأس حالياً مجلس المنافسة ومنع الاحتكار الليبي، فإن «النفط بالتأكيد سيبقى صناعة مهمة في ليبيا وتسير بالتوازي مع التنمية التي تحدث في البلاد وتحديدا في شرقي البلاد».

وتلك المساعي الجديدة من الشركات الكبرى للتنقيب بليبيا، وفق حديث المسؤول الليبي السابق والمستشار في قطاع النفط نجيب الأثرم، لـ«إرم بزنس»، «بمثابة إعادة استئناف للقديم ولا تحمل إضافات جديدة مؤثرة حاليا»، مستدركا: «لكن عندما تكون هناك استكشافات وإنتاج أكثر حينها يمكن التعليق والقول إنه سيؤثر إيجابيا على الاقتصاد وهذا يحتاج لشروط هامة».

ويرى الأثرم أنه «طالما ليس هناك حكومة واحدة وجهاز رقابي واحد ولا استقرار دائم فإن التنقيب وخططه واستثماراته تبدو مهددة في ظل عدم الاستقرار ومعها الاقتصاد كذلك»، مؤكدا أنه «بمزيد من المؤسسية والوحدة سنرى نتائج إيجابية خاصة وأن ليبيا لديها احتياطي نفطي كبير».

شروط التأثير

وباعتقاد الخبير النفطي الليبي، الدكتور محمد الشحاتي، في حديث لـ«إرم بزنس»، فإن «العودة الجزئية للشركات خطوة إيجابية ولكنها ليست بالقدر المطلوب»، لافتا إلى أن «الاستكشاف في حد ذاته لا يؤثر إيجابيا على الاقتصاد الكلي بل يمكن سحب موارد منه».

ونبه إلى أن «الهدف من الكشف إيجاد النفط وتوسيع الاحتياطي وهو أمر له مخاطر معروفة في الاقتصاد، مثلا جولة العطاءات الأخيرة في 2006 لم تكن ناجحة إلا بقدر ضئيل جدا فهي لم تضف إلا نسبة بسيطة للاحتياطي».

وبرأي الشحاتي وهو خبير نفطي سابق بمنظمة أوبك، فإن «هناك خلطا بين القضايا الصناعية والطموحات السياسية، ويمكن الحديث عن تطور اقتصادي عندما يتم تحقيق اكتشافات ينتج عنها زيادة في الاحتياطي فقط، أما من ناحية صناعية فإن بداية رجوع الشركات والبدء في خطوات لتوسيع نشاط التنقيب هو شيء إيجابي».

ويرى الخبير الاقتصادي الليبي، خالد بوزعكوك، في حديث لـ«إرم بزنس» أن عودة شركات كبرى للتنقيب والسعي لمناقصة الاستكشافات أمر جيد ومؤشر على حدوث استقرار نسبي شجع على الاستثمارات في القطاع الأهم للاقتصاد الليبي.

وتعزز تلك العودة للتنقيب والاستكشافات بعد سنوات طويلة، مساعي المؤسسة الوطنية الليبية للنفط للوصول لمستهدفات نفطية بين مليوني و3 ملايين برميل يوميا، فضلا عن رفع سقف الصادرات الليبية من النفط، وفق بوزعكوك.

ويؤكد الخبير الاقتصادي الليبي، خالد بوزعكوك أن تلك الخطوات، تعزز مسارا اقتصاديا واعدا وتحقق زخما جديدا في صناعة النفط التي يقوم عليها الاقتصاد الليبي وتمول منه الميزانية والرواتب وخطط الإعمار وغير ذلك.


هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من إرم بزنس

منذ ساعة
منذ 8 ساعات
منذ ساعة
منذ 38 دقيقة
منذ ساعتين
منذ ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 13 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 6 ساعات
صحيفة الاقتصادية منذ 14 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 12 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 11 ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ 10 ساعات
صحيفة الاقتصادية منذ ساعة
قناة CNBC عربية منذ 17 ساعة