أعدّت الصين سلسلة من التدابير الاستباقية لمواجهة أي تصعيد تجاري من قبل الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، إذا قرر استئناف الحرب التجارية.
ووفقاً لمستشارين اقتصاديين ومحللين للمخاطر الدولية، قد تطبق الصين قوانين جديدة، تشمل «قانون العقوبات ضد الأجانب» و«قائمة الكيانات غير الموثوقة»، إذ تسمح هذه القوانين لبكين بفرض عقوبات على الشركات الأميركية وقطع وصولها إلى سلاسل التوريد الحيوية التي تسيطر عليها الصين، مثل المعادن الأرضية النادرة.
وصرح «وانغ دونغ» المدير التنفيذي لـ«معهد التعاون والتفاهم العالمي» بجامعة بكين بأن الصين مستعدة لبدء التفاوض مع إدارة ترامب الجديدة، لكن إذا فشلت المحادثات، فإنها ستمضي قدماً في الدفاع عن مصالحها، وفقاً لتقرير «فايننشال تايمز» (Financial Times).
ويتيح توسيع «قانون الرقابة على الصادرات» للصين استغلال هيمنتها على إمدادات عدد من الموارد العالمية، مثل المعادن الأرضية النادرة والليثيوم، التي تعدُّ أساسية للتقنيات الحديثة، كسلاح في مواجهة الولايات المتحدة.
تعميق التحالفات وتوسيع العلاقات الدولية
ومن ضمن الاستعدادات التي تتخذها الصين لمواجهة المخاطر، أنها تسعى إلى تنويع شراكاتها التجارية بعيداً عن التحالفات الغربية، كخطوة لحماية اقتصادها من آثار العقوبات الأميركية.
وعزز الرئيس الصيني شي جين بينغ مؤخراً علاقات بلاده مع دول محورية في آسيا وأميركا الجنوبية، إذ قدم الصين كقوة عالمية مستقرة في ظل الاضطرابات التي قد تنجم عن سياسة ترامب القومية، وتعكس هذه التحركات نية الصين للتعاون مع دول رئيسة لتأمين شراكات تجارية بديلة وفقاً لتقرير شبكة «سي إن إن» (CNN).
وترجح الشبكة أنه في حال انسحاب ترامب من المؤسسات الدولية، مثل منظمة الصحة العالمية أو الاتفاقيات البيئية كاتفاقية باريس للمناخ، قد تجد الدول الأوروبية نفسها مضطرة للتعاون بشكل أكبر مع الصين.
وهذا التطور يدعم رؤية الرئيس الصيني شي جين بينغ طويلة الأمد لإعادة صياغة النظام العالمي الليبرالي، الذي يرى أنه منحاز للولايات المتحدة، ويتيح له طرح الصين كبديل قيادي، وقد لاقى هذا التوجه قبولاً ودعماً في دول الجنوب العالمي، حيث عززت مبادرة «الحزام والطريق» الصينية وجهود التنمية نفوذ بكين في هذه المناطق.
تعزيز الاكتفاء الذاتي التكنولوجي
تأثرت الصين بشكل كبير خلال ولاية ترامب السابقة، خاصة على صعيد قطاع التكنولوجيا، لذا تعمل الآن على تحقيق اكتفاء ذاتي في هذا القطاع، وتهدف الصين إلى دعم الابتكار في مجالات الذكاء الاصطناعي والرقائق الإلكترونية.
وفرضت الصين مؤخراً عقوبات على شركات أميركية بارزة، مثل شركة «سكاي ديو» (Skydio)، حيث منعت الشركات الصينية من تزويدها بمكونات حيوية، وذلك كإشارة إلى استعداد بكين للرد بقوة على أي تحركات أميركية تهدد مصالحها، وفقاً لتقرير «فايننشال تايمز».
وتشير خطوات الصين الدبلوماسية إلى نيتها جذب حلفاء أميركا التقليديين، حيث استأنفت بكين القمم الثلاثية مع اليابان وكوريا الجنوبية، وعقدت اتفاقيات لتخفيف التوترات الحدودية مع الهند.
والهدف من هذه الإستراتيجية هو تقديم الصين كشريك موثوق، خاصة مع المخاوف المتزايدة لدى قادة أوروبا وآسيا من توجهات ترامب المستقبلية، وفقاً لتقرير «سي إن إن».
التحديات التي تفرضها سياسة ترامب
تعهد ترامب بفرض تعريفات جمركية بنسبة تصل إلى 10% على الواردات من الدول جميعها، وألزم حلفاءه في آسيا بدفع تكاليف أعلى مقابل الوجود العسكري الأميركي.
ومن وجهة نظر صحيفة «فورين بوليسي» (Foreign Policy) قد يدفع هذا الأمر بعض الدول للبحث عن علاقات تجارية بديلة مع الصين لضمان استقرار أسواق التصدير.
وعلى الرغم من أن سياسات ترامب قد تدفع بعض الدول بعيداً عن الهيمنة الأميركية، فإن هناك تحذيرات من بعض المحللين بأن الصين قد لا تكون الخيار الجاذب بالكامل لحلفاء الولايات المتحدة.
وتدرك الصين الطبيعة الشخصية التي يتبعها ترامب في دبلوماسيته، حيث نظمت بكين له استقبالاً استثنائياً خلال زيارته للصين عام 2017، ما ساهم في تعزيز العلاقة بينه وبين القيادة الصينية، وتعمل الصين على استغلال هذه الجوانب الشخصية عبر توطيد علاقاتها مع شخصيات أميركية بارزة يمكن أن تلعب دور وسطاء غير رسميين مع إدارة ترامب، مثل إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا» (Tesla)، الذي تعتمد أعماله بشكل كبير على السوق الصيني.
هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس