ما لا تقتله الصواريخ فوراً، قد تقتله ولو بعد حين

رغم انخراط الإنسان في الحروب منذ آلاف السنين، إلا أن الحديث عن تأثير الإنسان على الطبيعة - خاصة بسبب هذه الحروب - لم يبدأ في الانتشار إلا منذ سنوات قليلة.

كانت حرب الخليج الأولى - عندما اشتعلت النيران في 700 حقل نفط في الكويت في مطلع عام 1991 - أحد أبرز الأحداث التي أوضحت حجم التكلفة البيئية للصراعات المسلحة.

امتدت أعمدة الدخان 800 ميل، وتسرب 11 مليون برميل من النفط الخام إلى الخليج، مما أدى إلى تكوّن بقعة نفطية في البحر بطول تسعة أميال. وعلى اليابسة، تشكّلت نحو 300 بحيرة نفطية على سطح الصحراء، مما أدى إلى تلويث التربة لعقود، وفقاً لبيان للأمم المتحدة.

وبعد مرور أكثر من 30 عاماً على الحرب، "لا تزال آثار تلك الحرائق ملموسة، حيث لا يزال أكثر من 90 في المئة من التربة الملوثة مكشوفاً في الهواء".

لكن "المرة الأولى" التي يحاول فيها أي شخص تقديم تفسير شامل للانبعاثات الناجمة عن الحرب، كانت بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وفقاً لداغ وير، مدير مرصد الصراعات والبيئة البريطاني.

إذ تفضّل الدول الغربية "الحديث عن كيفية تأثير تغير المناخ على أمنها، بدلاً من الحديث عن كيفية تأثير خياراتها الأمنية على تغير المناخ"، كما يوضّح الخبير في اتصال مع بي بي سي عربي.

وقد يعتقد البعض أن تأثير الحرب ينحصر في المناطق التي تدور فيها المعارك، إلا أنّ مدى تأثير الأعمال العسكرية والقتالية على كل من الطبيعة والإنسان يفوق ما نتخيل.

يذكّر داغ وير أنّ العواقب البيئية للنزاعات المسلحة غالباً ما تستمر "لعقود من الزمن، خاصة بسبب قلة الالتزامات، إن وُجدت، على الدول لمعالجة هذه الأضرار".

ويقول إنه - مثلاً - لا يزال بالإمكان رؤية تأثيرات الحرب العالمية الأولى على مستوى المناظر الطبيعية في شمال فرنسا بعد قرن من الزمن، وتشمل هذه التأثيرات التلوث بمخلفات الحرب المتفجرة والسامة.

كما يشير إلى أنّ طبيعة العديد من بلدان الشرق الأوسط لا تزال تحمل الندوب المادية للصراعات، وأنّ مخلفات هذه الصراعات لم تؤثر فقط على المنطقة التي وقع فيها القتال، بل امتدّ هذا التأثير إلى مناطق أخرى "نتيجة غياب الإدارة البيئية الصحيحة".

الحيوانات والطيور تعاني أيضاً خلال المواجهات الحالية بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، تضررت المساحات الخضراء في بلدات جنوب لبنان الحدودية بشكل كبير بسبب الحرائق التي استمرت في بعض الحالات لأيام، ولأن فرق الدفاع المدني لم تتمكن من الوصول لإخمادها، أصبحت أرضاً قاحلة بلا أشجار أو نبات.

يشرح نديم فرج الله، وهو مهندس بيئي وكبير مسؤولي الاستدامة في الجامعة اللبنانية الأمريكية في بيروت، أنّ المشكلة الأساسية في تأثير الحرب على التربة تتعلق بالقصف الجوي أو المدفعي والأسلحة المستخدمة والتحركات العسكرية والحرائق.

ويؤكد أنّ لاستخدام الأسلحة وللحرائق تأثيراً حقيقياً على الأرض والأنظمة البيئية والحيوانات بطريقة غير مباشرة.

ويعطي مثالاً على ذلك: "الأحراج هي أيضاً موطن لكثير من الحيوانات الثديية والحشرات والطيور وغيرها. وإذا ما تضررت هذه المساحات الخضراء جرّاء القصف أو الحريق، ستعاني هذه الكائنات من أضرار جانبية، إذ ستهرب إلى مكان أبعد قد يكون غير مناسب للعيش، فتموت من الجوع لاحقاً".

ماذا عن القنابل الفوسفورية؟ عادةً ما تتسبب القنابل الفوسفورية في الحرائق واسعة النطاق.

وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في حزيران/يونيو الماضي، إنها تحققت من استخدام الفسفور الأبيض من قبل إسرائيل على نطاق واسع في جنوب لبنان، في 17 بلدة على الأقل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنّ القنابل الفوسفورية التي يمتلكها "مخصصة للسواتر الدخانية، وليس للهجوم أو الإشعال".

ويشرح الخبير داغ وير أنّ مكونات العديد من الأسلحة "تحتوي على مستوى معين من السمية، وتشمل هذه المركبات المتفجرة أو الحارقة والمعادن الثقيلة".

إلا أنه "في الوقت الحالي، ليس لدينا بيانات كافية عن التلوث المباشر الذي تخلفه الأسلحة التقليدية على البيئة والمخاطر المحتملة على الناس أو النظم البيئية"، كما يوضّح.

ويشير المهندس نديم فرج الله إلى أنّ القنابل الفوسفورية - المحرمة دولياً كسلاح مباشر ضد المدنيين - تظل تحترق طالما هي معرضة للأكسجين، حتى وإن اتصلت به بعد وقت طويل، إلى أن تحترق كمية الفوسفور كلها.

ويضيف: "تأكل بعض أنواع الطيور، كالدجاج مثلاً، الحصى الذي يساعدها على الهضم، مما يجعلها تأكل أحياناً جزيئيات من قنابل الفوسفور، فتقتل إثر احتراق بقايا القنبلة داخلها".

وتؤثر بعض أنواع القنابل المستخدمة على.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من بي بي سي عربي

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بي بي سي عربي

منذ 7 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 6 ساعات
بي بي سي عربي منذ 14 ساعة
صحيفة الشرق الأوسط منذ 19 ساعة
قناة العربية منذ 8 ساعات
قناة العربية منذ 14 ساعة
سي ان ان بالعربية منذ 12 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 8 ساعات
قناة يورونيوز منذ 9 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 19 ساعة