من المعروف أن جائزة "بوكر" تعتبر "أهم جائزة عالمية تُمنح لعمل روائي واحد"، وهي اليوم تحظى باهتمام تجاري كبير، إذ يُروج لها عبر الفعاليات الإلكترونية والمناقشات وحفلات التوقيع والضجيج على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال حساب على "تيك توك" يتابعه أكثر من 400 ألف شخص. يكاد المرء يتمنى لو كان المحلل الرياضي الشهير روي كين موجوداً في الحفل، ليعلّق ببروده المعتاد: "الكثير من العروض الكثير من الضجيج الكثير من الهراء. ما هذا، كتابة؟ وهي حقاً وظيفتهم".
أرجو ألا تخطئوا فهمي: فقد قدمت الروائية الفائزة بجائزة هذه السنة، سامانثا هارفي، عملاً رائعاً متمثلاً في روايتها "أوربيتال" (مداريّ) Orbital، والتي تجري أحداثها على مدار يوم واحد في الفضاء. الرواية تأملية وعميقة، تتناول الأرض والإنسانية بروح من الرقي، وتستحق الفوز بجائزة، على رغم أنها لم تكن الأوفر حظاً في توقعات المراهنين. فالموقع ذاك كان من نصيب رواية "جيمس" James، للكاتب الأميركي بيرسيفال إيفريت، والتي تركز على شخصية جيمس، الرق الهارب من رواية مارك توين "مغامرات هاكلبري فِن" Adventures of Huckleberry Finn الصادرة عام 1884. منحتُ الرواية تقييماً بأربع نجوم في مراجعتي للكتب الصادرة في أبريل (نيسان) الماضي، واستمتعت كثيراً بروحها الفكاهية وأسلوبها الذكي الذي لا يخلو من النقد اللاذع.
بعيداً من قرارات الجوائز، فإن المقارنة بين عملين أدبيين مختلفين بهذا الشكل تبدو غير مثمرة وشبه مستحيلة. ومع ذلك، من الصعب تصديق أن لجنة بوكر كانت ستغامر بتجاهل قائمة قصيرة تضم أكبر عدد من الكاتبات في تاريخ الجائزة الممتد لخمس وخمسين سنة، ثم تمنح الجائزة الوحيدة التي تبلغ قيمتها 50 ألف جنيه استرليني (63 ألف دولار) للرجل الوحيد في القائمة، مع إدراكها أن الجائزة مُنحت لست نساء فقط وكانت المرة الأولى عام 2008. وعندما سُئل رئيس لجنة التحكيم، إدموند دي وال، عن مدى حظوظ الكاتب الرجل الوحيد، أصر على أن القرار لم يكن مجرد "تحقيق توازن شكلي"، مؤكداً أن اللجنة اتفقت بالإجماع على أن الخيار الأفضل تمثل في هارفي، وهي البريطانية الوحيدة بين المرشحين (مولودة في مقاطعة كِنت عام 1975).
اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من المؤكد أنه لم تَبرز من بين الكتب الأربعة الأخرى المرشحة لجائزة هذا العام أي رواية تملك تألقاً استثنائياً، على رغم أن رواية "مُحتَجَز" Held الممتدة على مدار أربعة أجيال من تأليف الكاتبة الكندية آن مايكلز، كانت الأقرب لقلبي، فهي عمل يتمتع بجمال شعري حقيقي. كذلك استمتعت برواية "تأملات في ساحة ستون يارد" Stone Yard Devotional للأسترالية شارلوت وود، على رغم أن روايتها الرائعة "عطلة نهاية الأسبوع" The Weekend الصادرة عام 2019 كانت أفضل في رأيي. أما "بحيرة الخلق" Creation Lake لـ ريتشيل كوشنر و"الأمانات" The Safekeep، أول عمل للكاتبة يائيل فان در وودن، فكانتا بعيدتين كل البعد عن الفوز منذ البداية.
لكن ماذا عن رواية "أوربيتال"، أول رواية تنال الجائزة تدور أحداثها في الفضاء، والتي تُعد الأقصر بين الكتب المرشحة حيث تحتوي على 144 صفحة فقط، بفارق ثلاث صفحات فقط عن أقصر كتاب فاز بالجائزة على الإطلاق وهو "أوفشور" Offshore للكاتبة بينيلوبي فيتزجيرالد التي ربحت عام 1979؟ تُعد هارفي واحدة من أبرز الكُتّاب البريطانيين وأكثرهم ابتكاراً وطموحاً، وتأتي روايتها الخامسة "أوربيتال" لتستعرض حياة ستة من رواد ومستكشفي الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية. خلال فترة الـ 24 ساعة التي تغطيها الرواية، يشهدون 16 شروقاً و16 غروباً للشمس.
إلى جانب امرأتين وأربعة رجال في الفضاء، فإن الأرض تُعتبر إحدى الشخصيات الرئيسة في الرواية. من خلال نوافذهم المطلة على كوكبهم، يشاهد رواد الفضاء انهيار المناخ بأعينهم، حيث يتابعون إعصاراً من الفئة.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية