المجلات الورقية تعود للحياة في 2024

أتمنى لو يصحّ أن أقول لكم أن ما يُحكى عن اندثار الصحافة الورقية كان مبالغةً، لكن الواقع أعقد من ذلك. لقد ولّت إلى غير رجعة مطبوعات كثيرة مما كانت تكتظ به أكشاك الصحف وصناديق البريد قبل عشرين عاماً، أما البقية فقد تغير نموذج عملها بعد انتقال القرّاء ومعهم أموال المعلنين نحو الفضاء الرقمي، كما عمد كثير منها إلى تقليص عدد الإصدارات الورقية أو تحوّل بالكامل إلى نسخ رقمية.

إن "كوندي ناست" (Cond Nast)، التي كانت يوماً أعظم شركة ناشرة للمجلات في العالم وفاق عدد إصداراتها في أوجها 20 مجلةً، لم تعد تقدّم نفسها اليوم على أنها "شركة مجلات"، وفقاً لما قاله رئيسها التنفيذي روجر لينش في 2022، وقد تراجع عدد إصداراتها إلى 13 فقط حول العالم.

كما طال هذا التغيير مجلة "بلومبرغ بزنيسويك" صاحبة هذا التقرير، التي باتت تقدّم محتواها يومياً عبر موقعها الإلكتروني، وأعلنت في يوليو عزمها إصدار نسختها الورقية شهرياً، بعدما كانت إصداراتها أسبوعيةً طيلة 94 سنة.

نموذج عمل جديد

لا شك أن نموذج الصحافة التقليدي أصبح شيئاً من الماضي، وزال معه الانتشار واسع النطاق للمطبوعات وحضورها الثقافي، بعد أن قلبت الإنترنت قطاع الإعلام رأساً على عقب. ولم يبقَ من أثر ذلك العصر سوى بعض مجلات تُعنى بالقيل والقال نجدها قرب صناديق الدفع في السوبرماركت أو كتب تشبه المجلات وتختص بوصفات الطعام منخفض السعرات.

مع ذلك، ما يزال هنالك بصيص أمل للمجلات، بغضّ النظر عن نموذج العمل، وهو ما بدأ يدركه بعض الناشرين والعلامات التجارية. فقد أعلنت في 2024 عدة مجلات تغطي مجالات متنوعة مثل "فايس" (Vice) و"سبورتس إلستريتد" (Sports Illustrated) و"سيفر" (Saveur) و"نايلون" (Nylon) و"فيلد آند ستريم" (Field Stream) التزامها بالعودة إلى إصدار النسخ الورقية التي سبق أن تخلّت عنها.

في غضون ذلك، تستمر بعض المجلات الصغيرة المستقلة التي تركز على النسخ الورقية، مثل "هوم غيرلز" (HommeGirls) و"دريفت" (Drift) و"بيتر سَذرنر" (Bitter Southerner) و"أبارتامينتو" (Apartamento) في احتلال مساحات في مجالات تخصصها، وقد انضمت إليها عشرات المجلات الورقية الجديدة سنوياً منذ بداية جائحة كورونا.

تحوّل المجلات إلى منتج فاخر

قد تبدو عودة المجلات الورقية مجافية للمنطق، لكن يسهل تفسير هذه الظاهرة إذا ما تذكرتم أن القرّاء لم يتوقفوا قطّ عن الاستمتاع بالمجلات رغم تزايد العبء الاقتصادي لإصدارها. شرح رئيس تحرير مجلة "أتلانتيك"، وهو مديري السابق، في مقابلة مع "سي إن إن" في أكتوبر سبب معاودة مجلته إصدار 12 عدداً ورقياً في العام بعدما قلصت ذلك إلى 10، مشيراً إلى أن أكثر من نصف عدد المشتركين، وعددهم نحو مليون، يحبّذون الحصول على نسخة ورقية.

تُعد المجلات الورقية منتجات ترفيهية، تخضع بالكامل لسيطرة منتجيها، وتصل إلى القراء دون المرور عبر وسيط تقني. وهذه خاصية محببة لدى القرّاء، وكذلك في أوساط المعلنين المتخصصين بالسلع الفاخرة الذين ما يزالون يؤمنون بقدرة الإعلانات الضخمة البرّاقة على جذب جمهور من الميسورين.

وقد يكون قرّاء النسخ الرقمية أكثر تقبلاً لدفع رسوم الإشتراك إن حصلوا على نسخة ورقية (جيدة طبعاً) كجزء من اشتراكهم الرقمي من حين إلى آخر. يعني ذلك أن المطبوعات ما تزال ذات قيمة بالنسبة للمعلنين والناشرين، لكن طبيعة هذه القيمة هي التي تغيرت. يجوز القول إذاً إن المجلات لم تنقرض، بل تحولت إلى "منتج رفاهية"، وفقاً لتوصيف رئيس تحرير مجلة "إنترفيو" (Interview) في تصريح له في نيويورك قبل فترة.

عند التمعن بالدور الجديد الذي ستلعبه المجلات الورقية، من المهم إلى المنشورات التي لم تتخلّ يوماً عن نسخها الورقية، ومن ذلك "أركيتيكشرال دايجيست" (Architectural Digest) و"ذا أتلانتيك" (Atlantic) و"بون أبيتيت" (Bon App tit) و"جي كيو" (GQ) و"نيويورك" (New York) و"نيويوركر" (New Yorker) و"فانيتي فير" (Vanity Fair) و"فوغ" (Vogue) وغيرها. هذه المجلات لا تستهدف عامة الناس، فمعظم قرائها من الميسورين والمثقفين المستعدين للدفع مقابل الحصول على منتج يعتبرونه فاخراً أو ذا جودة عالية، وهذا ما يشجعهم على الاستمرار في الاشتراك بهذا النوع من المجلات.

أصبحت المجلات إذاً منتجات فاخرة بحدّ ذاتها، تتضمّن صفحات لامعة تتناول مواضيع معمّقة وصوراً أصلية تتميز بأسلوب فني راق ويستغرق إنتاجها كثيراً من الوقت والمال.

كما نفعل في بلومبرغ بزنيسويك، فإن عرض هذه المجلات للقارئ يقوم على تقديم محتوى يستحق المال الذي يدفعه مقابل استمتاعه به. وكانت هذه القناعة التي تكوّنت لدى الجمهور أسهمت أيضاً في إحياء شتى أنواع الوسائط التقليدية، من الكاميرات ذات الأفلام إلى إسطوانات الفينيل، كما ساعدت في استقرار قطاع الكتب ومحال بيعها رغم الاعتقاد الذي ساد سابقاً بأن الكتب الرقمية ستقضي عليها.

إعلانات أكثر فعالية

من يشترون هذه المجلات هم في الأغلب من يبتاعون ملابس باهظة أو ينزلون في فنادق فخمة، ويهتمون بالاستماع إلى آخر أخبار السيارات الكهربائية من نوع "بي إم دابليو". وهذا بالذات ما تسوّق له "كوندي ناست" في طروحاتها.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اقتصاد الشرق مع Bloomberg

منذ 11 ساعة
منذ 10 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ ساعة
منذ 3 ساعات
قناة العربية - الأسواق منذ 21 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 10 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ ساعتين
صحيفة الاقتصادية منذ 15 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 17 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 6 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 14 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 4 ساعات