أجمع المؤرخون على أن الفرعون «سنوسرت الثالث» كان أول من فكر في شق قناة تربط البحرين الأحمر والمتوسط؛ بيد أن التاريخ الفعلى لقناة السويس يبدأ من فرمان الامتياز الأول وما تلاه من فرمانات وصولاً لعملية الحفر التى بدأت في 25 ابريل 1859م، حيث ضُربت الفأس الأولى في أعمال قناة السويس في مدينة «الفرما ـ موقع بورسعيد حاليا» بمشاركة نحو 20 ألف من العمال المصريين الذين أدوا واجبهم في ظروف إنسانية بالغة القسوة.
التسمية ذهبت أغلب الكتابات في هذا الشأن إلى كون تسمية قناة السويس ارتبطت بموقعها القريب من برزخ السويس الذي تعبره القناة، بحكم أن منطقة بورسعيد تشكل نقطة بدايتها.
ويرى فريق آخر من المهتمين أن تسميتها ترجع إلى مدينة السويس الواقعة جنوب القناة، باعتبارها المنطقة التي شهدت أولى عمليات الحفر أثناء أشغال بناء القناة.
لكن الأغلبية ترجح ارتباط التسمية ببرزخ السويس وليس بمدينة السويس، علما أنه في عهد الصحابي «عمرو بن العاص» كانت تسمى «قناة أمير المؤمنين».
وحسب بعض الكتابات، فإن «عمرو بن العاص» وهو من أطلق هذه التسمية على القناة التي كانت مغلقة، وأعاد حفرها وقام بإعمار مصر وفق نموذج اقتصادي يهتم بالفلاحة والري.
الموقع تحد قناة السويس المائية شمالاً مدينة بورسعيد الساحلية، ومدينة السويس جنوبًا، وفي الجهة الغربية لقناة السويس المصرية يوجد دلتا نهر النيل المنخفض، وشبه جزيرة سيناء العليا في الجانب الشرقي.
تحتوي القناة على منفذين: شمالي بطول 22 كيلومترا، وجنوبي بطول 9 كيلومترات، مما يجعلها تمتد من الشمال إلى الجنوب مرورًا ببرزخ السويس وبعدد من البحيرات، أشهرها بحيرة التمساح وبحيرة المنزلة والبحيرات المُرّة العظمى، والبحيرات المُرّة الصغرى.
تشمل القناة مسافات مستقيمة و8 منحنيات رئيسية، وتتميز باختلاف في طبيعة التربة من منطقة إلى أخرى، فهناك مثلا التربة الرسوبية، وفي مناطق أخرى تغلب الرمال، في حين تصبح التربة متماسكة في المنطقة الجنوبية مع وجود عروق صخرية.
ومنذ افتتاحها في 17 نوفمبر 1869م، مرت القناة بمراحل تاريخية وشهدت تطورات وأحداثًا كبرى كان من أبرزها قرار التأميم الذي أعاد الحقوق لأصحابها، وتعرضها للإغلاق بعد حرب عام 1967م، ثم افتتاحها في يونيو 1975م، ونعرض في السطور التالية أهم تلك التطورات:
قناة السويس: جذور الفكرة وبداياتها الأولى من المعلوم وكما تبين كتب التاريخ أن أول من فكر في ربط البحرين الأبيض والأحمر، بطريق غير مباشر، عن طريق النيل وفروعه هو الفرعون «سنوسرت الثالث»، من الأسرة الثانية عشرة، وذلك بهدف توطيد التجارة وتيسير المواصلات بين الشرق والغرب، حيث كانت السفن القادمة من البحر الأبيض المتوسط تسير في النيل حتى الزقازيق ومنها إلى البحر الأحمر عبر البحيرات المرة التي كانت متصلة به في ذلك الوقت، وما زالت آثار هذه القناة موجودة حتى اليوم في «جنيفة» وهي قرية تتبع مركز الجناين بمحافظة السويس».
إعادة شق القناة (610 قبل الميلاد) فى عام 610 قبل الميلاد امتلأت هذه القناة بالأتربة وتكون سد أرضي عزل البحيرات المرة عن البحر الأحمر؛ لافتقارها إلى الصيانة فترة طويلة من الزمان، فبذل الفرعون «نخاو الثاني» المعروف باسم «نيقوس»، غاية جهده لإعادة شق القناة، فوفق إلى أن وصل النيل بالبحيرات المرة ولكنه فشل في وصلها بالبحر الأحمر.
وفى 510 قبل الميلاد اهتم «دارا الأول» ملك الفرس بالقناة فأعاد ربط النيل بالبحيرات المرة غير أنه لم ينجح كسلفه في وصل البحيرات المرة بالبحر الأحمر إلا بواسطة قنوات صغيرة لم تكن صالحة للملاحة إلا في موسم فيضان النيل فقط.
وتغلب «بطليموس الثاني» في 285 قبل الميلاد على كل الصعوبات التي اعترضت سبيل سابقيه، فتمكن من إعادة الملاحة إلى القناة بأكملها، بعد أن نجح في حفر الجزء الواقع بين البحيرات المرة والبحر الأحمر، ليحل محل القنوات الصغيرة.
ورأى الرومان إعادة استخدام القناة للملاحة لضرورات التجارة، فحفر الإمبراطور «تراجان الروماني» قناة جديدة «98 ميلادية»، تبدأ من القاهرة عند منطقة «فُم الخليج» وتنتهي في حي «العباسية»، حيث تتصل بالفرع القديم عند مدينة «الزقازيق».
وفي عهد البيزنطيين «400 ميلادية» دب الإهمال من جديد في القناة، فتراكم التراب فيها حتى أصبحت غير صالحة للملاحة على الإطلاق.
وفى عام 641 ميلادية، أعاد الصحابي الجليل «عمرو بن العاص» الملاحة إلى القناة، وأطلق عليها اسم قناة «أمير المؤمنين»، وقد خطر له أن يشق قناة مباشرة بين البحرين الأبيض والأحمر، ولكن الخليفة «عمر بن الخطاب» أثناه عن عزمه؛ اعتقاداً منه بأن شق مثل هذا البرزخ قد يعرض مصر كلها لطغيان مياه البحر الأحمر.
وفى عام 760ميلادية، ردم الخليفة العباسي «أبو جعفر المنصور» القناة حتى لا تستخدم في نقل المؤن إلى أهل مكة والمدينة الثائرين على حكمه =، وبذلك تعطلت الملاحة بين البحرين، أحد عشر قرنا تقريبا، استخدمت خلالها الطرق البرية في نقل تجاره مصر.
وفى عام 1820 أمر «محمد علي» بإصلاح جزء من القناة لري المنطقة الواقعة بين العباسية والقصاصين.
الحفل الأسطوري لافتتاح قناة السويس
- قناة السويس من فرمان الامتياز 1854 إلى حفل الافتتاح 1869م يبدأ التاريخ الحقيقي لقناة السويس من فرمان «الامتياز الأول» وما تلاه من فرمانات مروراً بضربة «الفأس الأولى» في أعمال الحفر وصولاً إلى انتهاء أعمال الحفر «18 أغسطس 1869م» والتي توجت بحفل الافتتاح في 17 نوفمبر 1869م.
فرمان الامتياز الأول صدر فرمان «الامتياز الأول» الذي منح «فرديناند ديلسبس» حق إنشاء شركة لشق قناة السويس في 30 نوفمبر 1854م، وينص هذا الفرمان في مادته الأولى على أن «ديلسبس» يجب أن ينشىء شركة ويشرف عليها، وفى مادته الثانية أن مدير الشركة يتم تعيينه بمعرفة الحكومة المصرية، وفى مادته الثالثة أن مدة الامتياز تسع وتسعون سنة تبدأ من تاريخ فتح القناة، وفى مادته الخامسة أن الحكومة المصرية تحصل سنوياً على 15 % من صافى أرباح الشركة، وينص هذا الفرمان أيضاً على أن رسم المرور في القناة يتم الاتفاق عليه بين «الخديوي والشركة»، وأن تتساوى فيه كل الدول دون تفرقة أو امتياز، وأنه عند انتهاء امتياز هذه الشركة تحل الحكومة المصرية محلها، وتستولي على القناة وعلى كل المنشآت التابعة لها.
فرمان الامتياز الثانى صدر فرمان «الامتياز الثاني» في 5 يناير 1856 وهو يتضمن 23 مادة توضح ما تضمنه «الفرمان الأول» من أحكام، غير أنه يلاحظ أن المواد «14 و »15 من «الفرمان الثاني» تؤكد بصورة واضحة حياد القناة.
فقد جاء في المادة 14«القناة البحرية الكبرى من السويس إلى الطينة والمرافئ التابعة لها مفتوحة على الدوام بوصفها ممراً محايداً لكل سفينة تجارية ».
تأسيس الشركة العالمية لقناة السويس البحرية تأسست الشركة العالمية لقناة السويس البحرية في 15 ديسمبر 1858 م برأس مال قدره 200 مليون فرنك «8 ملايين جنيه»، مقسم على 400,000 سهم قيمة كل منها 500 فرنك خصصت الشركة لكل دولة من الدول عددا معينا منها وكان نصيب مصر 92136 سهما ونصيب انجلترا والولايات المتحدة والنمسا وروسيا 85506 أسهم غير أن هذه الدول رفضت رفضا باتا الاشتراك في الاكتتاب، فاضطرت مصر إزاء رفضها، إلى استدانة 28 مليون فرنك «1120000 جنيه» بفائدة باهظة لشراء نصيبها بناء على إلحاح « فرديناند ديلسبس »، ورغبة منها في تعضيد المشروع وإنجاحه، وبذلك أصبح مجموع ما تملكه مصر من الأسهم 177642 سهما قيمتها 89 مليون فرنك تقريبا «3560000 جنيه» أي ما يقرب من نصف رأس مال الشركة.
بدء العمل في حفر قناة السويس في 25 أبريل 1859م بدأ العمل في حفر قناة السويس رغم اعتراضات انجلترا والباب العالي، وتدفقت مياه البحر الأبيض المتوسط في بحيرة التمساح 18 نوفمبر 1862م، وكانت وقتئذ عبارة عن منخفض من الأرض، تحف به الكثبان الرملية ويقع في منتصف المسافة بين بورسعيد والسويس.
وتلاقت مياه البحرين الأبيض والأحمر في 18 أغسطس 1869م، فتألف منها ذلك الشريان الحيوي للملاحة العالمية، وبذلك انتهت أعمال هذا المشروع الضخم الذي استغرق تنفيذه عشر سنوات، بعد استخراج 74 مليون متر مكعب من الأتربة وقد بلغت تكاليفه 433 مليون فرانك «17320000 جنيه»، أي ضعف المبلغ الذي كان مقدرا لإنجازه.
الحفل الأسطوري لافتتاح قناة السويس
افتتاح القناة في حفل أسطوري في 17 نوفمبر 1869م تلاقت مياه البحرين الأحمر والمتوسط في 18 أغسطس 1869م لتظهر إلى النور قناة السويس «شريان الخير لمصر والعالم» التي وصفها عالم الجغرافيا الراحل الدكتور جمال حمدان بأنها «نبض مصر».
وافتتحت القناة في حفل أسطوري في17 نوفمبر 1869م بحضور ستة آلاف مدعو في مقدمتهم الإمبراطورة «أوجينى» زوجة إمبراطور فرنسا «نابليون الثالث»، وإمبراطور النمسا، وملك المجر، وولى عهد بروسيا، وشقيق ملك هولندا، وسفير بريطانيا العظمى في الآستانة، والأمير عبد القادر الجزائري، والأمير توفيق ولى عهد مصر، والكاتب النرويجى الأشهر «هنريك إبسن»، والأمير «طوسون» نجل الخديوي الراحل «سعيد باشا»، و«نوبار باشا»، وغيرهم.
وعبرت القناة في ذلك اليوم 17 نوفمبر 1869م السفينة «ايجيل»، وعلى متنها كبار المدعوين، تتبعها 77 سفينة منها 50 سفينة حربية، وأقيمت بهذه المناسبة احتفالات ومهرجانات تفوق الوصف، أنفق فيها الخديو «إسماعيل» نحو مليون ونصف مليون جنيه.
- ما بعد الافتتاح حتى اتفاقية القسطنطينية في 15 فبراير 1875م اشترى « بينجامين دزرائيلي» رئيس الوزراء البريطاني من الخديوي «إسماعيل» 176602 سهماً مقابل مبلغ 3.976.580 جنيه انجليزي وهذه الأسهم المصرية المباعة كانت تمثل 44% من مجموع الأسهم وكان تعطي مصر حق الحصول على 31 % من مجموع ربح الشركة .
وتنازلت الحكومة في 17 أبريل 1880م للبنك العقاري الفرنسي عن حقها في الحصول على 15% من ربح الشركة مقابل 22 مليون فرنك، وبذلك أصبحت الشركة تحت السيطرة المالية لفرنسا وانجلترا للأولى 56 % من الأسهم وللثانية 44% .
وفيما بين «مايو وسبتمبر» 1882م تم احتلال الانجليز لمصر في أعقاب الثورة العرابية واستولى الجيش البريطاني على مرافق الشركة، وأوقف المرور بالقناة مدة مؤقتة.
وصدر تصريح من لورد «جرانفيلد» في 3 يناير 1883مإلى الدول الكبرى أعلن فيه أن الحكومة الإنجليزية ترغب في سحب جيشها من مصر في أقرب فرصة تسمح فيها حالة البلاد بذلك. ويقترح تنظيم وضع قناة السويس بموجب اتفاقية تبرم بين الدول الكبرى.
ومن ثم اجتمعت في 30 مارس 1885م في باريس لجنة دولية لوضع وثيقة بضمان حرية الملاحة في القناة في كافة الأوقات ولكافة الدول، ولكن لم يتم الاتفاق على وضع هذه الوثيقة.
اتفاقية القسطنطينية في 29 أكتوبر 1888م أبرم في «القسطنطينية» اتفاق بين كل من فرنسا والنمسا والمجر وإسبانيا وإنجلترا وإيطاليا وهولندا وروسيا وتركيا بمقتضاه تم وضع نظام نهائي لضمان حرية الملاحة في قناة السويس، وارتباطًا بمسألة احترام مصر لاتفاقية القسطنطينية بعثت في 17 يوليه 1957م برسالة إلى محكمة العدل الدولية، يبلغها أن مصر قد قبلت الولاية الجبرية للمحكمة طبقاً لأحكام المادة 36 من القانون الأساسي لهذه المحكمة بالنسبة لكافة المنازعات التي تتعلق بالمرور في قناة السويس.
عدد الأهرام يكتب التاريخ بإعلان تأميم شركة قناة السويس
4- تأميم القناة ..عودة الحق إلى أصحابه علن الرئيس «جمال عبد الناصر» في خطابه التاريخي في مدينة الإسكندرية في 26 يوليو 1956قرار «تأميم قناة السويس»، ونصت المادة الأولى من القرار على أن تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية «شركة مساهمة مصرية» وتنقل إلى الدولة جميع مالها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات وتحل الهيئات واللجان القائمة حالياً على إدارتها، ويعوض المساهمون وحملة حصص التأسيس عما يملكون من أسهم وحصص بقيمتها مقدرة بحسب سعر الإقفال السابق على تاريخ العمل بهذا القانون في بورصة الأوراق المالية في باريس، ويتم دفع هذا التعويض بعد إتمام استلام الدولة لجميع أموال وممتلكات الشركة المؤممة.
وبالفعل أوفت الدولة المصرية بكافة التزاماتها، فمع حلول الأول من يناير 1963م كانت قد سددت التعويضات التي أعلنت عن عزمها على دفعها لمساهميها تعويضا لهم عما يملكونه من أسهم وحصص تأسيس بقيمتها مقدرة وفقا لسعر الإقفال، في اليوم السابق للتأميم في بورصة الأوراق المالية بباريس، وبلغت جملة التعويضات 28300000 جنيه قيمة 800000 سهم سددت جميعها بالعملة الصعبة، قبل تاريخ استحقاقها بسنة كاملة .
وإذا كان قرار التأميم قد جاء ردًا مباشرًا على مواقف الدول الكبرى والبنك الدولي من مسألة تمويل السد العالي، إلا أن القرار في حقيقة الأمر كان كاشفاً وليس منشئا للحقوق المصرية وهو يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالسيادة المصرية على كامل التراب الوطني بعد ثورة «23 يوليو» المجيدة.
ولقد قامت مصر بتفنيد كافة الأسانيد التي تدحض وتشكك في قرار التأميم وكان ذلك في الخطاب الشهير الذي ألقاه وزير خارجية مصر الدكتور «محمود فوزي» أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 أكتوبر 1956 وكان خطابا مطولا من بين ما جاء فيه : إن لكل دولة مستقلة الحق في تأميم أية هيئة تخضع لسيادتها، وقد أكدت الجمعية العمومية للأمم المتحدة بقرارها رقم 12626 بتاريخ 21 ديسمبر 1952م أن لكل دولة الحق في استغلال موارد ثروتها لرفاهية شعبها، طبقا لسيادتها ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وما تصرف مصر في تأميم شركة القناة إلا تنفيذ لهذا القرار.
وأضاف:"إن شركة القناة شركة مصرية منحت امتياز تكوينها من الحكومة المصرية، وذلك لمدى 99 عاما، والمادة 16 من الاتفاق الذي عقد بين الحكومة المصرية وبين شركة القناة في 22 فبراير سنة 1866م تنص على «أن الشركة العالمية لقناة السويس البحرية هي شركة مساهمة مصرية» تخضع لقوانين البلاد وعرفها، وقد اعترفت الحكومة البريطانية نفسها بهذه الحقيقة ودافعت عنها أمام المحاكم المختلطة بتاريخ 12 أبريل 1939م، في قضية الوفاء بالذهب، كما أعلن تمسك مصر بحق سيادتها على أرضها واحترامها لاتفاقية 1888م مع استعدادها للمفاوضات في سبيل الوصول إلى حل لمشكلة القناة بالوسائل السلمية.
وبعد قرار التأميم تعرضت مصر لهجمة استعمارية شرسة بدأت بمحاولة خنق الاقتصاد المصري عندما انسحب المرشدون والفنيون الأجانب الذين يعملون في القناة لتعطيل الملاحة وعرقلة دولاب العمل ومن ثم إحراج الدولة المصرية بعدم قدرة أبنائها على إدارة القناة .
يبدو أن روح التحدي التي تحلى بها المصريون دوما في أحلك الأوقات ساعدت على تجاوز الأزمة حيث نجح المرشدون المصريون بمعاونة بعض المرشدين من الدول الصديقة في تسيير الملاحة بانتظام بعد يومين فقط من انسحاب المرشدين الأجانب حيث عبرت القناة في 16 سبتمبر 36 سفينة وفى 17 سبتمبر 35 سفينة وفى يوم 18 سبتمبر 32 سفينة وفى 19 سبتمبر 34 سفينة.
وفي يوم الثلاثاء 18 سبتمبر 1956م استقبلت «محافظة الإسماعيلية» 50 مراسلاً من الأجانب كانت مصلحة الاستعلامات قد أعدت لهم رحلة إلى منطقة القناة ليقفوا بأنفسهم على دقة نظام الملاحة في القناة . وفى اليوم التالي 19 سبتمبر 1956 كان المانشيت الرئيسي لصحيفة «الأهرام» معبراً عن واقع الحال حيث جاء كالتالي: إعجاب الصحفيين الأجانب بنظام الملاحة في القناة، بعد أن شاهدوا قوافل السفن تمر في سلام، وكتب عدد غير قليل من الصحف والمجلات الأجنبية عن نجاح الإدارة المصرية في تنظيم حركة الملاحة في القناة، ومن بينها مجلة «تايم» الأمريكية حيث نشرت في عددها الصادر في الأول من أكتوبر 1956م، مقالا بعنوان «تحت ظل الإدارة الجديدة» من أبرز ما جاء فيه «بعد ثمانية أسابيع من تأميم القناة وبعد أسبوع واحد من انسحاب ثلثى مرشديها يبدو أن ناصر بر بما كان يفخر به، فقد مرت منذ التأميم 2432 سفينة بسلام وأمان منها 301 عقب الانسحاب الجماعي للمرشدين الأجانب» .
وتوالت الأحداث بعد ذلك والتي انتهت بشن العدوان الثلاثي على مصر، والذي استمر من 31 أكتوبر إلى 22 ديسمبر 1956م.
وإذا كان العدوان الثلاثي قد تسبب في غلق القناة إلا أن ضفاف القناة ومصر كلها خاضت في ذلك الوقت معركة مجيدة تكللت ليس فقط بانتصار 23 ديسمبر 1956م، لكن معركة السويس المجيدة كما يسميها «المؤرخون» دفنت الاستعمار وعصر.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من بوابة الأهرام