بعد تجاوز قيمتها السوقية تريليون دولار، دخلت بورصة الإمارات (المجمعة بين أبوظبي ودبي) بين أقوى 30 سوقاً مالياً على مستوى العالم، وتقترب بشدة من قائمة أفضل 20 بورصة في العالم.
وتفوقت البورصة الإماراتية على أسواق عريقة مثل ميلانو الإيطالية ومدريد الإسبانية، وتنافس بقوة بورصات كبيرة كالبورصة السويسرية والألمانية والسويدية والأسترالية والكورية، كما أصبحت أكبر من معظم الأسواق الناشئة، باستثناء بعض الاقتصادات الكبرى مثل الهند والصين.
ورغم أن بورصة الإمارات لا تزال أصغر من بعض الأسواق الكبرى مثل الولايات المتحدة واليابان، فإن نموها الملحوظ، خاصة في مجالات مثل التكنولوجيا والسياحة والطاقة الخضراء، يضمن لها إحراز تقدم أكبر وأسرع في الساحة المالية العالمية.
قيمة البورصة الإماراتية
القيمة السوقية للأسهم المدرجة في دولة الإمارات العربية المتحدة تشير إلى تطور كبير في القطاع المالي للدولة، حيث إن هذه القيمة تجعل من الإمارات لاعبًا قويًا في أسواق المال العالمية والإقليمية، وتؤكد مكانة الإمارات كعاصمة مالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
اكتتابات عامة قوية
في حديثه مع (CNN الاقتصادية)، قال مروان شراب مدير تطوير الأعمال في «إكس كيوب» إنه «بعد دعم القطاع المصرفي للأسواق شهدنا اكتتابات عامة أولية قوية في أسواق أبوظبي من بعد فترة الجائحة، وشهدنا كذلك استكمالاً لهذا النمط في أسواق دبي مع إعلان دعم الأسواق في الاكتتابات الحكومية والشركات الخاصة في الفترة الماضية، ما أتاح تنوعاً كبيراً في أسهم الشركات المدرجة للمساهمين محلياً وعالمياً، وترتب عليه جذب للاستثمارات الأجنبية بقوة في الفترة الماضية».
وأضاف شراب أن «وصول القيمة السوقية للسوقين مجمعين فوق التريليون دولار يعكس الانكشاف والتنوع الحقيقيين لأسواق الإمارات لفرص استثمارية وعمليات اندماج إيجابية ونمو حقيقي في نتائج الأعمال».
وأشار إلى أن «إكس كيوب تدعم النمو في الخدمات المالية في الإمارات وتعمل على توفير منتجات مختلفة لدعم السيولة والإقراض قصير الأجل والعقود الآجلة، لتسمح بالتوسع على الشركات المختلفة بطريقة صحية تفيد كلاً من المستثمر والحركة السعرية للأسواق».
سوق أبوظبي للأوراق المالية (ADX)
شهدت بورصة أبوظبي نمواً ثابتاً في قيمتها السوقية التي تجاوزت مؤخراً 800 مليار دولار في 15 نوفمبر تشرين الثاني 2024، ويعود هذا النمو إلى إدراج الشركات الكبرى مثل الشركة القابضة الدولية (IHC)، التي أصبحت لاعبًا رئيسيًا في أسواق المنطقة، ويقترب رأس مالها من 250 مليار دولار، إضافة إلى وجود كيانات ضخمة في هذا السوق مثل أدنوك للغاز التي تتجاوز قيمتها السوقية نحو 262 مليار دولار، وشركة طاقة التي تتجاوز قيمتها السوقية 87.5 مليار دولار، بجانب أدنوك للحفر وأدنوك للإمداد والخدمات وبروج واتصالات وأبوظبي الأول وألفا ظبي القابضة وبنك الاستثمار وغيرها من الشركات القوية في سوق أبوظبي للأوراق المالية.
سوق دبي المالي (DFM)
رغم أن سوق دبي المالي أصغر من أبوظبي، فإن قيمته السوقية تجاوزت 202 مليار دولار، وقد استفادت البورصة من إدراج شركات بارزة مثل ديوا وإعمار العقارية وبنك دبي الإسلامي، والإمارات دبي الوطني والمشرق وسالك، التي تسهم بشكل كبير في قيمتها سوق دبي المالية.
العوامل الرئيسية التي تدفع نمو سوق الإمارات المالي
تتمتع بورصتا الإمارات (أبوظبي ودبي) بجاذبية استثمارية قوية، مدفوعة بالاستثمارات الأجنبية، بجانب المساهمة القوية لقطاعات مثل الطاقة والعقارات والخدمات المالية في تعزيز مكانة دولة الإمارات المالية.
الإدراجات
دعمت الحكومة الإماراتية إدراج الشركات الحكومية مثل أدنوك وموانئ دبي العالمية، التي تُعتبر من أكبر الشركات في المنطقة، كما أسهمت الاكتتابات العامة الأولية (IPOs) والبرامج الاستراتيجية للخصخصة في تعزيز القيمة السوقية.
وبهذا الشأن، قال وضاح الطه عضو المجلس الاستشاري في معهد CISI في الإمارات «في السنوات الأربع الأخيرة تقريباً، أضافت الإدراجات شركات كبيرة، مثل الشركة العالمية القابضة وهي الأعلى قيمة سوقية في أسواق الإمارات (دبي وأبوظبي)، وفي المرتبة الثانية تأتي شركة طاقة، وأدنوك للغاز واتصالات وأبوظبي الأول، وتعادل القيمة السوقية لتلك الشركات الخمس تقريباً 48.9% من إجمالي القيمة السوقية لأسواق الإمارات».
وأضاف «تعتبر نسبة القيمة السوقية إلى الناتج المحلي الإجمالي أحد أهم المؤشرات لبيان تأثير أسواق المال على الاقتصاد الكلي، فإذا حققت الإمارات نسبة نمو بمعدل 4% في عام 2024، وكان الناتج المحلي الإجمالي في الإمارات بلغ 504.2 مليار دولار بنهاية 2023، فمن المتوقع لاقتصاد الإمارات في 2024 أن يكون الناتج المحلي الإجمالي بحدود 524 مليار دولار تقريباً».. وتابع الطه قائلاً «عند مقارنة ذلك بالقيمة السوقية للبورصة الإماراتية التي تخطت تريليون دولار في 2024، فالناتج يصل إلى 190%، وهذه نسبة تعتبر إيجابية، لكن أيضاً لا يمكن الحكم عليها بشكل مطلق، إذ يجب حساب إجمالي التداولات إلى القيمة السوقية، وهذا ما يجب التركيز عليه خلال العام القادم لأنه من المفترض أن يكون أفضل من العام الحالي».
التنوع الاقتصادي
على عكس العديد من أسواق الشرق الأوسط التي تعتمد بشكل كبير على النفط، نجحت الإمارات في التنويع الاقتصادي، فقد شهدت قطاعات مثل السياحة والعقارات والتكنولوجيا استثمارات كبيرة، ما يعزز السوق المالي ويزيد من ثقة المستثمرين.
الدعم الحكومي
قامت الإمارات بتقديم العديد من المبادرات لجذب رأس المال الأجنبي، بما في ذلك التعديلات في قوانين الملكية الأجنبية، والسياسات الضريبية المواتية، والإصلاحات التنظيمية، وزيادة الشفافية، وتسهيل وصول المستثمرين الدوليين، وتحسين حوكمة الشركات، وزيادة الشفافية في سوق الأسهم، ويضاف إلى ذلك قرب دولة الإمارات من الأسواق الكبيرة في آسيا وإفريقيا وأوروبا.
كما تتمتع الإمارات ببنية تحتية مالية حديثة، وبيئة تنظيمية قوية، ومنصات تداول متطورة، ما يجعلها جاذبة للمستثمرين الدوليين.
موقع الإمارات في السوق العالمي
تحتل البورصة الإماراتية الآن مرتبة متقدمة بين أكبر 30 بورصة في العالم من حيث القيمة السوقية، إذ تعد الإمارات من الأسواق الناشئة التي تنمو بسرعة كبيرة مقارنة بالعديد من الأسواق النامية.
وفقاً لبيانات «ستاتيستا» فإنه حتى سبتمبر 2024 فإن أكبر 19 بورصة في العالم من حيث القيمة السوقية آخرها بورصة جوهانسبرج في جنوب إفريقيا (أكبر بورصة في قارة إفريقيا) تتجاوز قيمتها 1.13 تريليون دولار، ما يعني أن التطور الكبير في السوق المالي الإماراتي يضمن له الاقتراب بقوة من نادي أكبر 20 بورصة في العالم من حيث القيمة السوقية.
وبهذا التقدم في قيمتها السوقية، تتفوق البورصة الإماراتية على أسواق العديد من البلدان في مناطق مختلفة من العالم في آسيا وإفريقيا، سواء في الدول المتقدمة أو الدول الناشئة، ما يعكس قوة بنيتها التحتية المالية وثقة المستثمرين بها.
ومع التقدم المذهل للبورصة الإماراتية مؤخراً، يقترب سوق المال الإماراتي من وضع اسمه في دائرة الكبار بين أكبر البورصات العالمية مثل بورصة نيويورك، وطوكيو ويورونكست ولندن وشنغهاي وهونج كونغ، كما يقترب من منافسة أسواق مالية كبيرة وعريقة كالبورصة السويسرية والألمانية والسويدية والأسترالية والكورية، فإذا كانت هذه البورصات من بين البورصات ذات القيمة السوقية المتوسطة مقارنة ببورصات مثل نيويورك أو طوكيو، لكنها تظل ذات أهمية كبيرة في الأسواق العالمية.
موقع الإمارات في المنطقة العربية والشرق الأوسط
في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تتمتع الإمارات بمكانة رائدة في أسواق المال، حيث تأتي في المرتبة الثانية بعد بورصة السعودية (تداول)، التي تتصدر الأسواق العربية من حيث القيمة السوقية.
وتظل بورصة السعودية الأكبر في العالم العربي، حيث تقترب قيمتها السوقية من 3 تريليونات دولار، ومع ذلك تظل الإمارات في المرتبة الثانية بقيمة تتجاوز تريليون دولار.
وجاءت بورصة قطر بعد البورصة الإماراتية بفارق كبير، حيث تتجاوز قيمتها السوقية 165 مليار دولار، وبعدها بورصة الكويت التي تبعد بكثير عن الإمارات والسعودية في حجم السوق بنحو 140 مليار دولار، وبورصة الدار البيضاء 73.8 مليار دولار، وبورصة مسقط 63.8 مليار دولار، والبورصة المصرية 43.36 مليار دولار.
وبلغت القيمة السوقية لبورصة عمّان 23.7 مليار دولار، وبورصة البحرين 20.19 مليار دولار، وبورصة بيروت 19.2 مليار دولار، وبورصة تونس 8.52 مليار دولار، وبورصة دمشق 5.95 مليار دولار، وبورصة فلسطين 4.07 مليار دولار، وفقاً للنشرة الشهرية لصندوق النقد العربي الصادرة في سبتمبر 2024.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية