ضلل استسلام إدارة بايدن المتفاخر ببيانها العلني بشأن "الانتقال السلمي للسلطة" للرئيس المنتخب دونالد ترامب الكثيرين، بما في ذلك ترامب نفسه. وبدلاً من اتباع سرّية بوتين المعهودة، لم يترك ترامب لأعدائه، حتى قبل توليه منصبه، أدنى شك حول نيته القيام بثورة هيكلية، وتطهير السلطات من أي احتمالات للتخريب في البلاد من جانب الدولة العميقة. وتم تعيين شخصيات في عدد من المناصب الرئيسية، ليست قادرة فحسب، بحكم مستواها المهني ووجهات نظرها، على قيادة هذه الإدارات، بقدر قدرتها على تفكيكها وتدميرها، حيث تبدو مهمة تطهير الصفوف من أنصار الديمقراطيين هي المهمة الوحيدة الملقاة على عاتق هذه الشخصيات.
علاوة على ذلك، قال ترامب إنه ليس ضد ولاية ثالثة، وهو أمر لا يكاد يكون ممكنا دون قمع المعارضة بالقوة، إلى جانب عملية تطهير الكوادر، وهو ما يزيد بشكل كبير من احتمال وصول ترامب وأنصاره للسلطة لفترة طويلة للمستقبل المنظور بأكمله.
على أية حال، فإن مثل هذا التطهير هو بمثابة تذكرة ذهاب دون عودة، ويعني استحالة إمكانية العودة إلى الحالة الفعلية السابقة لجهاز الدولة. وحتى إذا فاز الديمقراطيون مرة أخرى، فسيتبع ذلك عملية تطهير مضادة. ومنطق العملية حينها سيتطلب زيادة في النطاق، واستجابة أقوى، وكنتيجة لذلك سيتم تدمير أي إمكانية لاستمرارية وكفاءة السلطة.
في الوقت نفسه، وفي ظل الظروف الجديدة، لا يمكن الحفاظ على قدرة جهاز الدولة على الاستمرار، إلا إذا كانت السلطة مستمرة في الحكم، وهو ما يستحيل تحقيقه في ظروف الأزمة الاقتصادية وتراجع شعبية أي إدارة، دون وجود حكومة مستدامة، وإلغاء الانتخابات وقمع المعارضة بالقوة. باختصار، إذا بدأت عملية التطهير، فهذا يعني بداية حرب أهلية، ربما لا يصحبها اشتباكات ودماء في الشوارع، لكنها على الأرجح ستكون كذلك.
بطريقة أو بأخرى، فإن النظرية حول صفقة محتملة بين ترامب و"بايدن الجماعي" تدحضها الأحداث المتلاحقة بشكل متزايد. ولم تدم النشوة التي سادت فريق ترامب طويلا، فقد رد الديمقراطيون بقوة، وعلى ما أعتقد، بخطة تمت الموافقة عليها مسبقا.
ونشر الصحافة الأمريكية لمعلومات تفيد بسماح إدارة بايدن لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى لعمق الأراضي الروسية يشير إلى نية الدولة العميقة في ربط ترامب قدر الإمكان بأجندة السياسة الخارجية، ما من شأنه أن يشلّ أنشطة سياساته الداخلية.
وهذه الخطوة، التي اتخذتها إدارة بايدن، والتي ذكرت صحيفة "لو فيغارو" لاحقا أن بريطانيا وفرنسا انضمتا إليها، تعد تورطا مباشرا لهذه الدول في الصراع الأوكراني وهجوما صريحا على روسيا، كما قال بوتين سابقا. وأعتقد أنه، وبصرف النظر عن نفي أنباء المشاركة الأوروبية وتعديل نبأ السماح بضرب الصواريخ قبل تنصيب ترامب، سيتم توجيه ضربة صاروخية على روسيا، وستكون ضربة حساسة قدر الإمكان، أملا في ألا يتمكن بوتين من الامتناع عن الرد بنفس الضربة المباشرة على الولايات المتحدة، الأمر الذي يمكن أن يسفر عن صراع مباشر بين روسيا والولايات المتحدة، وربما بين روسيا و"الناتو".
لا أتعهد هنا بالتنبؤ بالرد الذي سيختاره بوتين على مثل هذه الضربة، لا سيما أنه أمر لا ينبغي أن يعلن في الوقت الراهن، لكنني أقدم عددا من الخيارات الممكنة لتطور الأحداث:
1- يرد بوتين بشكل متساو ومباشر بضرب قواعد عسكرية للولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا. وربما تقوم روسيا بإغراق إحدى أو عدة حاملات للطائرات. واعتمادا على حساسية الضربات الغربية، من الممكن أيضا أن تقوم روسيا بتوجيه ضربات مباشرة ضد أهداف عسكرية واقتصادية على أراضي الدول المعتدية.
بعد ذلك، ستتولى إدارة بايدن مهمة جعل التدخل الأمريكي بلا رجعة من خلال تصعيد متحكم به، ولعل الطريقة المثلى للقيام بذلك هي إعلان منطقة حظر للطيران فوق أوكرانيا ونقل الطيران الأمريكي إلى أوروبا.
من مزايا هذا السيناريو بالنسبة لروسيا هو منع إضعاف موقف روسيا. وحتى لو أراد ترامب التوصل إلى تسوية، فسوف يرتكز إلى شروط جديدة، ستكون أقل ملاءمة لروسيا بدون الرد الروسي. إضافة إلى ذلك، من المرجح أن يكون هناك سيناريو "التصعيد بهدف التهدئة". وبغض النظر عن شخصية الرئيس الأمريكي، فإن شفا الحرب النووية، أو حتى الاستخدام المحدود للأسلحة النووية التكتيكية لن ينهي التدخل الغربي في أوكرانيا فحسب، بل قد يؤدي بشكل كبير إلى تسريع التدمير الذاتي للغرب من الداخل.
كما يفترض هذا السيناريو أيضا قدرا أعظم من الاستقرار السياسي الداخلي في روسيا.
إلا أن العيب الرئيسي الواضح لهذا السيناريو هو أن الحرب النووية الشاملة ستنتقل من درجة الاحتمال إلى درجة الحتمية التي لا مفر منها.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من قناة روسيا اليوم