تَشْعُرُ الأَرْوَاحُ بِثِقْلِ الفَقْدِ حِينَما يَغِيبُ عَنَّا شَخْصٌ كَانَ لِلأَخْلَاقِ عُنْوَاناً وَلِلإِخْلَاصِ دَرْباً، وَكَأَنَّ العَالَمَ فَقَدَ ضَوْءاً كَانَ يُنِيرُ دُرُوبَهُ، حَيْثُ وَصَلَنَا خَبَرُ وَفَاةِ صَدِيقِنَا الأَخِ الإِعْلَامِيِّ المُتَمَيِّزِ الدُّكْتُورِ يُوسُفَ مُحَمَّدٍ، بَعْدَ أَنْ انْتَشَرَ عَبْرَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيِّ الَّتِي اهْتَزَّتْ بِفَيْضٍ مِنَ المَحَبَّةِ وَالوَفَاءِ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا دَلِيلاً عَلَى المَكَانَةِ الَّتِي شَغَلَهَا فِي قُلُوبِ النَّاسِ، الكُلُّ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالدُّعَاءِ لَهُ، وَاسْتَذْكَرُوا أَجْمَلَ اللَّحَظَاتِ الَّتِي جَمَعَتْهُمْ بِهِ، وَأَشَادُوا بِمَا تَرَكَهُ مِنْ إِرْثٍ ثَقَافِيٍّ وَإِنْسَانِيٍّ خَالِدٍ.
حَيْثُ كَانَ هَذَا الإِنْسَانُ عُمْلَةً مُحَفِّزَةً وَمُسَاهِمَةً فِي التَّطْوِيرِ، وَدَافِعَةً لِتَطْوِيرِ الذَّاتِ، فَقَدْ رَأَيْتُ فِي عَيْنِيهِ فَرْحَةً حِينَما طَلَبْتُ مِنْهُ الحُصُولَ عَلَى إِجَازَةٍ لِطِبَاعَةِ كُتُبِي، فَلَمْ يَتَرَدَّدْ فِي تَقْدِيمِ الكَلِمَاتِ الوَطَنِيَّةِ الَّتِي قَالَ فِيهَا: «نَفْخَرُ بِكُلِّ بَحْرِينِيٍّ وَبَحْرِينِيَّةٍ يَقُومُونَ بِتَأْلِيفِ الكُتُبِ العِلْمِيَّةِ» حَيْثُ كَانَ أَوَّلَ المُهَنِّئِينَ وَالحَاضِرِينَ فِي حَفَلَاتِ تَدْشِينِ كُتُبِي، مِمَّا أَشْعَرَنِي بِالفَخْرِ لِكَوْنِهِ شَخْصاً مَسْؤُولاً جَاءَ بِكُلِّ تَوَاضُعٍ، وَابْتِسَامَتُهُ تَتَقَدَّمُ كَلِمَاتِهِ، تَحْمِلُ أَعْمَقَ التَّهَانِي وَالفَرَحَ بإنْجَازِي العِلْمِيِّ.
إِنَّ وَفَاةَ الأَخِ وَالصَّدِيقِ يُوسُفَ مُحَمَّدٍ كَانَتْ صَدْمَةً لِلْكَثِيرِينَ، فَمِنَ الرَّسَائِلِ الَّتِي وَصَلَتْنِي وَجَاءَ فِي مُضْمُونِهَا: «مُسْتَحِيلٌ وَفَاتُهُ»، الَّتِي عَكَسَتْ هَوْلَ صَدْمَةِ الفَقْدِ لِهَذَا الإِنْسَانِ الَّذِي كَانَ قَلْباً نَابِضاً بِالحُبِّ، وَعَقْلاً مُخْلِصاً لِلْحَقِّ، وَلِسَاناً عَطِراً بِالكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي تَحْمِلُ رِسَالَةً سَامِيَةً.
إِنَّ الفَقِيدَ الأَخَ الدُّكْتُورَ يُوسُفَ مُحَمَّدٍ إِسْمَاعِيلَ كَانَ رَمْزاً مِنْ رُمُوزِ الإِعْلَامِ الهَادِفِ، الَّذِي يُعْلِي القِيَمَ وَيُثْرِي العُقُولَ.
لَمْ يَكُنْ مُقَدِّماً لِلْمَادَّةِ الإِعْلَامِيَّةِ فَقَطْ، بَلْ كَانَ رَاوِياً لِلْحَقِيقَةِ، وَمُدَافِعاً عَنْ القِيَمِ الإِنْسَانِيَّةِ، فَحِينَ يُذْكَرُ اسْمُهُ، تُذْكَرُ النَّزَاهَةُ، وَيُذْكَرُ الصِّدْقُ، وَتُذْكَرُ الأَخْلَاقُ الرَّفِيعَةُ.
إِنَّ الدُّكْتُورَ يُوسُفَ مُحَمَّدٍ تَرَكَ بَصْمَةً لا تُمحَى، وَآثَاراً تَتَحَدَّثُ عَنْهُ فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ وَطَرِيقٍ مَرَّ بِهِ، فَهُوَ مِنَ الإِعْلَامِيِّينَ المُتَمَيِّزِينَ فِي مَجَالِ تَوْثِيقِ تَارِيخِ البَحْرَيْنِ، وَالتُّرَاثِ، وَالهُوِيَّةِ الوَطَنِيَّةِ، وَتَوْثِيقِ سِيَرِ الشَّخْصِيَّاتِ المُلْهِمَةِ.
كَانَ شَخْصِيَّةً اسْتِثْنَائِيَّةً، تَمَيَّزَ فِي بَرَامِجِهِ الَّتِي أَلْهَمَتِ البَحْرَيْنِيِّينَ، وَأَعَادَتْ لَهُمْ رُوحَ الانْتِمَاءِ وَالفَخْرِ بِتَارِيخِهِمْ وَهُوِيَّتِهِمْ الوَطَنِيَّةِ، كَلِمَاتُهُ كَانَتْ بِمَثَابَةِ جِسْرٍ يَرْبِطُ المَاضِي بِالحَاضِرِ، يُعِيدُ لِلذَّاكِرَةِ أَمْجَادَ البَحْرَيْنِ بِأَسْلُوبِهِ الفَرِيدِ الَّذِي يَفِيضُ بِالحُبِّ وَالاعْتِزَاز، لَمْ تَكُنْ تِلْكَ البَرَامِجُ مُجَرَّدَ مَوَادَّ إِعْلَامِيَّةٍ.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الوطن البحرينية