في البداية، جاءت أسراب الطائرات بدون طيار (المسيرات)، وقامت بمسح سريع لموقع تحطم طائرة محاكاة لرسم خريطة لمواقع الأشخاص والمجسمات بين الحطام. ثم تبعتها الكلاب الآلية (الروبوتية)، التي اجتازت التضاريس المتفحمة من الصخور وأشجار الصنوبر المتساقطة، لتسأل الضحايا عن إصاباتهم. وتسابقت الكلاب الآلية باستخدام أجهزة استشعار وكاميرات للكشف عن معدلات ضربات القلب والتنفس، بالإضافة إلى خوارزميات تم تدريبها على بيانات من آلاف حالات الصدمات في المستشفيات، لتحديد مَن هم بحاجة ماسة إلى رعاية طبية، سواء من ضمادة أو إنعاش قلبي رئوي أو إخلاء بطائرة هليكوبتر إلى المستشفى. وبعد أن أكملت الكلاب عملَها بسرعة، كان الأمل أن يعرف المسعفون البشريون مَن يجب علاجه أولاً وهم يسارعون إلى موقع الكارثة.
كان هذا التمرين جزءاً من مسابقة استضافتها وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة الأميركية (داربا) في أكتوبر الماضي، داخل منشأة تدريب عسكرية تبعد حوالي 100 ميل جنوب أتلانتا. تنتشر على الحرم الجامعي الذي تبلغ مساحته 830 فداناً نماذج بالحجم الطبيعي لمبنى تعرض للقصف، وحي سكني غارق يشبه الحي التاسع في نيو أورلينز بعد إعصار كاترينا، ومحطة مترو «فوجي بوتوم» في واشنطن العاصمة.
جاءت فرق من الجامعات والشركات إلى هنا بأساطيل مخصصة من الروبوتات والمسيرات التي تعمل جميعاً بالذكاء الاصطناعي للتنافس على اتخاذ أسرع قرارات الفرز الطبي وأكثرها دقةً في عمليات المحاكاة التي شملت تفجيرَ سيارة في المدينة وساحةَ معركة عنيفة وتحطم طائرة.
قدّمت المسابقة لمحةً عما قد يصبح يوماً ما حقيقة: تعاون بين البشر والذكاء الاصطناعي لتلبية احتياجات ضحايا الكوارث واسعة النطاق، سواء أكان ذلك في كمين بمنطقة حرب أم في أعقاب إطلاق نار جماعي.
قال الدكتور «جان بول كريتيان»، وهو طبيب في البحرية ومدير برنامج في مكتب التقنيات البيولوجية في داربا: «لم نشهد الكثير من استخدامات التكنولوجيا أو الكثير من الابتكار في الفرز الطبي منذ قرون». وأضاف: «هناك مواقف يتواجد فيها عشرات، وأحياناً حتى مئات أو آلاف الضحايا خلال فترة زمنية قصيرة، مثل ما يحدث بعد الزلزال»، مع وجود عدد قليل من المسعفين الأوليين الذين لا يستطيعون بسهولة معرفة مَن يحتاج المساعدةَ بشكل أكبر.
اليوم، حتى مع تجهيزهم بطائرات مسيرة لمسح مناطق الكوارث وساحات المعارك، ما يزال المسعفون الأوليون مضطرين إلى تحليل اللقطات لاتخاذ قرارات الفرز الطبي، وهي مهمة تستغرق وقتاً طويلاً ويمكن أن تكلف أرواحاً. بعد إطلاق نار جماعي أو انهيار مبنى، قد يكون من الصعب أيضاً على المسعفين العثورُ على الضحايا، خاصة إذا كان المكان مظلماً أو كان بعض الأشخاص مختبئين.
يمكن أن تؤثر الجوانب النفسية للفرز الطبي أيضاً على إيصال الرعاية لأولئك الذين يحتاجونَ إليها بشكل عاجل: فالشخص الذي يصرخ طلباً للمساعدة قد يبدو أنه بحاجة إلى المساعدة أكثر من شخص ينزف بصمت حتى الموت، أو الشخص المصاب بجروح متوسطة والذي يعرفه المسعف العسكري شخصياً في ساحة.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاتحاد الإماراتية