لا تخلو الساحة السياسية العالمية في هذا العصر من الموجة الصاعدة للخطاب السياسي المتنوع جغرافيًا وفكريًا وأيدلوجيًا وجماهيريًا، والذي استطاع أن يحشد الجماهير ويوظف مشاعرها وسلوكها، لتكون محركا لكثير من الأحداث والمشاهد السياسية. فهذا الخطاب والذي يحتاج إلى مختبر لتحليل الألغاز وأسرار الكلمات وكشف أسرار التأثير في الجماهير يطلق عليه اسم «سيمائيات الخطاب السياسي»، والعلم الذي يهتم بدراسة رموز اللغة وكيفية استخدامها للتأثير في الأفكار والمشاعر والسلوكيات. وعملية فك شفرة الرسائل الخفية التي يحملها الخطاب السياسي، وكشف الأسرار الكامنة وراء الكلمات والعبارات والأساليب المتبعة للسياسيين. فنجد على سبيل المثال الخطاب الشعبوي والذي أصبح له مكانة كبيرة في عقلية الجماهير، رغم أن معالمه ومكوناته لم تكتمل بشكل كبير - حسب رأيي - ولكنه عادة ما يرتبط بتبسيط القضايا المعقدة، وتقسيم المجتمع إلى «نحن» و«هم»، واستقطاب الشارع بكل فئويته المختلفة. فالشعبوية هنا ليست مفهوما واضح المعالم بحسب قول «وليفييه ايهل»، المختص الفرنسي في الأفكار السياسية، ولكنها تستخدم واقعا في إطار التنديد لا التوضيح، أي بما هي تهمة يطلقها السياسيون على خصومهم. وفي الوقت نفسه تجدهم يتوجهون للرأي العام في محاولة إسماعهم ما يريدونه، وهذا ما مورس في الحملة الانتخابية الأمريكية والخطاب السياسي للرئيس المنتخب ترمب مؤخرًا مقابل المرشحة الديمقراطية هاريس. فنجد أن ترمب في أكثر من مقابلة وبطرق مختلفة يحاول تقييم خطاب هاريس أو زلات لسان بايدن ليوجه الجمهور ويجعله يميز بين الحقيقة والرأي، وهو بذلك يقود الرأي الجماهيري الأمريكي لانتخابه. فتجده يمارس سلوكياته كقيادته شاحنة لجمع القمامة كانت تنتظره في مطار بويسكونسن للإجابة على أسئلة الصحافيين، مستغلا زلة لسان بايدن ليوظفها جماهيريا لصالحه. الخطاب الشعبوي يكمن في طياته استغلال المشاعر أو التلاعب بها، فيركز على التعاطف، الخوف والمستقبل الغامض، والذي عادة ما.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الوطن السعودية