في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية السريعة التي تشهدها المدن الكبرى، يبرز قطار الرياض كنموذج يحتذى به في تحقيق التنمية المستدامة وتخفيف الزحام، فبينما يواجه سكان الرياض تحديات الزحام اليومي، يكتشف البعض منهم طرقًا مبتكرة للتكيف مع هذه الظروف، مما يفتح آفاقًا جديدة لمناقشة تأثير البنية التحتية على جودة الحياة.
الخبير الاقتصادي الدكتور إحسان أبو حليقة، أبان عن الأهمية الاقتصادية لقطار الرياض، ناقلا تجربته في التكيف مع الزحام، حيث اتخذ منذ نوفمبر الماضي (أي لمدة عام بالتمام) قرارًا - ومطمئنًا أنه ليس الوحيد - بأن يعتمد للتنقل في الرياض على التطبيقات، ولم يكن الدافع الأساسي هو توفير المال، بل حفاظًا على الوقت وسلامة الأعصاب، ونتيجة لذلك القرار، أنجز العديد من الاجتماعات وقرأ تقارير وسط الزحمة وكابتن أوبر يناور بالسيارة.
تجربة ايجابية
وأضاف: "كانت تجربةً إيجابية إلى حد بعيد، وأراها أفضل من الحل المعتاد (سائق خاص توظفه + سيارة خاصة + مصروف بنزين + صيانة دورية + إصلاحات + تغيير كفرات + تكلفة التأمين الشامل ومدفوعات المخالفات المرورية)، وبالنتيجة، أشجع من يستطيع التخلي عن سيارته ويبحث عن حل بديل، بما في ذلك الإصرار على العمل عن بعد، فالوقت ثمين ولا بد من الحفاظ عليه وتجنب إهداره بشتى الوسائل والطرق، كما أن الوقت الضائع يمكن استثماره في تعزيز جودة الحياة صحياً (أن يتريض) وأسرياً واجتماعياً (صلة الرحم والتواصل مع الأصدقاء، وأن تحتسي قهوتك بهدوء)."
التأثير الاقتصادي
وأضاف أبو حليقة، أن تقدير التأثير الاقتصادي والحضري يتفاوت من مدينة لأخرى نتيجة لتفاوت العوامل المؤثرة ضمن المدينة وخارجها، بما في ذلك حجم المدينة، واتساع رقعتها، والكثافة السكانية، ونشاطها الاقتصادي وهيكليته وتنوعه. ويوضح أن الدراسات المنهجية التي تناولت تأثير "المترو" توصلت إجمالاً إلى أن التأثير على الناتج المحلي الإجمالي للمدينة يتجسد من خلال عدة عناصر، منها زيادة قيمة العقارات فغالبًا ما تشهد العقارات القريبة من محطات السكك الحديدية الخفيفة ارتفاعًا في قيمتها، مما يؤدي إلى ارتفاع الإيرادات للقطاع الخاص وللخزانة العامة، وخلق فرص العمل من خلال إنشاء وتشغيل أنظمة السكك الحديدية الخفيفة يخلق فرص عمل، ويمكن أن يؤدي تحسين الوصول إلى مراكز التوظيف إلى مزيد من نمو الوظائف وتطوير الأعمال حيث يمكن للسكك الحديدية الخفيفة أن تجذب الشركات إلى مواقع قريبة من المحطات، مما يؤدي إلى زيادة النشاط الاقتصادي والإيرادات الضريبية والسياحة، فيمكن للسكك الحديدية الخفيفة أن تجعل المدينة أكثر جاذبية للسياح، مما يعزز قطاع الضيافة والسياحة وكذلك تقليل الازدحام من خلال تقليل الازدحام المروري، يمكن للسكك الحديدية الخفيفة تحسين الإنتاجية وتقليل تكاليف النقل للشركات.
التحدي الأساسي
وتابع الحديث: أما التحدي الأساسي في تقدير الأثر الاقتصادي (المباشر وغير المباشر والمستحث) رقمياً، في الوقت الراهن، فهو أن مترو الرياض مشروع ضخم سينطلق دفعة واحدة بستة مسارات وبأطوال تتجاوز 176 كم، تدعمه أكثر من 800 محطة حافلات. في حين أن مشاريع المترو في المدن الكبرى مثل باريس ولندن وطوكيو وسنغافورة كانت تدريجية (incremental)، وعلى مدى عقود من الزمن، ولذلك فإن التقديرات هناك تقوم على مضاهاة وعلى خط أساس بناءً على مسارات سابقة.
هذا المحتوى مقدم من العربية السعودية