مخيم اليرموك: "عدت لأجد أن ما لم يدمره القصف، سرقته الميليشات"

يتيح الوقوف على أحد المباني المرتفعة في شارع "القدس" مشاهدة حجم الدمار الهائل الذي خلفه الطيران الحربي السوري في مخيم اليرموك جنوبي دمشق، مشهد يبدو كأنه من المعارك الكبرى في الحرب العالمية الثانية، بالكاد يمكن التعرف على بعض الأزقة.

في منتصف هذا الشارع الممتد بين طرفي المخيم الشرقي والغربي، يقف هيكلٌ مدمرٌ لما تبقى من جامع "فلسطين"، شاهداً على الكارثة التي خلفها نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد في غالبية انحاء البلاد.

بالقرب من هنا ولدت ونشأت لعائلة فلسطينية، ودرست في مدارس "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا"، وغادرت عام 2006 بينما بقيت عائلتي تقيم في ذات المنزل.

وهذه هي المرة الأولى التي يتاح لي فيها زيارة المكان منذ العام 2010، إذ علمت بعد بدء الانتفاضة ضد حكم الرئيس السوري في مارس آذار عام 2011 أنني بت مطلوباً لإدارة المخابرات العامة بسبب عملي في بي بي سي عربي على تغطية الجرائم التي كان ترتكبها قوى الامن ضد المتظاهرين.

يبدو المكان مهجوراً إلا من عدد قليل جداً من السكان الذي أصروا على البقاء رغم ما جرى هنا، كان بعض الشبان يحاولون إصلاح أسلاك الكهرباء، استوقفت أحدهم لأسأله عن بعض العائلات والأشخاص من الجيران الذين سكنا قربهم لعقود، فأجابني بأن غالبيتهم غادروا سوريا إلى دول لجوء أوربية، وبعضهم انتقل منذ أعوام إلى أحياء أكثر أمنا في دمشق.

غادرت عائلتي مع عشرات آلاف الفلسطينيين المخيم عام 2013 بسبب قصف الطيران الحربي الأحياء السكنية في المخيم بداية بقذائف الهاون، ولاحقاً بالطائرات الحربية.

وباتت صورة خروج اللاجئين الفلسطينيين من المخيم رمزاً لهول ما كان يجري في الكثير من انحاء البلاد، وأطلق عليها اسم "التغريبة الثانية" تشبيهاً وتذكيراً باللجوء الكبير "التغريبة الفلسطينية" حين اضطر مئات الألاف منهم لمغادرة قراهم وبلداتهم ومدنيهم خلال وبعد حرب عام 1948 وإعلان قيام دولة إسرائيل.

وسيطرت فصائل معارضة مسلحة على المخيم لأعوام، واستخدمها النظام ذريعة لتكثيف قصف المخيم بالطائرات الحربية التي استخدمت البراميل المتفجرة أيضاً، وفرضت قوات النظام ومليشيات فلسطينية موالية له حصاراً قاسياً على كل محيط اليرموك استمر لسنوات، وقضى أكثر من 150 شخصاً ممن علقوا في المخيم جوعاً ومرضاً.

وما لم يدمر بالقصف نهب بالكامل، لم أجد حتى الباب الحديدي للمنزل الذي فرت منه عائلتي عام 2013، مشهد يدمي القلب، لا أثر لشيء، حتى أسلاك الكهرباء سرقت من داخل الجدران، تجولت في غرف المنزل المظلم والمقفر، حاولت العثور على أي ذكرى لما كان عليه الحال قبل العام 2013، دون جدوى.

سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على المساحة الأكبر من المخيم بين عام 2015 و2018، وحين استطاع النظام استعادة السيطرة على المنطقة عام 2018، كانت المنازل لا تزال مليئة بالكثير مما تركه سكان اليرموك وراءهم، والذين لم يسمح لهم بالعودة إلى منازلهم.

يخبرني محمد المصري، أحد سكان الشارع الذي كنت اقطن فيه ان قوات الأمن السوري أدخلت عصابات سرقة متعاونة معها، ونهبت منازل المخيم بشكل ممنهج وعلى نحو شامل، وهو ما يبرر الحالة التي وجدت فيها منزل عائلتي والمنازل المجاورة.

صعدت إلى سطح المنزل لألقي نظرة على محيط المكان، وبدا المشهد غير مفهوم على الإطلاق، إذ لم تكن هذه المنطقة جزءا من محاور الاقتتال، لكنها قصفت بشدة غير مبررة على الإطلاق، كانت قذيفة كبيرة أو ربما برميل متفجر قد خلفت حفرة كبيرة جداً في سقف البناء الملاصق لمنزل أهلي. التقطت بعد الصور لأرسلها لعائلتي في المنفى وغادرت سريعاً.

لطالما اشتهر اليرموك بحراك ثقافي وسياسي كبير، وأطلق عليه اسم "عاصمة اللجوء" باعتباره المخيم الفلسطيني الأكبر في دول الشتات بتعداد لاجئين يناهز 110,000 لاجئ، واستقطبت أسواقه الزائرين من مختلف أنحاء دمشق وريفها.

بدأ بعض السكان العودة للمخيم عقب سقوط نظام بشار الأسد لتفقد ما نجا من منازلهم التي أفنوا أعمارهم لبنائها، يتوقع أسامة الذي لم يغادر المخيم وشهد كل الأهوال التي مر بها إن اعداد العائدين بدأت بالازدياد.

يزداد حجم الدمار في الاتجاه الجنوبي للمخيم عند الأطراف الحدودية.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من بي بي سي عربي

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بي بي سي عربي

منذ 10 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 11 ساعة
منذ 11 ساعة
قناة العربية منذ 9 ساعات
قناة العربية منذ 13 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 8 ساعات
صحيفة الشرق الأوسط منذ 9 ساعات
قناة العربية منذ 16 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 13 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 9 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 9 ساعات