تعد محطة تحلية المياه في الخُبر ب المملكة العربية السعودية أول محطة لتحلية المياه عالمياً صديقة للبيئة، بما يحقق أهداف المملكة الخضراء، ويتسق ورؤية المملكة 2030 الرامية إلى خفض الانبعاثات الكربونية.
حيث أصبح التحول إلى صفر الانبعاثات توجهاً عالمياً وأمراً يقيناً، من هنا لم تدخر المملكة العربية السعودية جهداً لدعم التحول الأخضر، إذ أعلنت المملكة قبل سنوات هدفها السامي للوصول إلى صفر انبعاثات كربونية بحلول 2060.
هذا التحول طال جميع المجالات حتى إنتاج المياه المحلاة من البحر، بفضل ما تتبناه الهيئة السعودية للمياه من تقنيات وآليات متطورة، إذ تبت تقنية التناضح العكسي بالمحطات بدلاً من الإنتاج الحراري لأول مرة بالمنطقة.
وفي عام 2019 تم تدشين المرحلة الرابعة من منظومة الخُبر للمياه المحلاة، التي تعد أول محطة تحلية صديقة للبيئة، حيث تعتمد على تقنية التناضح العكسي بدلاً من الحرارية وتبلغ طاقتها الاستيعابية نحو 210 آلاف متر مكعب من المياه المحلاة يومياً.
كذلك تحقق قيمة إضافية 1.5 مليار ريال سنوياً في 2030، إضافة لإنتاج مياه محلاة للشرب بجودة عالية وصفر انبعاثات.
وبلغ خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون 28 مليون طن سنوياً منذ 2021 ما يمثل 22% من إجمالي المستهدف للمملكة حتى عام 2030، لتتسق جهود الهيئة مع المبادرة الخضراء التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
ووفق بيانات الهيئة السعودية للمياه، تسهم تحلية المياه بشكل فعال في التنمية الاقتصادية للمملكة عبر الخدمات والفرص الاستثمارية، التي تعتبر عنصراً مهماً في التنمية الوطنية الشاملة للمملكة لإثراء التنوع الاقتصادي، وذلك من خلال استثمار الكوادر البشرية والموارد المتاحة للمشاريع الاستثمارية وإتاحة الفرص للمستثمرين المحليين والأجانب للمشاركة في التنمية الاقتصادية ودعم الناتج المحلي.
تهدف تحلية المياه عبر استدامة الأبحاث والابتكار إلى إيجاد حلول مبتكرة ومستدامة للعديد من التحديات التي تواجه صناعة التحلية حاضراً ومستقبلاً، وذلك عبر معهد الأبحاث وتقنيات التحلية، بالإضافة إلى تعزيز الشراكة مع الجامعات ومعاهد البحوث المحلية والعالمية في مجال الأبحاث والتطوير.
كذلك تمضي تحلية المياه إلى غاياتها التنموية والإنسانية بعزيمة قوية، وطموحات كبيرة، مستمدةً رؤيتها ورسالتها من توجهات القيادة الرشيدة في أن تكون المملكة نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على الأصعدة كافة، يأتي ذلك من خلال الجاهزية السريعة في الاستجابة للتحولات الاستراتيجية محلياً وعالمياً التي تسهم في تجاوز التحديات واستثمار الفرص الكبيرة الواعدة.
في إطار الجهود المستمرة لتعزيز جودة المياه في المملكة، نشر معهد ابتكار تقنيات المياه والأبحاث المتقدمة دراسة حديثة في مجلة «المياه» (Water Journal) تحت عنوان «جودة مياه الشرب بالمملكة العربية السعودية»، تهدف هذه الدراسة إلى تقييم جودة المياه المنتَجة والمنقولة من محطات التحلية، بالإضافة إلى المياه المنقاة المنتجة من السدود الثلاثة التابعة للهيئة السعودية للمياه، ومقارنتها بجودة المياه في الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.
تهدف الدراسة إلى تقديم تقييم شامل لجودة المياه في المملكة، من خلال مراقبة المياه المنتجة والمنقولة من جميع محطات الإنتاج وأنظمة نقل المياه، فضلاً عن المياه المستخرجة من السدود التابعة للمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، حيث تم التركيز على مدى مطابقة هذه المياه للمواصفات المحلية والعالمية لمياه الشرب غير المعبأة، مثل مواصفات منظمة الصحة العالمية.
وتشمل الإنجازات الرئيسية للمشروع مراقبة جودة المياه في 74 نقطة مختلفة على مستوى المملكة، بما في ذلك 33 نقطة مراقبة جديدة، وهو ما يُعد إنجازًا مهمًا في تاريخ المؤسسة، كما تم إجراء آلاف التحاليل الكيميائية والفيزيائية لضمان دقة النتائج، حيث تم إجراء 37,919 تحليلًا كيميائيًا وفيزيائيًا في عام 2021 باستخدام مختبرات المعهد المركزية، ومختبرات المحطات، ومختبرات أنظمة النقل، ومختبرات السدود.
وأظهرت النتائج أن المياه المنتَجة والمنقولة من محطات التحلية في المملكة تتميز بجودة عالية، بناءً على المواصفات والمقاييس المعتمدة محليًا وعالميًا، مثل مواصفات منظمة الصحة العالمية لمياه الشرب، تبين أن تركيز الملوثات العضوية واللاعضوية في المياه كان ضئيلاً جدًا، ما يجعلها مشابهة لمياه الشرب المتوفرة في شبكات المياه في أوروبا وأميركا الشمالية، إضافة إلى ذلك، أظهرت النتائج أن أغلب القراءات كانت أقل من حدود كشف أجهزة التحليل المتقدمة مثل جهاز الامتصاص الذري وجهاز الكروماتوجرافي الغازي المقترن بطيف الكتلة.
على الرغم من التحديات المستمرة التي يواجهها نظام إنتاج ونقل مياه الشرب في المملكة، تؤكد الدراسة أن المياه المقدمة تتمتع بجودة عالية وثابتة، ومن المتوقع أن تتحسن جودة المياه بشكل أكبر مع الاستثمار المناسب في العمليات والصيانة في المستقبل، وتعكس هذه الدراسة التزام المملكة بتعزيز جودة مياه الشرب وتقديم حلول مبتكرة ومستدامة لمواجهة التحديات المتعلقة بتحلية المياه، وتواصل «وتيرا» الذراع البحثية للهيئة السعودية للمياه، دورها الريادي في تحسين نوعية المياه وضمان توافرها بجودة عالية لسكان المملكة.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية