عندما انبهر ترومان كابوتي بالمجرم في "بدم بارد"

هو من ناحية مبدئية واحد من الكتاب الذين سمعتهم الأساسية ولا سيما تلك التي تكون من نصيبهم بعد موتهم أكثر مما كانت في حياتهم، فلا يغيبون عن الواجهة الإعلامية بصورة عامة وعن الأجواء النخبوية في عالم الإبداع الأدبي بصورة خاصة، إلا ليعودوا لها ودائماً من باب عريض حتى وإن لم يكونوا على علاقة بها. ونحن نتحدث هنا عن الكاتب الأميركي ترومان كابوتي الذي حتى وإن لم يتمحور عنه الشريط التلفزيوني الذي بثته محطة "آرتي" الفرنسية بعنوان "الكاتب والقاتل" قبل أيام، وعن "غرابة" افتتانه بالمجرمين الأكثر قسوة في التاريخ الأميركي تأتي تلك الأسرة من المزارعين بكل "دم بارد" في ستينيات ولاية تكساس الأميركية، فإن "روايته" المعنونة تحديداً "بدم بارد" كانت هي الشبح المحلق من حول ذلك الشريط. والحقيقة أن هذا التحليق لا يجب استغرابه من رواية اخترعت وكاتبها صنفاً كتابياً لن يغيب عن الساحة الأدبية بعد ذلك أبداً، كما أعطت الكاتب نفسه مكانة لا تضاهى في تاريخ الأدب عنوة عن نصوصه الطويلة والقصيرة العديدة الأخرى التي كان من شأنها أن تبقى حبيسة العوالم النخبوية لولا المكانة التي احتلها كتاب "بدم بارد". ونعرف طبعاً أن ترومان كابوتي وحتى من دون هذا الحضور الكبير الذي يظل مشعاً من خلال الكتب والأفلام والبرامج التلفزيونية يعتبر من علامات القرن الـ20 ولا سيما في عالم الأدب الرفيع والتحقيقات الصحافية الجذابة التي تضافرت في سنوات الـ60 من القرن الـ20 لتوصل سمعته إلى الذروة مع اقتباس هوليوود لرواية بديعة له "إفطار عند تيفاني" من تمثيل الرائعة أودري هيبورن في واحد من أجمل أدوارها السينمائية، ويومها لئن حققت هيبوررن مكانة لا تضاهى من خلال ذلك الفيلم لم يكن ترومان كابوتي محظوظاً مثلها، حتى ولو أن جمهوراً عريضاً بات يعرفه ويقرأ نصوصه.

حضور بالمواربة

من ناحية مبدئية بنت المخرجة والكاتب التلفزيونية الفرنسية كاميل جوزا، العمل التلفزيوني الجديد الذي ينطلق منه حديثنا، على رواية للكاتب الفرنسي إيمانويل كاريير وعنوانها "الخصم" يتعلق حكاية شريطها من حول ما لا يمكن القول إنه جديد في عالم الكتابة الإبداعية لكنه جديد بالتأكيد في عالم التحليل الأدبي والعلاقة بين الأدب والحياة من طريق ما يمكن تسميته انبهار المؤلف بشخصية ما في نص له، وهو انبهار أثار حبراً كثيراً وسجالات أكثر قبل عقود، وربما تحديداً من خلال صدور كتاب "بدم بارد" لكابوتي كما أشرنا، الذي إذ كان القصد منه أن يوافي مجلة "نيويوركر" بتفاصيل الجريمة والمحاكمة التي تتناول القائمين بها، تحول إلى كتاب عن علاقة ترومان الذاتية بالحكاية ومن ثم انبهاره بالقائمين بها، ولكن من خلال ما حدث بعد ذلك من انتشار عبارة تفوهت بها الكاتبة الفرنسية مرغريت دورا، ولكن تلك المرة من دون أن يكتمل مشروع تحويله تلك العبارة إلى عمل أدبي كما أمل بعضهم. وكان ذلك حين علقت مرغريت دورا على ما تم تداوله حينها حول قضية الطفل غريغوري الذي وجد مقتولاً غير بعيد من بيته الريفي، فاتت نتائج التحقيق مؤكدة أن أمه هي التي قتلته، كان تعليق دورا يومها نوعاً.

من إعلان الانبهار بما اقترفته الأم قائلة "إنه سمو حقيقي!"، ويومها كان من نتيجة ذلك أيضاً أن عاد كتاب ترومان كابوتي إلى الواجهة وإلى التداول مرة أخرى. ففي النهاية يعرف الجميع أن "بدم بارد" أوصلت ذلك الانبهار الذي يلعبه الأدب بين الكاتب والشخصية - أو الشخصيات - إلى ذروة غير مسبوقة، بل اخترعته أو أعادت اختراعه متواكباً مع بروزه كما أشرنا، كنوع أدبي تراوح توصيفه بين الأدب المفرط في واقعيته و"الصحافة الجديدة". والمهم هنا هو أن الرواية أو الريبورتاج الصحافي الذي توزع على أكثر من 500 صفحة، لم يأت بشيء من عنده بل استقى موضوعه من تلك الجريمة الهائلة ومن انبهار الكاتب الذي.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 7 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 33 دقيقة
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 10 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 10 ساعات
قناة العربية منذ 16 ساعة
سي ان ان بالعربية منذ 7 ساعات
قناة العربية منذ 16 ساعة
بي بي سي عربي منذ ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 12 ساعة
قناة العربية منذ 6 ساعات