الدراسات الاجتماعية المقارنة والمذاهب الفكرية

يرتبط موضوع الدراسات الاجتماعية المقارنة ارتباطًا وثيقًا بتحديد تعريفاتها ومصطلحاتها ومفاهيمها ومضامينها وأوجه دلالاتها، فالمتتبع لتاريخ الدارسات الاجتماعية يجد أنها كانت قبل القرن الـ19 تتبع للفلسفة وعلم النفس وعلم التاريخ الاجتماعي ومباحث أخرى، وكانت عبارة عن نظريات ودراسات مغمورة ومجهولة، تدور في نطاق الفلسفة والتاريخ الاجتماعي وعلم النفس، وكانت أقصى غاياتها المعرفة، وعندما استقلت بذاتها كعلم منفرد، تميزت بالشمولية واحتكامها إلى التجربة.

فالدراسات الاجتماعية، من أكثر الدراسات التي عرفت جدلًا واختلافًا واسعًا، وذلك بسبب اختلاف الدارسين والباحثين في تحديد وظيفتها ودورها داخل المجتمع الإنساني، ولذلك فمن غير تحديد مصطلحاتها ومفاهيمها ومنطلقاتها، لا يمكن الحديث عن دراسات اجتماعية واقعية، وإن كانت الدراسات الاجتماعية في تصوري وإن استقلت كعلم خاص بها إلا أنها لم تتخلص بصفة قطعية من مباحث الفلسفة وعلم النفس وعلم التاريخ الاجتماعي، وإن كان الحديث عن الدراسات الاجتماعية المقارنة لا يسعها مقال بحثي، وإنما تحتاج إلى دراسة شاملة، وما أحاول أن أقوم به هو تتبع ورصد اختلاف الدارسين أو اتفاقهم حول الدراسة الاجتماعية.

فعندما ننظر مثلًا إلى الليبرالية الغربية نجد أن معظم الدراسات التي تناولت الليبرالية تدور حول الكتابات التي تتعلق بالمراحل التي مرت بها الليبرالية، ومدى قبول المجتمعات الإنسانية لها، غير أن هذا ليس الغرض الجوهري من الليبرالية، إذ إن الغرض من الليبرالية دراسة علاقتها بالمجتمعات الإنسانية ومدى تفاعلها داخل تلك المجتمعات، وقبولها أو عدم قبولها بين مجتمع وآخر، وثقافة وأخرى، ولذلك نجد اختلافًا كبيرًا في دراستها بين باحث وآخر، وهذا يعكس في الأساس ما تشكلت عليه ذهنية الباحث حول الليبرالية وبين اختصاصه كعالم اجتماع أو دراسات معاصرة أو مفكر أو فيلسوف أو عالم لاهوت، حيث تأخذ تلك الدراسات منحى مختلفًا عند علماء الغرب عن المنحى الذي عليه علماء آخرون، إذ إن كل عالم يحدد تعريفه لليبرالية حسب مرجعيته واختصاصه أو وموقفه من الليبرالية. وإن كانت الدراسات الاجتماعية تتسع دائرتها وتضيق بحسب الأزمنة والعصور، ولذلك نلاحظ اختلافها بين عصر وآخر وحضارة وأخرى ومفكر وآخر، ففي الدراسات الاجتماعية التي تنحى منحىً إسلاميًا، نرى أن الأديان والمِلل والفِرق والنحل والتيارات الفكرية وضعت في نطاق واحد تحت مسمى المذاهب المعاصرة، بينما نراها في الدراسات الأوروبية كل علم مستقل بذاته. ولذلك نجد اختلافًا في تعريف ووصف الليبرالية بين المراجع العلمية؛ فدائرة المعارف البريطانية تعطي تعريفًا مختلفًا عن دائرة معارف القرن الـ20 أو الموسوعة العربية الميسرة أو قاموس لاروس الكبير أو دائرة المعارف الإسلامية أو الموسوعات الفلسفية أو موسوعة لالاند أو الموسوعة الأمريكية الأكاديمية أو المعجم الفلسفي أو المنظومات الفلسفية والانساق الاجتماعية، ولذلك يظهر تباين التعريفات والمصطلحات لتحديد مفهوم ومضمون الليبرالية، وذلك تبعًا لفكر وتخصص الباحث.

فالليبرالية تحمل تعريفات ومصطلحات ومضامين ودلالات مختلفة، حيث نرى في الدراسات الحديثة عدم الاتفاق على تعريف دقيق وموحد، حيث يأخذ تعريف الليبرالية ألوانًا متعددة حسب القراءة المقدمة من الباحث أو الدارس، باعتبارها خلاصة تجربة إنسانية امتدت على مدى 4 قرون، تناوب على بنائها عدد من المفكرين أمثال: جون لوك وآدم سميث وفولتير وروسو وجيري بنثام وجون ستيوارت ميل. وكل وضع لها تعريفها الخاص، فقد عرفها روسو بأنها الحرية المطلقة. وعرفها لاشلييه بالانفلات المطلق، وهوبز بغياب العوائق الخارجية وهاليفي بالاستقلالية. وإن كان يوجد دارسون تناولوا الليبرالية من جوانب مختلفة أملتها عليهم تخصصاتهم واهتماماتهم، فمنهم من تناولها من ناحية اجتماعية أو تطرق لها من زاوية فكرية أو فلسفية، وهذا ما جعل الليبرالية تختلف من باحث إلى آخر.

ففي كتاب «freedom's power The true force of liberalism» يحاول الكاتب.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الوطن السعودية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الوطن السعودية

منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ 3 ساعات
منذ 7 دقائق
منذ دقيقتين
منذ ساعتين
صحيفة عاجل منذ 7 ساعات
صحيفة سبق منذ 20 ساعة
صحيفة عكاظ منذ 15 ساعة
صحيفة عاجل منذ 21 ساعة
صحيفة سبق منذ 23 ساعة
قناة الإخبارية السعودية منذ 21 ساعة
صحيفة عاجل منذ 5 ساعات
صحيفة عكاظ منذ 12 ساعة