عند دخولنا إلى حي المزة 86، الذي تقطنه الطبقة العاملة في غرب دمشق، مررنا من نقطة تفتيش يديرها مقاتلون من هيئة تحرير الشام.
بدت المباني في الحي متهالكة، وتحتاج إلى ترميم.
ويعيش في الحي غالبية من أبناء الطائفة العلوية التي كان ينتمي لها الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وهي طائفة تتبع للدين الإسلامي-المذهب الشيعي.
والطائفة العلوية واحدة من أكبر الأقليات الدينية في سوريا.
سيطر العلويون على السلطة في الدولة السورية ذات الأغلبية السنية طيلة خمسين عاماً من حكم عائلة الأسد، إذ شغلوا مناصب عليا في الحكومة والجيش وأجهزة الاستخبارات.
في الوقت الراهن، يخشى كثيرون من أبناء الأقليات من الانتقام بعد سقوط نظام الأسد على يد المعارضة السورية بقيادة هيئة تحرير الشام، وهي جماعة إسلامية سنيّة كانت في السابق فرعاً يتبع تنظيم القاعدة في سوريا.
ورغم رفض العشرات من العلويين الذين تواصلنا معهم عبر الهاتف التحدث معنا، وقال الكثير منهم إنهم يشعرون بالخوف. إلا أنه في حي المزة 86، لا يبدو أن وجود عناصر هيئة تحرير الشام في نقطة التفتيش يشكل مصدراً للقلق.
اقترب العديد من العلويين وتحدثوا معنا، كانوا حريصين على التبرؤ من نظام الأسد.
وقال محمد شاهين، طالب الصيدلة البالغ من العمر 26 عاماً: "خلال نظام الأسد، كانت الصورة النمطية عن العلويين أنهم حصلوا على جميع فرص العمل وأنهم أغنياء. لكن في الواقع، معظم العلويين فقراء، ولن تجد واحداً من بين ألف منهم غنياً".
وأضاف شاهين "حتى عندما ذهبت هيئة تحرير الشام إلى القرى العلوية قرب الساحل، وجدوا أن جميع القرى كانت فقيرة. فقط عائلة الأسد هي التي جمعت الثروة".
يعلق حسن داوود، وهو صاحب متجر: "كنا عبيداً له - سائقين وطهاة وعمال نظافة".
هناك أيضاً شعور بالخيانة.
يقول محمد "بشار كان خائناً. وطريقة هروبه كانت جبانة. كان يجب عليه على الأقل أن يخاطب الناس ويخبرنا بما يحدث، رحل دون أن يقول كلمة، مما جعل الوضع فوضوياً".
لكن أفراداً من الطائفة العلوية، ومن هذا الحي تحديداً، خدموا في قوات الأمن "القمعية" التابعة للأسد. سألناهم إن كانوا يخشون الانتقام منهم؟
أجاب طاهر شاهين، وهو عامل بناء: "الذين كانوا في الجيش وارتكبوا أفعالاً سيئة هربوا. لا أحد يعلم أين هم، إنهم خائفون من الانتقام".
وأضاف شاهين أن الأشخاص الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء، ليسوا خائفين، وظلوا في منازلهم".
وأوردت تقارير عن وقوع عمليات قتل انتقامية في بعض أنحاء البلاد، لكن حتى الآن لا يوجد دليل يثبت أنها تمت على يد هيئة تحرير الشام.
قال محمد: "حتى الآن، نحن بخير. نحن نتواصل مع هيئة تحرير الشام وهم محترمون. لكن هناك أشخاص ليسوا من الهيئة ويتظاهرون بأنهم منهم ويوجهون التهديدات. هم يريدون فشل مجتمعنا وهم من نخاف منهم".
بعد السيطرة على دمشق، قالت هيئة تحرير الشام وحلفاؤها إن الذين كانوا من نظام الأسد وشاركوا في عمليات التعذيب والقتل سيخضعون للمحاسبة، رغم أنه لم يتضح حتى الآن كيف سيكون شكل المحاكمة.
وأكدت هيئة تحرير الشام على حماية حقوق وحريات الأقليات الدينية والعرقية.
يشار إلى هيئة تحرير الشام نأت بنفسها عن ماضيها الجهادي، لكنها تحمل في الوقت الحالي توجهاً إسلامياً، ويتساءل الكثيرون عن تأثير ذلك على المجتمع التعددي في سوريا.
قال يوسف صباغ،.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من بي بي سي عربي