أعاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إثارة الجدل بشأن رغبة الولايات المتحدة في شراء جزيرة غرينلاند الدنماركية، التي تُعدّ أكبر جزيرة في العالم، ما أعاد طرح هذه الفكرة المثيرة للجدل التي كان قد أعلن عنها خلال فترته الرئاسية الأولى.
وكتب ترامب على منصته للتواصل الاجتماعي تروث سوشيال: «لأغراض الأمن القومي والحرية في أنحاء العالم كافة، تشعر الولايات المتحدة بأن امتلاك غرينلاند والسيطرة عليها ضرورة حتمية».
ورد رئيس وزراء الجزيرة الشاسعة، موتى إيجيدي، على تصريحات ترامب بغضب على ما يبدو، حيث أكد أمس الاثنين أن الجزيرة ليست للبيع، وقال في تعليق مكتوب: «غرينلاند ملكنا.. ونحن لسنا للبيع ولن نكون كذلك أبداً.. يجب ألّا نخسر نضالنا الطويل من أجل الحرية».
وهذه ليست المرة الأولى التي يُثير فيها ترامب فكرة شراء غرينلاند، فقد أعاد طرحها سابقاً خلال ولايته الأولى في البيت الأبيض، معتبراً أن الاستحواذ على الجزيرة يُعدّ جزءاً من استراتيجية الأمن القومي الأميركي.
ماذا نعرف عن جزيرة غرينلاند؟
غرينلاند هي أكبر جزيرة غير قارية في العالم، وتبلغ مساحتها مليوني كيلومتر مربع، ويُقدّر عدد سكانها بنحو 56 ألف نسمة.
تقع الجزيرة بين المحيط المتجمد الشمالي والمحيط الأطلسي، إلى الشرق من أرخبيل القطب الشمالي الكندي، وهي تتمتّع بالحكم الذاتي في ظل السيادة الدنماركية، حيث إن لها حكومتها وبرلمانها.
وكانت غرينلاند مستعمرة دنماركية حتى عام 1953، ولا تزال الجزيرة تعتمد على الاقتصاد الدنماركي حتى اليوم، وبينما تدير سلطات غرينلاند شؤونها المحلية، تظل كوبنهاغن مسؤولة عن الدفاع والسياسة الخارجية.
وعلى الرغم من المسافة الكبيرة بين غرينلاند والدنمارك، التي تصل إلى نحو 3532 كم بين عاصمتيهما، فإن غرينلاند ترتبط بالدنمارك سياسياً وثقافياً منذ أكثر من ألف عام.
ونظراً للمناخ القطبي، يتركز معظم سكان غرينلاند على السواحل في مستوطنات ومدن، حيث يعيش نحو 80 في المئة منهم في المنطقة التي لا تغطيها الثلوج والجليد، وهي تمثل 20 في المئة فقط من مساحة البلاد.
وتسهم الدنمارك بثلثي ميزانية غرينلاند، بينما يسهم نشاط الصيد البحري في تغطية الجزء المتبقي من الميزانية.
لماذا يريد ترامب شراء غرينلاند؟
أصبح شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك شغل ترامب الشاغل خلال ولايته الأولى في البيت الأبيض، حيث بدأ بمناقشة الفكرة بشكل خاص ثم أكدها لاحقاً علناً.
وأعاد الرئيس الأميركي المنتخب، إحياء هذه الرغبة في بيان له أعلن فيه تعيين كين هاوري، المؤسس المشارك لـPayPay سفيراً له إلى الدنمارك.
تضم الجزيرة القطبية، قاعدة ثول بيتوفيك الفضائية الأميركية، التي تُعدّ موقعاً استراتيجياً لمهام الدفاع الصاروخي ومراقبة الفضاء، بحسب ما أفادت به قوة الفضاء الأميركية.
كما تحتوي الجزيرة على مساحات شاسعة من الأراضي التي توفّر فرصاً لإجراء العديد من الأبحاث المحتملة.
أمّا ما يمنح غرينلاند أهمية، هو اشتمالها على المعادن مثل الحديد واليورانيوم والألومنيوم والنيكل والبلاتين والتيتانيوم والنحاس.
إلى ذلك، تشتمل الجزيرة على العديد من الموارد الطبيعية، بما في ذلك النفط والمعادن الأرضية النادرة مثل النيوديميوم والديسبروسيوم، وفقاً للجمعية الملكية للكيمياء.
وتغطي الثلوج أكثر من 80 في المئة من مساحة غرينلاند، وهناك مخاوف من ذوبان الغطاء الجليدي نتيجة للاحتباس الحراري، ومع ذلك فإن ذوبان الجليد قد زاد من إمكانية الوصول إلى الموارد المعدنية في الجزيرة.
اهتمام أميركا بغرينلاد
تنظر الولايات المتحدة منذ زمنٍ بعيدٍ لغرينلاند باعتبارها مهمة استراتيجية، فلم يكن ترامب الرئيس الأميركي الوحيد الذي حاول شراء الجزيرة الجليدية، فالفكرة تعود إلى ستينيات القرن التاسع عشر عندما كان أندرو جونسون رئيساً للبلاد.
وقد حاول الرئيس هاري ترومان أيضاً شراءها عام 1946، كما درس وزير خارجية أبراهام لينكولن، ويليام سيوارد، الفكرة عام 1867، وذلك لأهداف اقتصادية وأمنية، لكن الدنمارك رفضت ذلك.
وغرينلاد ليست المنطقة الوحيدة التي يتطلع إليها ترامب، فبعد فوزه بإعادة انتخابه، بدأ يطرح أفكاراً مثيرة للجدل بشأن ضم مناطق جديدة إلى الولايات المتحدة، ففي الأسبوع الماضي سخر من رئيس وزراء كندا جاستن ترودو، باقتراح ضم كندا كولاية 51، بينما نشر على وسائل التواصل الاجتماعي، السبت، فكرة استعادة الولايات المتحدة السيطرة على قناة بنما، وهو ما كرره في خطاب ألقاه في أريزونا الأحد.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية