زيارة الصفدي.. خطوة عربية لاستكشاف حكام سوريا الجدد

شكّلت زيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى دمشق مؤخراً ولقائه القائد العام للإدارة الجديدة أحمد الشرع حدثاً مهماً في سياق العلاقات العربية-العربية، خصوصًا وأنه كان أول وزير خارجية عربيّ يتجه إلى سوريا منذ سقوط النظام السوريّ في 8 ديسمبر.

وبحسب محللين، فإنّ الأردن يسعى إلى تعزيز علاقاته مع سوريا بعد أعوام من توتر العلاقات بين البلدين التي تأثرت بشكل كبير جراء النزاع السوريّ الذي بدأ في عام 2011، والذي أدّى إلى تدفق اللاجئين وزيادة التهديدات الأمنية للمملكة.

وفي ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجه المنطقة، خصوصًا مع الحرب الإسرائيلية على غزّة، فإن هذه الزيارة تشير وفق المحللين إلى تغييرات في السياسة الإقليمية وتفتح الباب أمام نقاشات جديدة حول التعاون بين سوريا والأردن.

منع أيّ فراغ في سوريا ومن هنا، اعتبر المحلل الأمني والإستراتيجيّ نضال أبو زيد أنّ الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى دمشق جاءت نوعًا ما متأخرة خصوصًا وأنّ وفودًا عربية وإقليمية سبقته إلى العاصمة السورية.

وقال أبو زيد في حديثة لمنصة "المشهد" إنّ وفدًا سعوديًا وآخر من الاتحاد الأوروبي وثالث من الولايات المتحدة وتركيا زاروا دمشق والتقوا بالشرع.

وأضاف أبو زيد "الأردن وبحكم الجوار مع سوريا، كان يفترض أن تكون زيارة مسؤوليه إلى دمشق في وقت مبكّر"، مبينًا أنّ الزيارة بالمجمل جاءت في إطار حالة الترقب التي تعيشها الأردن لمآلات الأمور في سوريا.

وأكد أنّ ما يهمّ الأردن، هو أن تكون سوريا مستقرة وألّا يكون هناك أيّ فراغ لا أمنيّ ولا سياسيّ، لأنّ المملكة تدرك أن ذلك الفراغ سيتم إشغاله إما عن طريق أطراف إقليمية قد لا تكون على وفاق في الرؤى مع عمّان، وإما من قبل جماعات لا تريد المملكة أن يكون لها دور سياسيّ في سوريا.

وأوضح أبو زيد أنّ أكثر الملفات التي تهم الأردن، "يبدو أنه تم بحث بعضها وليس جميعها مع الجانب السوري". وقال إنّ أبرز هذه الملفات هي ضبط الحدود من الجانب السوري ومنع تهريب المخدرات بالدرجة الأولى.

وأكد أنه يبدو أن عمّان نجحت في استنباط خطة مشتركة سورية أردنية بأنّ يتم ضبط الحدود من قبل بعض الفصائل المسلحة الموجودة في شرق درعا على امتداد البادية السورية لغاية ما يتم تأطير وتثبيت وزارة الدفاع السورية ومن ثم بعد ذلك التعامل مع جهة رسمية عسكرية.

فيما يتعلق بملف اللاجئين، أشار أبو زيد إلى أن الأردن ليس مستعجلًا كثيرًا في هذا الموضوع بقدر ما هو على عجلة في ملف عودة التجارة البينية بين البلدين وانسياب الحركة التجارية بين عمّان ودمشق.

مواضيع ذات صلة "عقلنة" الخطاب السوري ولفت أبو زيد إلى الرؤية الأردنية للحالة السورية الجديدة، حيث يرى أنّ زيارة الصفدي جاءت لاستنباط اتجاهات هذه الحالة، في ظل خلفيات أحمد الشرع وطاقم الحكومة الانتقالية.

وقال "يبدو أنّ الأردن اقتنع بمحاولة "أنسنة وعقلنة" الخطاب الإعلاميّ السوري للحكومة الجديدة، واقتنع أكثر بأن هذه الحكومة مؤقتة قد تكون لغاية 3 أشهر حسبما أعلن الجانب السوري ثم بعد ذلك يتم انتخاب حكومة جديدة.

وشدّد على أن ما يهم الأردن هو أن تكون الدولة السورية متماسكة، لأنّ تفكّكها يعني خلق بؤرة صراع غير مستقرة على حدود المملكة الشمالية.

وأوضح أنّ الأردن يعي التحولات الإيديولوجية التي حدثت مع الشرع و"هيئة تحرير الشام"، وهي التي اقتنعت بها أيضا الدول العربية في الإقليم والولايات المتحدة التي أعادت النظر في المكافأة المالية التي كانت مطروحة من أجل القبض على الشرع.

وبيّن أبو زيد أن هناك "نعومة" في الخطاب الإعلامي الأوروبي، تجاه "الجولاني" وتجاه الحالة السورية الجديدة نفسها.

واعتبر أن الشرع ذاهب باتجاه أولويات متسلسلة، تبدأ بالمحافظة على الأمن الداخلي لسوريا ثم الانتقال نحو منع تقسيم سوريا وصولًا إلى ملف الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة.

ملفات ذات أولوية من جانبه، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات إنّ الأهداف الأردنية من زيارة الصفدي إلى دمشق تتضمن حماية الحدود وقضية اللاجئين واستئناف التجارة وإعادة إعمار سوريا.

وأضاف شنيكات في تصريحات لمنصة "المشهد" أنّ الأردن يفكر أيضا في ملف الربط الكهربائي مع سوريا خصوصًا وأنّ لديه فائض في الكهرباء يريد عبره مساعدة سوريا.

وسياسيًا، فإنّ "الأردن ليس له أيّ مصلحة في انقسام سوريا. المطلوب هو الوحدة ما بين السوريين وأن تبقى سوريا موحدة ومستقلة"، وفق شنيكات.

وأضاف أن الأردن يرفض أيّ تدخل في الشأن الخارجي السوري، ومن مصلحته إقامة نظام سياسيّ مستقر هناك.

واعتبر أن المعطيات الحالية بغض النظر عن السوابق للإدارة السورية الحالية، تتجه إلى أن سوريا تتصرف كدولة طبيعية في المنطقة تركز على إعادة البناء، وترسل رسائل تطمين إلى دول الجوار .

وأكد شنيكات أنه ليس لدى سوريا أيّ رغبة في التغيير الإيديولوجي الجوهري في المنطقة، مبينًا أن كل ما تسعى إليه دمشق حاليا هو إعادة البناء وضبط الأمن واستئناف تقديم الخدمات وتطوير المرافق العامة وإيصال الخدمات للشعب السوري وعودة اللاجئين، خصوصًا وأنّ هناك اكثر من 8 ملايين مهجّر داخل وخارج سوريا.

واعتبر أن هذه هي أولويات الإدارة السورية الحالية وهي تحدي كبير وتتطلب تضافر الجهود الداخلية والخارجية.

ماذا يريد الأردن؟ إلى ذلك، أكد المحلل السياسي الدكتور عامر السبايلة أن زيارة الصفدي إلى دمشق، "على المستوى السياسي تعتبر بداية تكيّف الأردن مع هذا الواقع الجديد الذي تشكّل في سوريا".

وأوضح في حديثه لمنصة "المشهد" أن المطلوب من الأردن التكيّف على كافة المستويات "وهذا يعني أن البداية السياسية حتى لو كانت غير واضحة المعالم لما بعدها، لكن هذا يمكن أن يكون خطوة تنتقل إلى الفئات الأخرى".

وبين السبايلة أنّ الحديث في الأردن حاليا يدور حول الفئات الاقتصادية والمجتمعية، والبدء بالإطلال على المشهد السوري عن قرب خصوصًا في موضوع إعادة الإعمار وتفعيل الحدود الجغرافية.

وتابع "أعتقد أنّ هذه الزيارة تشكل نقطة انطلاق. لا نستطيع أن نقول إلى أين ستصل الآن وكيف سيكون الوضع في سوريا لاحقًا لكن نحن نتعامل مع الوقائع الحالية الذي يجب أن نتعامل معها بسياسة الأمر الواقع".

وأضاف السبايلة أن ذلك يعني التدشين السياسي لبداية العلاقة والانتقال إلى فتحها على مستويات أخرى وخصوصًا المستوى الاقتصادي.

(المشهد)


هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة المشهد

منذ 7 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ ساعتين
منذ 9 ساعات
منذ 8 ساعات
بي بي سي عربي منذ 13 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 6 ساعات
قناة العربية منذ 3 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 18 ساعة
قناة العربية منذ 6 ساعات
سكاي نيوز عربية منذ 12 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 4 ساعات
قناة العربية منذ 6 ساعات