«لأ.. لأ.. ماحدش يروح لهم»، كانت هذه هى الكلمات التى نطق بها محمود كهربا، لاعب نادى الأهلى، محرضًا زملاءه على عدم الذهاب لرد تحية جماهير الفريق بعد مباراة شباب بلوزداد الأخيرة بدورى أبطال إفريقيا.
كهربا، الذى تغنى طوال السنوات الماضية بجماهير الأهلى وامتدحهم فى أكثر من مناسبة، لم يطق انتقاداتهم لما قدمه من مستوى هزيل فى مشاركاته مع الفريق، واعتقد أنه سيعاقب جماهير الأحمر بتحريض زملائه على عدم الذهاب إليهم ورد التحية، رغم أن زميله محمد الشناوى، الذى تلقى نصيبًا من هتاف الجماهير وطالبوه بالرحيل مع «كهربا»، هو من طالب اللاعبين بالذهاب للجماهير وتحيتهم، لولا تدخل كهربا ومحمد رمضان، المدير الرياضى للنادى.
موقف محمد رمضان هو الآخر كان مبهمًا، فهو لاعب سابق للأحمر، وشاهد بأم عينيه جماهير الأهلى وغضبها، وأيضًا نال نصيبه من مديحهم وهتافاتهم باسمه، وكان من الأولى أن يوجهِّ اللاعبين للذهاب لجماهيرهم وتقبل النقد كما المدح، فالعلاقة بين الجماهير ولاعبى فريقهم لا تتجزأ، بل تؤخذ كما هى، بحلوها ومرها.
ولكن.. لماذا يلعب محمود كهربا كرة القدم؟، ولماذا انقلب على جماهير الأهلى؟، ومتى يتوقف عن أفعال المراهقة؟، هذه هى التساؤلات التى نحاول تناولها فى السطور التالية.
افتقاد الانضباط الذاتى والتعامل مع الضغوط أبرز ملامح شخصيته.. والأزمات تتوج مسيرته الاحترافية
لاعب كرة القدم المحترف له العديد من الصفات السيكولوجية والنفسية، التى تحدد علاقته باللعبة ومدة بقائه فى الملاعب، منها الانضباط الذاتى، الذى يتوجب من خلاله على لاعب كرة القدم أن يلتزم بجداول التدريب الخاصة به، والموازنة بين حياته الشخصية والمهنية، وأيضًا الالتزام بالبرامج الغذائية، والحصول على القسط الكافى من النوم، والالتزام فى المعاملة مع الزملاء فى الفريق أو مع الإعلام.
إذا حاولنا تطبيق الصفة الأولى على كهربا، سنجد أن اللاعب عانى من عدم الانضباط فى مواعيد التدريبات والمحاضرات الفنية، بل تعرض للعقوبة فى أكثر من فريق، ووصلت الأمور إلى حد الحرمان من المشاركة مع الأهلى لمدة شهر بسبب عدم التزامه، فضلًا عن الغرامات المالية والعقوبات التى لم تعلن للجماهير، وكذلك الغرامات التى تعرض لها من الأندية المختلفة التى مثّلها خلال مسيرته، مع استبعاده من قبل العديد من المدربين.
أما عن الموازنة بين الحياة الشخصية والمهنية، فمواقع التواصل الاجتماعى تضج بمقاطع فيديو لكهربا أثناء سهره بالملاهى الليلية، والتى أعيد نشر أحدها منذ أيام، ويظهر خلاله أثناء مشادة مع آخرين.
كهربا، أيضًا، عوقب فى الأهلى أكثر من مرة بسبب عدم التزامه بميعاد المران، وذهابه لمقر النادى مباشرة من سهراته الليلية دون الحصول على أى قسط من النوم، بالإضافة إلى فشله فى التعامل مع زملائه داخل الفريق، ودخوله فى العديد من الأزمات معهم، وكان أكثرها داخل الأهلى، وبدأها مبكرًا بأزمة مع محمد الشناوى، قائد الفريق، وتلاها تغريمه مبلغ مليون جنيه، ثم العقوبة من المدير الفنى السابق بيتسو موسيمانى، بسبب عدم الالتزام وسوء السلوك فى ٢٠٢١.
القدرة على إدارة الضغط النفسى والتعامل تحت الضغوطات هى من بين العوامل التى تصنع لاعبًا محترفًا، خاصة أنه كان يمثل واحدًا من الأندية الكبرى ويتنافس فى بطولات كبرى، إذ ينتظر منه أن يكون حاضرًا فى المراحل الحاسمة من المباريات.
وكل ذلك لم ينطبق على كهربا فى كثير من مراحل مسيرته، فمثلًا فى مباراة السوبر المصرى بين الأهلى والزمالك فى عام ٢٠١٥، وأثناء تمثيله للزمالك، أصر اللاعب على تنفيذ ركلة جزاء تحصل عليها الفريق الأبيض رغم رفض البرتغالى جوسفالدو فيريرا، المدير الفنى للزمالك آنذاك، رغبة منه فى الحصول على لقطة تسجيل الهدف، لكنه سددها برعونة لاعب ناشئ، وتلاها العديد من المشاهد التى فشل أثناءها فى التعامل مع الضغط النفسى، ومن بينها بصقه على جماهير الزمالك فى ٢٠١٩ بسبب انتقاداتهم لمستواه.
أيضًا كهربا، صاحب الـ«٣٠» عامًا، فشل فى التعامل مع الضغوطات مرة أخرى فى مباراة الأهلى وباتشوكا الماضية بنصف نهائى كأس إنتركونتيننتال، إذ أضاع فرصة محققة لتسجيل هدف للأحمر، وعاد مرة أخرى وسدد ركلة ترجيح برعونة مشابهة لما فعله قبل ٧ سنوات ضد الأهلى، خاصة أن مشاركته فى المباراة جاءت فى مرحلة حاسمة من الشوط الثانى، ليثبت مرة أخرى أنه لاعب لا يجيد اللعب تحت الضغط.
كما لم ينجح كهربا فى التعامل مع انتقادات مدربيه والإعلام لمستواه أو حتى جماهير ناديه، فدائمًا ما رأى أن الكل يقف ضده وأنه مظلوم من الجميع، وأن هناك من يحاولون إسقاطه وإهدار تاريخه!
ولا يعلم أحد من أين أتى كهربا بالجرأة لينعت نفسه باللاعب صاحب التاريخ؟، فقد حقق أغلب ألقاب مسيرته الاحترافية مع نادى الأهلى، ولكن على مستوى التأثير فى تحقيق الألقاب لن نجد لكهربا شيئًا يذكر سوى فى بطولة واحدة لدورى أبطال إفريقيا فى ٢٠٢٣، من أصل ١٤ لقبًا حققها مع الأهلى.
وبالمقارنة، فإن كريستيانو رونالدو، أسطورة ريال مدريد، وأحد أفضل لاعبى الكرة عبر التاريخ، انتقد علنًا فى سانتياجو برنابيو، وطالته صافرات استهجان جماهير الريال، وبالمثل، فإن ميسى حمّلته جماهير الأرجنتين مسئولية إخفاق منتخبها فى تحقيق الألقاب، وهاجمته جماهير برشلونة بعد رباعية ليفربول بدورى أبطال أوروبا فى ٢٠١٩، فمَن أنت يا كهربا لترفض انتقادات الجماهير وتعاقبهم على هجومهم ضدك بمنع زملائك من تحيتهم؟!.
والحقيقة هى أنه إذا كنت ناجحًا فى عمل ما وتجيد فنياته وتفاصيله وتقدم ما لا يجيده غيرك ولا تملك أخلاقيات هذا العمل فلن تجد لنفسك مكانًا بين أقرانك حتى وإن كانوا لا يتقنون هذا العمل بقدر إتقانك له، لأن أخلاقيات العمل هى القيم والمبادئ التى تحدد سلوك الفرد فى بيئة العمل، ويدير من خلالها طريقة تعامله مع زملائه ومديريه، وكذلك الطريقة التى يؤدى بها مهامه، وتسهم فى تحسين أدائه الفردى.
وأبرز تلك العناصر.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الدستور المصرية