وصفه البعض بأنه عام التحديات الاقتصادية في البلاد العربية، ويراه اقتصاديون أنه عام الفرص في بعض الاقتصاديات الأخرى، فكيف جرت الأمور في البلدان العربية خلال عام 2024، وما هي التوقعات المستقبلية للاقتصاد العربي خلال عام 2025.
لعل الحدث الأبرز الذي أثّر على عدد من اقتصاديات الدول العربية، هو استمرار الحرب في غزة وتوسع الصراع ليشمل دول أخرى مثل لبنان وسوريا، الأمر الذي ضغط بقوة على اقتصاديات هذه الدول لتخسر مليارات الدولارات نتيجة هدم البنية التحتية، وخلق تحديات مستقبلية جديدة لها خاصة في لبنان وسوريا.
كما تأثر الاقتصاد المصري بقوة من استمرار الحرب في غزة، وتضرر حركة الملاحة من قناة السويس، الأمر الذي دفع الحكومة لتبني خططًا اقتصادية شديدة للغاية واللجوء إلى مزيد من القروض التي انهكت اقتصاد البلاد، في المقابل لم تتأثر اقتصادات دول الخليج كثيرًا في عام 2024 .
الاقتصاد الفلسطيني ينهار وكشف الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عن تراجع حاد في الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين بنسبة 32%، في ظل الانكماش الحاد في الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة خلال الربع الثاني 2024 بنسبة 86% مقارنة مع الربع المناظر بعام 2023، مع تراجع في اقتصاد الضفة الغربية بنسبة 22%.
ورصدت وزارة الاقتصاد الفلسطينية، الأنشطة المتضررة الاقتصادية من الحرب حتى الآن، منها نشاط التعدين والصناعة التحويلية تراجع 27% وتراجع نشاط الإنشاءات 41% وهبوط نشاط الزراعة بنسبة 11% كما انخفض نشاط تجارة الجملة والتجزئة 18%.
اقتصاد لبنان في خطر أسابيع قليلة من الحرب كبدت الاقتصاد اللبناني مليارات الدولارات خلال 2024، وقالت الحكومة اللبنانية على لسان أمين سلام وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني، إن هناك خسائر مباشرة في البنية التحتية في الجنوب والبقاع وفي بيروت منها مباني ومصانع ومحال تجارية وسلاسل تجزئة وتقديرات مبدئية بمليارات الدولارات.
وأشار خلال تصريحات سابقة، إلى أن قطاع السياحة في لبنان يتعرض لتدمير كبير بعد أن كان مصدرًا للدخل بواقع 7 مليارات دولار سنويًا، ليفقد لبنان هذا المورد الرئيسي بنسبة 90 % من دخل هذا القطاع، بجانب خسائر وصلت إلى أكثر من 3 مليارات دولار لقطاع الزراعة نتيجة تدمير الأرض الزراعية اللبنانية.
مواضيع ذات صلة الجنيه المصري ينزف في 2024 وخلال 2024 لجأت مصر إلى تعويم جديد للجنيه المصري في الربع الأول من 2024 ليخسر الجنيه قرابة 60% من قيمته، الأمر الذي دفع أسعار السلع والمنتجات في مصر لتقفز 120%، كما عاني المصريون من قفزات متتالية في أسعار الخدمات خلال 2024 بجانب تحرك مستمر في أسعار الوقود.
وخسرت قناة السويس قرابة 6 مليارات دولار من عوائدها، وهي المورد الأهم للنقد الأجنبي في البلاد بنسبة تراجع بلغت 60% منذ اندلاع المواجهات في 7 أكتوبر 2023.
و بحسب بيانات صندوق النقد فإن مصر تعرضت لتضرر بالغ من تصاعد الحرب في 2024، نتيجة للتضرر الكبير في موارد النقد الأجنبي، وهذا يضغط بقوة على الاقتصاد، مما يجعل الحكومة تعمل على برنامج واسع مع الصندوق لتلافي مزيد من التأثيرات على الاقتصاد المصري.
وعن مستقبل الاقتصاد المصري، 2025، أشارت وزارة التخطيط المصرية إلى توقعات بعودة مؤشر النمو للصعود قرب 5% خلال العام المالي القادم 2025-2024، مدفوعًا بتعافي القطاعات الاقتصادية.
الجزائر في صدارة دول شمال إفريقيا نجحت الاقتصاد الجزائري في تسجل أداء متميز خلال 2024، حيث أصبح ثالث أفضل نمو اقتصادي عربياً في 2024، بحسب صندوق النقد الدولي، والذي توقع بدوره أن تكون الجزائر في صدارة دول شمال إفريقيا من حيث النمو والتوظيف وتحسن مستوى المعيشة، لتنجو الجزائر من تداعيات الحرب التي طالت دول عربية أخرى.
سوريا تحاول التعافي من عثرتها الاقتصاد السوري الذي نزف لمدة 10 سنوات تقريبًا، بدأ يتنفس الصعداء عقب رحيل بشار الأسد، حيث قفز سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، ليعود سريعاً للمستويات التي كان عليها قبل سقوط نظام بشار الأسد.
في وقت تشير تقديرات إلى أن مخزون البلاد من الذهب لدى البنك المركزي يبلغ 26 طناً، فيما يصل احتياطي النقد الأجنبي إلى 200 مليون دولار فقط، وسط توقعات متفائلة للاقتصاد السوري مع عودة حركة المطارات وانتظام عمل الشركات وإعادة تشغيل ماكينات الصراف الآلي وعودة آلاف السوريين من الخارج وتقليل الضغط على الليرة السورية، ليرى الاقتصاد السوري نقطة مضيئة في نهاية نفق مظلم.
مواضيع ذات صلة الاقتصاد الليبي "محلك سر" خلال 2024 مع استمرار الغموض حول المستقبل السياسي في ليبيا، يعاني الاقتصاد من حالة "التشتت" جراء اعتماد البلاد علي النفط والغاز لتظل الآفاق الاقتصادية في ليبيا على المدي القصير والمتوسط ضيقة للغاية، رغم توقعات وصول معدل النمو في البلاد إلى 8% بنهاية 2024.
وقال البنك الدولي، إن ليبيا في حاجة ماسة إلى رؤية اقتصادية وطنية واضحة للمستقبل، وسيواصل صندوق النقد الدولي مساعدة السلطات الليبية من خلال توفير الدعم الفني لتنمية القدرات في العديد من المجالات.
الاقتصاد الخليجي كشف المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عن توقعات مؤشر الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لدول المجلس بنسبة 3.7 % بنهاية 2024، و4.5 % في 2025، ليستقر عند 3.5 % عام 2026.
وذكر المركز أن هذا النمو المتوقع خلال الأعوام 2024 و2025 و2026، يأتي بسبب زيادة الإنتاج النفطي، لاسيما أن تحالف (أوبك+) يقوم حالياً بتحرير حصص الإنتاج تدريجياً منذ النصف الثاني من العام الحالي 2024، خصوصا مع اكتمال تطوير حقول الغاز الجديدة في المنطقة، بالإضافة إلى تسارع وتيرة التعافي الاقتصادي في القطاعات المرتبطة بالنقل والسياحة ومشروعات البنية الأساسية مدعوماً بسياسات توسعية على مستوى المالية العامة.
وأظهرت التوقعات الأولية الصادرة عن المركز، بتحسن النمو في القطاع غير النفطي في المجلس محققاً نمواً بنسبة 4.5 % خلال العام الجاري 2024، مع الحفاظ على هذه الوتيرة في النمو، وبنسبة ارتفاع 3.3 % و4.1 % في العامين2025 و2026 على التوالي.
توقعات الاقتصاد العربي في 2025 رهن الخبير الاقتصادي الدكتور هاني قداح، عودة الاستقرار في بعض الاقتصاديات العربية وعلى رأسها مصر ودول سوريا ولبنان والأردن إلى توقف فوري لإطلاق النار في المنطقة، مشيرا إلى أنه لا نمو وقت الحرب، وما حدث في 2024 ستستمر أثاره عدة سنوات قادمة.
وأشار إلى أن معدلات التضخم في 2025 تحدي كبير لعدد من الاقتصاديات العربية وعلى رأسها الاقتصاد المصري واللبناني، مضيفًا أن "اقتصاديات البلاد العربية في شمال إفريقيا تسير ببطئ لكنها لم تتضرر كثيرًا في 2024".
وشدد على أن دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية والإمارات ستسمر في الأداء الاقتصادي المتميز خلال 2025 بجانب الدول الخليجية الأخرى، نتيجة توقعات تعافي أسعار الطاقة عالميًا في حالة ارتفاع الطلب.
ويرى رئيس اتحاد غرف التجارة في مصر أحمد الوكيل، أن هناك آمال كبيرة على تعافي الاقتصاد العربي مع انتهاء الحرب وعودة الملاحة وانتظام حركة التجارية، مما سيكون له آثار إيجابية على المنطقة العربية، لتتحول نحو زيادة مؤشرات النمو والمضي قدمًا في ملفات إعادة الإعمار في عدد من البلدان العربية خلال 2025.
(المشهد)
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد