من حوالى 40 سنة فاتت، كنت أول مرة أجلس فى تراس فندق «جراند أوتيل» الشهير فى أسوان، الإحساس والاندهاش وقتها بالمكان جعلانى كأنى مسحورة، مساحة البلكونة وموقعها بالنسبة للمكان، منظر النيل العريض أمام الفندق والصخور الضخمة بأشكالها وأحجامها المهولة العظيمة الرائعة، واقفة بشموخ غاية فى العجب، تساءلت كيف للطبيعة أن ترسم وتصمم أماكن يصعب جدا على البشر محاكاتها ومضاهاة تلك القوى الخارقة.
أعتقد أن كمية الأفكار والإلهامات التى راودتنى فى هذا المكان الفريد وقتها شكلت جزءا كبيرا من مشاريعى المهنية المستقبلية، مر 40 سنة وبعدها رجعت إلى أسوان بحلم أنى سأعلم شبابها معنى كلمة (إبداع).
أوائل السبعينيات، كنت انتهيت من تدريبى الأولىّ على فهم مبادئ حرفة الصياغة من معلمى الحرفة فى خان خليلى، بدأت بفتح ورشة صغيرة تحت شقتنا فى حلوان لتنفيذ بعض الموديلات البسيطة، أبيعها للأصدقاء وأصدقاء الأصدقاء، استمريت حوالى 3 سنوات، أجتهد وأطبق ما تعلمته فى الخان من تقنيات.
بعد فترة من الزمن تطورت فنيا وثقافيا من اطلاعى على أعمال فنانى حلى عالميين، كذلك من خلال زياراتى المتكررة للمتاحف المصرية، كما حمل لى أصدقائى كتبا عن هذا الفن وهم قادمون من رحلات من الخارج، كتاب عن فن الحلى بالنسبة لى كان أحسن هدية ممكن أن تهدى لى، أصبح عقلى أقوى من يدى.
فى أواخر السبعينيات، أنشأت ورشة صغيرة فى بولاق الدكرور، قريبة من منزلى فى المهندسين فى المكان الوحيد المسموح به لأخذ رخصة تشغيل، وقتها بدأت أفكر أن أستعين بعمالة من الجنس اللطيف فى مشروعى الأول بالورشة الصغيرة، بدأت بتعيين 6 عمال مستواهم الحرفى مرتفع إلى حد ما، وقررت أن أعين بنات مساعدات لهؤلاء العمال يتعلمن الحرفة خطوة خطوة بمساعدة المعلمين.
فى منتصف السبعينيات، طلب دكتور «دانيال» مدير المركز البريطانى أن أمر عليه فى مكتبه، كان من المتحمسين لمشروعى الصغير، وكان دائما مطلعا على تطور أعمالى وأفكارى، حددنا الميعاد وذهبت إليه فى مكتبه ليفاجئنى بأن الحكومة البريطانية وافقت على إعطائى منحة دراسية مدتها سنتان لدراسة فن تقنيات الحلى فى واحدة من أهم معاهد لندن لهذا التخصص، لا أستطيع أن أصف لكم.. كم كانت تلك اللحظة من أهم لحظات حياتى، كم أحمل لهذا الرجل جميلاً كبيرًا لهذه المنحة.
لندن بالنسبة لى كانت الانفتاح، المعارض والمتاحف والأساتذة فى المعهد الذين يشرحون لك بشكل علمى كيفية صنع الأشياء.. (التعليم الجيد هو المفتاح لكل نجاح). رجعت بعدها إلى القاهرة أقوى تقنيا.
فى النصف الأول من ثمانينيات القرن الماضى، أصبح لدى أربع فتيات وسيدات يعملن كمساعدات لأسطوات مهمين مثل «صباح راشد»، «هناء كمال»، و«منى حنفى» إلى جانب «أم أمير».
كنت سعيدة جدا بالتجربة وبتطورهن، كن ملتزمات، مجتهدات، وجادات فى التعلم. ولكن دائما تظهر مشكلة فى الأفق بمجرد أن يظهر العريس، وبعد فترة الخطوبة أو الزواج، ينتهى كل شىء، ويكون قرار الاستقالة والبقاء فى المنزل هو قرار الزوج.
استمرت ورشة بولاق الدكرور لمدة 15 سنة فى العمل والإنتاج وتنفيذ مجموعات عزة فهمى الفنية، ثم بدأنا نشعر بأن المساحة ضاقت علينا. وكان لابد أن ناخد قرارا بالانتقال إلى المنطقة الصناعية فى 6 أكتوبر، كان ذلك سنة 2004 بعد أن أتيحت لنا فرصة للحصول على أرض فى موقع متميز بالمنطقة الصناعية الأولى.
تطور المشروع وصرنا شركة لها هيكل وظيفى من ماليات وحسابات إلى تسويق ودعاية إلى أقسام للإنتاج وقررنا زيادة عدد العمال حتى نزيد حجم الإنتاج، حيث زاد الطلب على منتجات عزة فهمى، وقررنا التركيز على تدريب عمال جدد بمهارات حرفية عالية.
كان دائما اختيارى الأول للعمال والحرفيين من الرجال، تعلمت خلال الفترة الماضية أن مشاكل تدريب الفتيات واستثمار الوقت فيهن تتبخر بعد الزواج والارتباط الأسرى، الكلمة الأخيرة فى قرار عمل المرأة، للأسف، ليست بيدها بل بيد الزوج أو الأب، كما أن خبرتى السابقة من عملى فى منطقة خان خليلى والصاغة ومعرفة معظم الورش فى هذا الحى الحرفى الشهير، أن الفتيات يعملن هناك.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من جريدة الشروق