"متى سنفرح بك؟" سؤال لا ينفك يطرح على كل من وصل إلى ما يعتقد أنه سن الزواج. وقد يكون السؤال ثقيلاً محرجاً على من يخشى ربط حياته ومستقبله بأحد.
البعض يعتبر أنه لا يحتاج إلى نصف آخر ليكتمل به، وأنه مكتمل بالفعل مادياً ومعنوياً ونفسياً، ويقرر أنه لا يريد شريكاً طويل الأمد في سلامه هذا. فيما آخرون يقتربون خطوة ويتراجعون ألفاً عن قرار الارتباط لأسباب عدة منها الخوف.
ما جناه أبي
"أضعت عمري بالخوف من الارتباط، فكنت بلا وعيي أقيم علاقات مستحيلة لا مستقبل لها، إلى أن اكتشفت بعد أن أصبح عمري 40 سنة إن خوفي من الارتباط جعلني أعيش على هامش الحياة وأخسر وقتاً رائعاً في المشاركة". هذا ما قالته أسماء التي تزوجت بعمر 45 سنة بعد وفاة والدتها. مضيفة "طوال عمري كنت أخشى أن أعيش تجربة والدتي بعد أن تخلى عنها أبي، حبيب عمرها. تركها مع ثلاثة أطفال تصارع الحياة وحدها، بعد أن تزوجته رغماً عن إرادة أهلها. المهم أن شقيقي تزوجا في منتصف العشرينيات. وأنا كنت أرفض أي علاقة تؤدي للزواج إلى أن التقيت بزوجي الحالي، وكان قطار الأمومة قد فات لكن في الأقل كسبت رفقة لعمري الآتي مع شخص لا يشبه أبي الذي جعل نظرتي للحياة سوداوية".
يمثل الارتباط العاطفي لبعض الأشخاص مصدر قلق وذعر بدلاً من الأمان والسعادة. وحال أسماء واحدة من الحالات التي يعزف فيها الأشخاص عن الارتباط خوفاً. هذا الخوف يسمى بالـ"جموفوبيا" أو الخوف من الالتزام العاطفي، وهي حال نفسية واجتماعية تعكس معاناة حقيقية ومؤثرة على العلاقات بين الأشخاص.
والـ"جموفوبيا" (Gamophobia) مشتقة من الكلمة اليونانية "gamos" وتعني الزواج أو الاتحاد، و"phobos" التي تعني الخوف. ويعرف هذا الاضطراب بأنه خوف غير مبرر وشديد من الالتزام بعلاقة عاطفية طويلة الأمد أو من فكرة الزواج. وهنا لا نتحدث عن مجرد التردد الطبيعي باتخاذ القرار ودراسة العلاقة والإحساس بها، بل يرتبط ذلك بشعور عميق بالقلق يمكن أن يتداخل مع قدرة الشخص على بناء علاقات صحية. وأغلب أسباب هذا الخوف يرتبط بتجارب شخصية سابقة.
وعادة لا تأتي الـ"جموفوبيا" وحدها، إذ يرافق رهاب الزواج هذا رهاب الحب، أو رهاب الجنس (الخوف من العلاقة الحميمة)، أو الخوف من الهجر، بحسب Psychology Today.
وعلى رغم أن عديدين يعتقدون أن الرجال أكثر خوفاً من الالتزام، فإن نساء كثيرات يتجنبن الالتزام لمدد طويلة الأمد وفقاً لبحث بمجلة Psychological Report.
بين الحقيقة والذريعة
تعكس الـ"جموفوبيا" تغييرات في نظرة الأفراد للعلاقات والالتزام. وفي عصر السرعة والانفتاح الرقمي تبدو العلاقات العابرة أكثر شيوعاً، فينظر البعض إلى العلاقات الجادة كالتزام ثقيل على القلوب والجيوب لا يتناسب كثيراً مع العصر ويتطلب جهداً للاستمرار.
وأظهرت دراسة أجراها Pew Research Center أن نحو 25 في المئة من الشباب في أميركا قلقون من فكرة الزواج بسبب مخاوف مالية أو نفسية. ويعطي هذا الرقم فكرة عن تغير في فهم معنى الالتزام حيث يختار كثيرون التركيز على حياتهم المهنية والذاتية قبل التفكير في الارتباط العاطفي.
قد يبدو للبعض أن الـ"جموفوبيا" مجرد ذريعة للهرب من الالتزام، لكن الواقع يقول إنها حال نفسية عميقة ومعقدة. فالأشخاص الذين يعانون من الـ"جموفوبيا" غالباً ما يكونون واعين بمخاوفهم لكنهم يشعرون بالعجز أمامها.
اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تتجنب شيرين (32 سنة) العلاقة العاطفية الجادة، وتخيفها فكرة أن تكون مسؤولة عن شخص آخر أو عن طفل، تخشى أن تفقد استقلاليتها وحريتها إذا ارتبطت بأحد. تقول "أجد نفسي دوماً أدفع بالرجل بعيداً على رغم حبي له. وعندما أجد أنه يريد الزواج أبدأ باختراع ذرائع واهية. وعلى رغم تطمينات قد أحصل عليها فإنني أهرب في اللحظات الأخيرة. ولا أشك أبداً بأنني سأهرب أثناء زفافي إذا بقيت بعلاقة تصل للزواج".
تقول شيرين إنها فعلياً لا تعرف لماذا تخيفها فكرة الارتباط إلى هذا الحد على رغم وجود تجارب ناجحة في محيطها القريب.
أسباب الـ"جوموفوبيا"
رولا عصفور مدربة مهارات حياتية وعلاقات صرحت لـ"اندبندنت عربية" بأن الدراسات والأبحاث الحديثة تشير إلى أهمية معرفة أسباب الخوف من الارتباط، بالتالي السعي لعلاجها. وهي تختلف في تأثيرها من شخص إلى آخر، فقد تكون البيئة الأسرية المضطربة التي اعتاد الأطفال فيها رؤية آبائهم غير سعداء أو يتشاجرون باستمرار، أو عاشوا تجربة طلاق الوالدين. وقد تكون بسبب القلق من تحمل مسؤولية الأعباء المادية أو العاطفية الناتجة من الزواج. أو الفشل في تجربة سابقة تعرض فيها الشخص للخيانة أو الانفصال المؤلم. يضاف إلى ذلك الاعتقاد بأن الالتزام يقيد الحرية الشخصية، ويؤثر سلباً في الاستقلالية، ويسبب انخفاض تقدير الذات وقلة الثقة بالنفس الشعور بعدم الأهلية والقدرة على إسعاد الشريك أو إقامة علاقة ناجحة. كما أن وجود توقعات غير واقعية عن العلاقات المثالية أو الشريك المثالي يمكن أن تجعل الشخص يشعر بأن أية علاقة ستكون غير كافية أو مخيبة للآمال. ويأتي الضغط من المجتمع أو الأسرة.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية