يعج العالم بالشركات التي تزيد قيمتها السوقية عن مليار دولار، لكن الشركات التريليونية يمكن عدها على الأصابع.
ومع دخولها العام الجديد، تواجه العديد من هذه الشركات خيارات مفصلية من شأنها أن تحدد ما إذا كانت ستخرج من نادي التريليون دولار، أم تواصل زيادة قيمتها السوقية بدعمٍ من رهانات قامت بها، خصوصاً على
"أبل" ورهان الذكاء الاصطناعي
أبرز هذه الشركات وأكبرها هي "أبل". إذ استفادت الشركة من المستوى القياسي الذي بلغته أسهمها في جلسة الأربعاء، ما جعلها أقرب إلى عتبة 4 تريليونات دولار. ولكن العام الجديد لن يكون مساراً ممهداً أمام الشركة، إذ تحتاج إلى الإجابة عن العديد من التساؤلات، وتذليل بعض العقبات.
أبرز هذه التحديات تتمثل في قدرتها على الاستفادة مستقبلاً من انتعاش مبيعات الهواتف الذكية، في ظل ارتفاع حجم المنافسة.
رأت شركة الأبحاث "آي دي سي" أن الشركة تمكنت بصعوبة من تحقيق نمو في مبيعات الهواتف الذكية خلال السنة الجارية، وذلك رغم انتعاش السوق بعد ركود.
ظهرت هذه الصعوبات من خلال إعلان نتائج الربع الرابع. فرغم أنها جاءت متوافقة مع تقديرات وول ستريت، إلا أن الإيرادات من الصين، ثالث أكبر منطقة مدرة للإيرادات، انخفضت قليلاً إلى 15 مليار دولار، ما يسلط الضوء على المنافسة المتزايدة من الشركات في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
المنافسة ليست التحدي الوحيد، إذ تُعتبر أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية "متأخرة" في مجال دمج الذكاء الاصطناعي في هواتفها، مقارنة بنظيراتها في كل مكان.
في سبتمبر الماضي، بدأت الشركة توزيع أحدث إصدار من هواتف "أيفون 16"، ولكن من دون ميزات الذكاء الاصطناعي "أبل إنتلجنس" (Apple Intelligence) التي كانت الشركة أعلنت عنها في يونيو، وتروج لها منذ ذلك الحين.
رغم تأخرها في إطلاق خدمات الذكاء الاصطناعي، إلا أن الشركة تواجه أيضاً مشكلة ثانية في هذا السياق. إذ قال الرئيس التنفيذي تيم كوك في يونيو الماضي، إنه لن يدعي أبداً أن الذكاء الاصطناعي الخاص بالشركة "آمن 100% من الهلوسات".
العوامل الاقتصادية الأساسية ليست الوحيدة التي ستقلق "أبل" في العام الجديد، فمع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وتعهده بتصعيد معركة الرسوم الجمركية من الصين، فإن الشركة تحتاج إلى تسريع الخطى لتنويع سلاسل إمدادها بعيداً عن الصين.
لا تقف متاعب الشركة عند هذا الحد، إذ تواجه أكبر شركة في العالم ضغوطاً متزايدة من قبل الاتحاد الأوروبي، لجعل نظام تشغيلها أكثر توافقاً مع منتجات الشركات الأخرى، كما هددها بفرض غرامات ثقيلة في حال عدم الامتثال لهذا الأمر. وتواجه الشركة بالفعل تحقيقاً موازياً بشأن قواعد متجر التطبيقات الخاص بها للمطورين، والذي من المتوقع أن يتضمن أيضاً عقوبة كبيرة.
"إنفيديا" وأزمة رهانها
استمتعت شركة "إنفيديا" بعام ممتاز إذ ارتفعت أسهمها بما يصل إلى 173% خلال السنة. هذا الارتفاع وضعها لوقت قصير، على عرش أعلى الشركات من حيث القيمة السوقية.
ولكن عام 2025 قد يكون مفصلياً بالنسبة للشركة التي تُعتبر رائدة في تصنيع الرقائق الضرورية لتطوير الذكاء الاصطناعي.
بداية، تواجه الشركة بعض المشكلات في تصميم أرفف الخوادم لوحدة معالجة الرسومات الجديدة الخاصة بها "بلاكويل"، ما أثار مخاوف من احتمال حدوث تأخيرات في الإنتاج.
ورغم أن الشركة لم تعلق على هذه الأخبار، كما لم تخطر عملاءها بوجود أي تأخيرات في التسليم، إلا أنها ليست المرة الأولى التي تواجه مشكلات في هذا التصميم. وفي وقت سابق، أدت العقبات الهندسية في التصميم إلى إبطاء عملية الإطلاق بنحو ربع واحد على الأقل.
زخم الذكاء الاصطناعي دفع الشركات العاملة في القطاع إلى الاستثمار بكثافة في تصنيع الرقائق، وهو ما يزيد من ضغوط المنافسة على الشركة الأميركية. تصاعد زخم المنافسة أشار إليها بول ميكس، كبير استراتيجيي الاستثمار لدى "هارفرد بورتفوليو مانجمنت"، متوقعاً في تصريح لـ"الشرق"، أن يشهد عام 2025 نمواً يتراوح بين 20% و40% بإيرادات "إنفيديا"، وأن تستمر الشركة بكونها صاحبة أكبر حصة سوقية رغم توجه بعض الشركات، مثل "ألفابت" و"أمازون"، لتصميم رقائقها الخاصة.
ورأى أن هناك شركات منافسة لـ"إنفيديا" قد تكتسب بعض الزخم في 2025، على غرار "إيه إم دي"، و"مايكرون"، و"برودكوم"، و"تي إس إم سي"، و"مارفل"، و"سامسونغ"، و"إس كي هاينكس".
ولكن هذه ليست سوى قمة جبل الجليد بالنسبة للشركة، فالقطاع بشكل عام يواجه تحديات مباشرة في العام المقبل. أبرز هذه التحديات تتمثل في أن أداء نماذج كبار مطوري الذكاء الاصطناعي لا يتحسن بنفس القدر الكبير الذي اعتادت هذه الشركات عليه.
أبلغ مسؤولون تنفيذيون في شركات كبرى، على غرار "أوبن إيه آي" و"جوجل"، كاتبة الرأي في "بلومبرغ" بارمي أولسون، أن تطوير الذكاء الاصطناعي لم يصل إلى مرحلة الثبات. وأضافت أن المخاوف التي سادت لفترة طويلة من تضاؤل عوائد الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو ما تنبأ به بيل غيتس نفسه، تتحقق الآن.
من جهته، قال إيليا سوتسكيفر، أيقونة الذكاء الاصطناعي ومروج فكرة "الأكبر أفضل" لبناء نماذج لغوية كبيرة، لوكالة "رويترز"، إن هذا الاتجاه بلغ مداه الأقصى. وقال إن "العقد الثاني (من الألفية الحالية) كان عصر التوسع. أما الآن فقد عدنا إلى عصر التساؤل والاكتشاف"، وهو ما رأت الكاتبة أنه طريقة إيجابية لقول "لا فكرة لدينا عن الخطوة التالية".
وبطبيعة الحال، فإن أي تباطؤ في عمليات تطوير الذكاء الاصطناعي، سيعني حكماً تباطؤاً بالنسبة للشركة التي تصنع الرقائق التي تشغله.
"مايكروسوفت" والمحافظة على النمو
لا تختلف التحديات التي تواجه ثالث أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية، عن تلك التي تواجه "إنفيديا" رغم اختلاف نمط أعمالهما.
راهنت "مايكروسوفت" بكثافة على الذكاء الاصطناعي، واستثمرت في العديد من الشركات، من بينها 10 مليارات دولار في "أوبن إيه آي" المطورة لـ"تشات جي بي تي". ودمجت الشركة خدمات روبوت الدردشة في أنظمتها للحوسبة السحابية، بالإضافة إلى البرامج الخاصة بها مثل "أوفيس"، وهو أمر أثر إيجاباً على إيرادات الشركة في الربع الرابع من السنة.
بعيداً عن رهانات الذكاء الاصطناعي، فإن الشركة ستواجه تحدياً يتمثل في المحافظة على النمو الذي سجله قسم الحوسبة السحابية، والذي أظهر في الربع الذي انتهى في 30 سبتمبر، تباطؤاً في توليد الإيرادات.
لحل هذه المعضلة، تعمل الشركة على تجنيد عدد كافٍ من العملاء الذين لديهم استعداد للدفع مقابل البرامج والخدمات المحسنة، بهدف دفع نمو "مايكروسوفت" لسنوات قادمة.
"أمازون" وتحديات أسعار الفائدة
نظراً إلى تعدد القطاعات التي تعمل فيها "أمازون"، فهي تواجه العديد من التحديات.
تتشارك "أمازون" مع شركات التكنولوجيا الأخرى في التحديات المرتبطة بقطاع الذكاء الاصطناعي، خصوصاً أنها أيضاً استثمرت بكثافة في القطاع، وأعلنت في أغسطس الماضي، أنها تخطط لمواصلة الإنفاق الكبير على الذكاء الاصطناعي، حتى على حساب الأرباح قصيرة الأجل، وهو ما محا 21 مليار دولار من ثروة بيزوس آنذاك.
ولكن الشركة التي تعمل أيضاً في قطاع التجزئة تواجه تحدياً فريداً. هذا التحدي يتمثل في قلب الاحتياطي الفيدرالي لخطابه بشأن الاقتصاد، وهو ما يمكن أن يؤثر على إنفاق المستهلكين الذي يُعتبر حيوياً للشركة.
بعدما كانت التوقعات تشير إلى أن الفيدرالي يتجه خلال العام المقبل لخفض أسعار الفائدة بنحو نقطة مئوية كاملة، خرج جيروم باول في مؤتمره الصحفي الأخير ليقلب الطاولة. بات المسؤولون يتوقعون إجراء خفضين بمعدل ربع نقطة مئوية لكل خفض، خلال العام بأكمله.
يتزامن هذا التغير مع قدوم ترمب والتأثيرات المحتملة لسياساته الاقتصادية القائمة على الرسوم الجمركية، على التضخم وسوق العمل في أكبر اقتصاد في العالم، وهي أمور من شأنها الضغط على الإنفاق الاستهلاكي حول العالم.
تحديات بالجملة أمام "ألفابت"
تتربع شركة "ألفابت" منذ سنوات على عرش محركات البحث. ولكن القطاع يشهد منافسة متزايدة، ما من شأنه أن يؤثر على نموذج أعمال الشركة القائم بأغلبيته على الإعلانات.
بدأت الشركات المسؤولة عن تطوير روبوتات الدردشة بوضع عينها على كعكة محركات البحث، وكمثال على ذلك أطلقت "أوبن إيه آي" مؤخراً خدمة محرك.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg