كلما اقترب موعد الاحتفالات بتنصيب دونالد ترمب في البيت الأبيض رئيساً للولايات المتحدة، تزايدت وتيرة الترقب والانتظار تحسباً لإيفائه بما وعد به حول إنهاء الحرب الدائرة في أوكرانيا، وهو الذي سبق وأكد قدرته على إيقافها خلال 24 ساعة. وكان ترمب اصطدم بعد إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية باستحالة تنفيذ ذلك الوعد، خلال وقت ذكر الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي تمسكه بما سبق وأعلنه من شروط، مؤكداً رفضه لمبادرة رئيس الحكومة المجرية فيكتور أوربان مع نهاية رئاسته للدورة الحالية لمجلس الاتحاد الأوروبي وغيرها من المبادرات ذات الصلة، وهو ما تناولته "اندبندنت عربية" في تقارير سابقة لها من موسكو.
ترمب واتفاقات مينسك
وعلى رغم أن زيلينسكي كشف عن بعض المرونة في ما يتعلق بالأراضي التي أعلن الرئيس بوتين عن ضمها لروسيا، فإنه يظل عند شروطه التي تقف حجر عثرة من دون التوصل إلى ما سبق وأعلنه المبعوث الشخصي لترمب في أوكرانيا كيث كيلوغ، في إطار ما طرحه من نقاط صاغها في خطته مع فريدريك فليتز زميله السابق في مجلس الأمن القومي الأميركي في عهد ترمب.
وقال كيلوغ إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لا يريد تكرار ما حدث مع "اتفاقات مينسك". وأوضح في تصريحاته لقناة "فوكس بيزنس"، "لقد شهدنا عمليات سلام في الماضي مثل المحاولة الروسية-الأوكرانية في مفاوضات مينسك التي فشلت بصورة واضحة. الرئيس ترمب لا يريد ذلك". وأضاف "أنه يريد مفاوضات عادلة ومستدامة وآمنة، إدراكاً من جانبه لأهمية العلاقات التي تربطه بحلفائه، وكذلك مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين". وأعرب عن أمله في أن يتمكن الرئيس الأميركي المنتخب من التوصل إلى حل للصراع بأوكرانيا "خلال المستقبل القريب في أقل تقدير".
ويذكر المراقبون كثيراً من جوانب "الخدعة" التي اعترف الرئيس الروسي بوتين بوقوعه في شباكها على مدى ثمانية أعوام منذ توقيع ما سمي باتفاقات مينسك خلال عامي 2014 و2015، وهي التي جرى إعدادها وتوقيعها تحت رعاية منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، وفي حضوره وبمشاركة كل من أنغيلا ميركل المستشارة الألمانية السابقة، والرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند، ونظيره الأوكراني السابق بيتر بوروشينكو وممثلي "جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين" اللتين كانتا أعلنتا انفصالهما عن أوكرانيا من جانب واحد.
وكانت "اتفاقات مينسك" نتاج سلسلة طويلة من المشاورات والاجتماعات بين ما كان يسمى "رباعي نورماندى"، التي استهدفت إنهاء القتال في منطقة دونباس جنوب شرقي أوكرانيا، في أعقاب إعلان "مقاطعتي" دونيتسك ولوغانسك عن استقلالهما بعد إطاحة الرئيس الأوكراني يانوكوفيتش خلال فبراير (شباط) 2014. وكانت "مجموعة الاتصال الثلاثية" التي تألفت من أوكرانيا وروسيا ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، خلصت بمشاركة قادة "جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين" آنذاك إلى التوقيع على الاتفاق "الأولى" خلال الخامس من سبتمبر (أيلول) 2014. ونصت هذا الاتفاق الذي صيغ في 12 بنداً تحت اسم "بروتوكول مينسك" على ضمان وقف فوري لإطلاق النار، وضمان المراقبة والتحقق من وقف إطلاق النار من قبل منظمة الأمن والتعاون الأوروبي"، إلى جانب رفض مركزية السلطة واعتماد القانون الأوكراني "في شأن النظام الموقت للحكم الذاتي". وذلك فضلاً عن "مواصلة الحوار الوطني وسحب الجماعات المسلحة غير الشرعية والمعدات العسكرية، وكذلك المقاتلين والمرتزقة من أراضي أوكرانيا، وتوفير الأمن الشخصي للمشاركين في حوار مجموعة الاتصال".
وكانت "مجموعة نورماندي" ونتيجة لفشل الأطراف المعنية في التوصل إلى النتائج المرجوة وفي الصدارة منها وقف القتال بموجب "بروتوكول مينسك"، عادت لتصيغ "اتفاق مينسك 2" الذي حمل اسم "مجموعة الإجراءات الخاصة بتنفيذ اتفاقات مينسك"، في قمة عقدها في مينسك عاصمة بيلاروس خلال الـ11 والـ12 من فبراير 2015 زعماء "رباعي نورماندي" (روسيا وأوكرانيا وفرنسا وألمانيا)، بمشاركة "مجموعة الاتصال" الخاصة بتسوية النزاع في شرق أوكرانيا (وتضم ممثلين عن حكومة أوكرانيا وروسيا ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي وجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين المعلنتين ذاتياً في جنوب شرقي أوكرانيا).
اعتراف ميركل وهولاند بخداع بوتين
ولتأكيد مشروعية "اتفاقات مينسك"، حرصت موسكو على ضرورة تبني مجلس الأمن الدولي لهاتين الوثيقتين بقرار صادر من المجلس، وهو ما تقرر خلال الـ17 من فبراير 2015. غير أن الجانب الأوكراني وتحت رعاية كل من ألمانيا وفرنسا، لجأ إلى المماطلة في تنفيذ بنود الاتفاقين لأعوام طاولت لما يزيد على ثمانية أعوام، قال بوتين إنها كانت كافية لتأكيد نيات "رعاة" أوكرانيا، وهو ما كان المقدمة لما نشهده اليوم من أحداث وتطورات.
وكانت المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل اعترفت صراحة بعد رحيلها عن منصبها، بأن "الجميع وقعوا على هذه الاتفاقات من أجل منع أشياء أسوأ". ومضت لتقول ما يعد دليلاً على ما وصفه بوتين بـ"الخدعة" أو "التضليل"، "أعتقد أن اتفاقات مينسك أعطت أوكرانيا الوقت اللازم للتطور خلال الفترة الممتدة بين 2014 و2021"، مما يعني "توفير الوقت اللازم لإعداد وتسليح وتدريب القوات المسلحة الأوكرانية والحصول على الدعم المادي والعسكري اللازم". ونطق الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند باعتراف مماثل إذ أكد "أن المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل كانت على حق عندما قالت إن الاتفاقات أعطت كييف الوقت لتعزيز جيشها". وقال أيضاً "إن أوكرانيا عززت إمكاناتها العسكرية، وأصبح الجيش الأوكراني في الواقع مختلفاً تماماً عما كان عليه عام 2014. لقد صار أفضل تدريباً وإعداداً وتسليحاً".
وذلك ما أكده بوتين في أكثر من لقاء ومناسبة بقوله إن "كلمات ميركل كانت غير متوقعة ومخيبة للآمال". وأعرب الرئيس الروسي عن خيبة أمله بقوله إنه وبصراحة لم يكن يتوقع سماع هذا من المستشارة الألمانية. وأضاف "ثقة روسيا في الدول الغربية تكاد تكون معدومة. وبعد مثل هذه التصريحات تنشأ أسئلة حول الضمانات وكيف وما إذا كان من الممكن التفاوض مع شخص ما"، وتابع "لا يزال يتعين علينا التفاوض" في إشارة إلى ما يعرف عنه من استعداد للمفاوضات.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية