نستهل العام الجديد باليوم 452 من العدوان على غزة دون التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار، وقبل 20 يوماً من تولي دونالد ترمب فترة رئاسته الثانية. فإن كان ذلك وحده ليس سبباً للتشاؤم، فإليكم 3 أسباب اقتصادية أخرى.
1) عام العقوبات والحروب التجارية:
في 2019، كتب الباحثان المرموقان هنري فاريل وآبراهم نيومان ورقة مفصلية أثارت انتباه الأكاديميين وصناع السياسات لمصطلح استراتيجي مهم، وهو: "عسكرة الاعتماد المتبادل" Waponized Interdepdence.
معنى المصطلح هو أن العولمة الاقتصادية تعتمد في جوهرها على عدد قليل جداً من نقاط الاختناق، التي يسهل على الولايات المتحدة الأميركية استخدامها كأدوات إخضاع وتركيع ضد خصومها أو حتى حلفائها كيفما شاءت.
فصناعة أشباه الموصلات كلها ستنهار إن توقفت شركة "TSMC" التايوانية عن العمل. والنظام المالي العالمي كله لن يصمد دقائق دون نظام مقاصة المدفوعات بين البنوك في نيويورك. كما أن الغالبية العظمى من مواقع شبكة الإنترنت ستتوقف عن العمل إن خرجت القليل من مراكز بيانات المعلومات عن الخدمة أو الكابلات التي تصلها بنقاط الاتصال الرئيسية في فرجينيا.
وبعد عدة سنوات من نشر هذه الورقة اكتشفت الباحثان مفاجأة غير سارة؛ وهي أن ورقتهما كان لها شعبية كبيرة بين بعض أكبر صانعي القرار في إدارة ترمب، الذين لم يقرأوها كتحذير من تآكل الثقة في الهيمنة الأميركية، وإنما بوصفها كتالوج سياسات مفيدة، إذ كانت الورقة تُستخدم في النقاش حول كيفية الاستغلال الأمثل للتوسع في السيطرة الأميركية على البنية التحتية التكنولوجية والاقتصادية، وأمثلة الضغط على هذه النقاط.
اليوم، نرى المتنمر ترمب يستهل فترته الرئاسية الثانية، من قبل أن تبدأ رسمياً، باستهداف نقطة اختناق يرغب في توسيع الهيمنة الأميركية عليها، وهي قناة بنما ذات الأهمية الكبرى في التجارة الدولية.
تحدث ترمب بلهجة متعجرفة، تليق بملك من القرن التاسع عشر، يهدد بفرض سيطرته على أراضي دولة أخرى إن لم تذعن لشروطه. كما أطلق تهديدات ضد دول بريكس إن تجرأوا وفكروا في منافسة الدولار، رغم أن مشروع العملة الموحدة بين دول التحالف لم يكن سوى اقتراح عنتري للاستهلاك المحلي.
انتظروا سنة من العقوبات التجارية الخانقة على كل من تصنفهم الولايات المتحدة أعداء، وابتكارات جديدة في الهندسة المالية تزيد من اليد الممتدة للخزانة الأميركية بكل أنحاء النظام المالي العالمي، وعقوبات تهدد بشل سلاسل إنتاج التكنولوجيات المتقدمة، لضمان الحصار المستمر ضد الشركات الصينية الكبرى.
2- الذكاء الاصطناعي محبوس في عنق الزجاجة:
حذر جارون لانير في كتابه "فجر كل شيء جديد" من خطر سيطرة شركات قليلة جداً مثل "أمازون" و"جوجل" على سير المعلومات في أسس نظام السوق الرأسمالي. وكان لانير أول من مبتكر مصطلح "الواقع الافتراضي" Virtual Reality))، كما كان له السبق في ثمانينيات القرن الماضي بتأسيس أول شركة ناشئة في هذا المجال على الإطلاق، والتي كانت واحدة من أوائل شركات التقنية التي تأسست بتمويل رأس المال الجريء.
ذكر لانير في كتابه المنشور عام 2017، أن أساس نجاح التنافس الرأسمالي هو تباين حجم ونوعية المعلومات بين المشاركين في السوق، ولكن تركز كل المعلومات في يد قلة محدودة من كبار الشركات يهدد بانهيار المنافسة، ضارباً المثال بـ"أمازون" وسطوتها على صغار التجار، وقدرتها على استنساخ منتجاتهم ومنافستهم أو حتى طردهم كلية من منصاتها بشروط مجحفة.
وعام 2023، نشر يانيس فاروفاكيس، وزير مالية اليونان الأسبق، كتابه "الإقطاع التقني" الذي أعلن فيه أن السوق الرأسمالية انهارت بالفعل، شارحاً أن شركات معدودة على الأصابع، مثل "ميتا" و"ألفابت"، تحتكر البنية التحتية للتكنولوجيا، من مراكز البيانات الضرورية للحوسبة السحابية، وتأسرهم بلوغاريتمات تدفعهم للإدمان على مواقعها، فتستحوذ على اهتمام أغلب سكان كوكب الأرض المتصلين على الإنترنت، وبذلك تجبر الجميع بقوة الأمر الواقع على استئجار بنيتهم التحتية للبقاء والاستمرار، في علاقة أشبه بتلك التي تربط.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg