الاقتصاد الكلاسيكي وما تلاه من تطوير للنموذج الجديد، هو اقتصاد ديناميكي، اقتصاد الآلة، وهو يقوم أساسا على فرضيات نيوتن والفلسفة الغربية في القوة، فالقوة هي التي تحدد شكل واتجاه كل شيء، لذلك عندما تقرأ مقالا أو كتابا في الاقتصاد الكلاسيكي وما بعده تجده يتحدث عن القوى، قوة الطلب، وقوة العرض والصراع فيما بينهما، تجده يتحدث عن القوة الشرائية.
ليس هذا فحسب بل إنه يعتمد بشكل أساسي على الدراسات التجريبية (المنهج التجريبي) لذلك لا يجد نفسه إلا في عوامل ذات وجود حقيقي يمكن قياسه، فنجده يتحدث عن أثر العوامل الاقتصادية في بعضها (الأسعار، الأصول، الفائدة)، وحتي بعدما تم اكتشاف كل القوى المؤثرة في الحراك الاقتصادي فإنها لم تستطع تفسير إلا جزء بسيط من الظاهرة الاقتصادية، وتقلباتها، فالأثر الذي تتم دراسته دائما هو أثر القوة التي تمتلكها العوامل الاقتصادية في تغيير سلوكنا وبالتالي نتائجنا الاقتصادية.
الاقتصاد الإسلامي التجريبي مع الأسف وقع في فخ البحث عن القوة التي نبتت في الفلسفة الغربية، فأصبح البحث في مصادر الوعي الإسلامي عن تفسيرات للقوى الاقتصادية وعوامل الإنتاج والملكية والتملك وتأثيرها في العوامل الأخرى، وغالبا ما تم تفسير كل ذلك باسم التأصيل، وفي بعض التحرر الفكري تمت دراسة الزكاة مثلا، وتم دراسة قضايا مثل الملكية الجزئية، لكن ذلك لم يتطور نحو فلسفة متكاملة بعد، لذلك فالمشتغلون في الاقتصاد الإسلامي يعملون في اتجاهين رئيسيين هما الاقتصاد الإسلامي التجريبي، وفقه الاقتصاد.
فأحيانا تتم دراسة فقه الاقتصاد على أنه الاقتصاد نفسه، فمثلا عند قراءة كتاب في الاقتصاد الإسلامي نجده يتحدث عن الملكية في الإسلام، عن الزكاة والربا والفائدة لكنه يناقشها في ظل أحكام شرعية منصوص عليها في القرآن والسنة أو في تفسيرات لأقوال تراثية، وينغمس الاقتصاد الإسلامي في البحث عن التراثيات (كتب علماء سابقين) آملا في تقديم تفسير للظواهر الاقتصادية (كما فسرها الغرب).
تجريبيا يحاول الاقتصاد الإسلامي أن يجد العلاقة بين الزكاة ومثلا الاستثمار، وأثر الفائدة في تراجع النمو الاقتصادي آملا في إيجاد علاقة بين الأحكام الفقهية الإسلامية وبين التغيرات في الظاهرة الاقتصادية، وقد يحدث بعض النجاح لكن مرجعية هذا النجاح ليس في الاقتصاد الإسلامي نفسه بل في المنهج الغربي الذي من خلاله تمت.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاقتصادية