العراق أظهر تردداً في التواصل مع أحمد الشرع.. ومحللون: الكتلة الشيعية العراقية في موقف حرج

بعد نحو أسبوعين على سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، أرسلت الحكومة العراقية يوم الخميس الماضي، وفداً أمنياً برئاسة رئيس المخابرات العراقية حميد الشطري إلى دمشق، ليلتقي رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع.

وفي الخامس من ديسمبر، عندما سيطرت قوات المعارضة السورية على مدينة حلب شمالي البلاد، أرسل أحمد الشرع رسالة للحكومة العراقية طالبها بعدم التدخل في الشؤون السورية، والنأي بالنفس عما يجري في سوريا. ليرد مستشار رئيس الحكومة العراقية فادي الشمري: "نحن لا نرد على إرهابيين".

وللعراق تجربة مريرة مع الجماعات المتطرفة، فمنذ سقوط الرئيس العراقي السابق صدام حسين في العام 2003، تحوّل العراق إلى مسرح للعمليات الإرهابية التي تزعمها تنظيم القاعدة، وكان أحمد الشرع أو (الجولاني) سابقاً جزءاً من تاريخ أسود لا يحبه العراقيون.

ومع الأيام الأولى لغزو العراق من قبل الولايات المتحدة الأميركية في العام 2003، فتح النظام السوري السابق، الحدود أمام الشبان السوريين الراغبين بالقتال ضد أميركا في العراق، وكان الجولاني من ضمنهم.

وبرز اسم الجولاني في العراق في العام 2006، حيث أعلن انضمامه إلى مجموعة جهادية صغيرة في مدينة الموصل، وهي "سرايا المجاهدين"، التي بايعت أمير القاعدة في العراق "أبو مصعب الزرقاوي"، وفي العام ذاته اعتقلته القوات الأميركية، وسجنته على أنه عراقي متنكراً بأسماء مختلفة.

قضى الجولاني 5 سنوات في السجون العراقية، لكنه في الوقت ذاته أقام علاقات وطيدة مع عناصر وقيادات جهادية، ممن أصبحوا أبرز قادة "داعش" الأمر الذي ساعده لاحقاً على توسيع دائرة نفوذه مع إعلان انطلاق الثورة السورية في العام 2011.

تردد عراقي ونتيجة لما سبق، أظهرت القيادة العراقية تردداً بعض الشيء في التواصل مع أحمد الشرع، إلا أنّ مصادر سياسية مطلعة، أكدت أن دولاً غربية طالبت الحكومة العراقية بالتواصل مع الإدارة الجديدة في سوريا لتنظيم العلاقة بين البلدين الجارين اللذين تجمعهما حدود برية مشتركة.

وفي السياق ذاته، كشف مستشار رئيس الوزراء العراقي للعلاقات الخارجية فرهاد علاء الدين، أنّ الهدف من زيارة الوفد العراقي إلى دمشق هو الاطلاع على التطورات الأخيرة في سوريا، وكيفية تعامل الإدارة الجديدة مع القضايا التي تهم العراق.

وبعد يوم واحد على زيارة الوفد العراقي لدمشق، خرج رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني بتصريحات صحفية، توضح أسباب هذه الزيارة، وقال: "أبلغنا الإدارة في سوريا رؤيتنا بشأن الوضع الراهن، وأن أيّ خلل في سجون سوريا سيدفعنا لمواجهة الإرهاب" مشدداً على مسألة ضبط الحدود بين العراق وسوريا.

ويقول المختص في الشأن الأمني والباحث في شؤون الجماعات المسلحة، أحمد العلواني، لمنصة "المشهد" إنّ هناك تخبطًا واضحًا في مواقف السياسيين العراقيين من الحكومة الجديدة في سوريا، بعضهم أظهر رفضًا واضحًا لها، والبعض الآخر رأى أنه لابدّ من قبولها لحماية أمن العراق مستقبلاً.

ويؤكد العلواني، أنّ أحمد الشرع أو الجولاني سابقاً، كان فعلاً في العراق، وتورّط في عمليات إرهابية، كما اعتقلته القوات الأميركية، وتم الإفراج عنه في الوقت ذاته مع زعيم تنظيم "داعش" أبو بكر البغدادي، ومعاونه أبو محمد العدادني، وزعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، وزعيم "كتائب النجباء" أكرم الكعبي، لذلك الحكومة العراقية لا توجد لديها سجلات أو معلومات عن نشاطهم في تلك الفترة، لأنهم جميعاً كانوا معتقلين في أحد سجون البصرة، و بقيت ملفاتهم تحت سيطرة قوات التحالف الدولي في العراق.

وتابع العلواني: "يمكن القول إن صفحته بيضاء، لأنّ القضاء العراقي لا يملك ملف الجولاني وأعوانه، حيث تم اعتقالهم في العام 2006 شمال بغداد من قبل قوات المارينز الأميركية وليس من قبل القوات العراقية".

ويكمل العلواني: "عندما تم إطلاق سراحهم، احتفظت القوات الأميركية بملفاتهم، لذلك ليس لدى الجانب العراقي أيّ معلومات عن العمليات التي قام بها الجولاني أثناء فترة وجوده في العراق، كما أنّ الأجهزة الحكومية العراقية لم تحقق مع الجولاني أو البغدادي أبداً".

ويرى العلواني، أنه من الصعب أن نشهد زيارة السوداني إلى سوريا قريباً، وفي الوقت ذاته من الصعب حالياً أن يتقبل الشارع العراقي زيارة الجولاني إلى بغداد، شعبياً زيارته غير مقبولة، لكن من الممكن تبادل الوفود السورية والعراقية لبحث ملفات أمنية واقتصادية وفي مقدمتها ملف الحدود بين البلدين وملف "داعش".

مصالح العراق أم إيران؟ ووسط الفوضى التي تمرّ بها سوريا حالياً، وانتهاء الدور الإيراني في دمشق، يتساءل محللون، كيف ستتعامل الكتلة الشيعية في العراق مع التغييرات الجديدة في سوريا؟ وهل سينجح السوداني في تقديم مصالح العراق على المصالح الإيرانية في بلاده؟ وكيف سيكون الرد الإيراني على التقارب العراقي السوري الجديد؟.

ويقول الباحث في الشأن السياسيّ، عائد الهلالي لمنصة "المشهد" إنّ الكتل الشيعية قد تواجه موقفًا معقدًا، حيث إن الكتل الشيعية في العراق، التي تعتبر العلاقات مع دمشق جزءًا من محور إيران في المنطقة، قد تجد نفسها في موقف صعب بين دعم الحكومة الجديدة في سوريا أو الحفاظ على علاقاتها مع إيران.

ويرى الهلالي أن موقف الكتل الشيعية سيكون مرتبطاً بخطوات حكومة الشرع، إن أظهرت هذه الحكومة تحولًا كبيرًا عن النظام السوري السابق، وانفتاحاً على المحيط الاقليمي، قد تجد الكتل الشيعية نفسها مضطرة إلى إعادة تقييم علاقاتها مع دمشق، وذلك بناءً على الوضع الجديد في المنطقة.

وتابع: "قد تكون لدى السوادني رغبة في تحقيق توازن بين مصالح العراق ومصالح إيران، لكن في ظل الضغوط الإقليمية والدولية، قد يسعى السوداني إلى تقديم مصالح العراق أولًا، خصوصًا في سياق محاولة استعادة الاستقرار وتحقيق مصالح اقتصادية وسياسية، إلا أن النفوذ الإيراني في العراق ما زال قويًا في العديد من المجالات، بما في ذلك السياسة والأمن، ومن غير المتوقع أن ينتهي هذا النفوذ في وقت قريب".

مواضيع ذات صلة مصلحة العراق أولاً وفي المقابل، يرى المحلل السياسي والأمني وائل الحازم، أن العراق والكتل السنية والشيعية، وجميع الكتل السياسية العراقية ستتعامل مع الحكومة السورية الجديدة بكل سلاسة، لأن التقارب الجغرافي والاجتماعي بين البلدين يفرض هذه العلاقات، لذلك نرى أن العلاقات السورية العراقية جيّدة وفي تطور مستقبلاً.

ويؤكد الحازم أنه بعد مباركة بعض الدول العربية والأجنبية لحكومة أحمد الشرع، لن يخرج العراق عن هذه الدائرة أو هذه المعادلة، بل سيعمل على بناء علاقات دبلوماسية بين البلدين، واعتقد أنه يتم التحضير لزيارة مرتقبة لرئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إلى سوريا، ولقاء الحكومة السورية الجديدة، نرى أنه أمر واقع وعلينا التعامل معه.

ويضيف الحازم أن النفوذ الإيراني في العراق ليس كالسابق، خصوصًا بعد مقتل سليماني (قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني)، بالتالي محمد شياع السوداني والحكومة العراقية بشكل عام بالتأكيد ستفضّل مصلحة العراق على مصالح إيران في المنطقة، وهذا ما أكدته الحكومة العراقية تغليب المصلحة العامة ومصلحة العراق على المصالح السياسية الأخرى.

ويشير الحازم إلى أن زيارة الوفد العراقي إلى دمشق، كانت لأسباب متعددة، في مقدمتها مسألة ضبط الشريط الحدودي، أيضاً التخوّف العراقي من انتشار عناصر "داعش" في سوريا، وإمكانية عبورها بشكل غير رسمي عبر الحدود، بالتالي من مصلحة البلدين أن يكون هناك عمل مشترك لضمان الأمن القومي للطرفين.

(المشهد )


هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة المشهد

منذ 4 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 18 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 4 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 8 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 3 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 7 ساعات
قناة الغد منذ 8 ساعات
قناة الحدث منذ 8 ساعات