كشف الصحفي المصري الكبير عبده مباشر عن كواليس علاقاته برؤساء مصر الراحلين جمال عبد الناصر، أنور السادت وحسني مبارك، وباح بأسرار وقائع كبرى دونها التاريخ.
ويقول "عميد المحررين العسكريين" كما يلقبونه في الحلقة الثانية ضمن سلسلة "ذكريات شيوخ صاحبة الجلالة" والتي تنشرها صحيفة "المصري اليوم": "إن السادات خطط للوصول إلى منصب رئيس مصر بدهاء عبر إيهام عبد الناصر أنه زاهد في المناصب، بينما كان حسني مبارك يعلن أنه يحب وظيفة سفير تفاديا لصراعات السلطة".
وروى عبده مباشر كيف استطاع أن "يقلب دماغ" عايزر وايزمان القائد العسكري اليهودي المحنك بعشاء سمك وسهرة كباريه ويعرف ما يفكر فيه.
وذكر في تصريحاته أن السادات طلب منه سبر أغوار الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
وفي الحوار المطول مع "المصري اليوم"، صرح الصحفي المصري الكبير بأن أول لقاء له مع الرئيس الراحل عبد الناصر كان بعد أن أجرى حوارا مع العاهل السعودي آنذاك الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، حيث قال: "وقتها، عندما تواجدت في الرياض لتغطية أحداث ما بعد اتفاق جدة عام 1965 لإنهاء الحرب فى اليمن، جاءتني فكرة إجراء الحوار وتوجهت إلى مكتبه أكثر من مرة، وأخيرا التقيت الأمير عبد الله الفيصل نجل الملك.. وحينما علم أنني مصري بادرني قائلا: "سندفع كل ما لدينا حتى يركع عبد الناصر"، وأثنى على كلامه كمال أدهم رئيس المخابرات السعودية، الذي تواجد بجواره في تلك اللحظة.
ورددت عليهم: "لن يركع عبد الناصر أبدا لأنه رئيس مصر وبلدنا دائما شامخة". عندها، تحرك أحد السكرتارية ليخبر الملك بالأمر، وبعد دقائق طلب مني السير معه إلى مقر الملك حيث وجدته جالسا مشغولا بالحديث مع آخرين، فانتظرت لأكثر من ساعة بعدها نادى وقال: "الصحفى المصر" يقترب مني"، فتحركت ناحيته".
ويقول عبده مباشر إن الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود قال له بود شديد: "أهلا بك يا ولدي، ماذا ترغب؟"، فعاتبته على ما قاله ابنه وزوج ابنته، فأجابني بأنهم لا دخل لهم بالسياسة وأنه يقدر عبد الناصر ويعلم جيدا أن كل ما يصرح به الرئيس من سبيل الكلام الإعلامي للاستهلاك المحلي، مؤكدا تقديره واحترامه له".
ويتابع قائلا: "بعدها، سألني "ماذا ترغب تحديدًا؟"، فأخبرته بأنني جئت إليه من أجل إجراء حوار خاص، فوافق وطلب إخلاء المكان من أجلي وأجاب على كل أسئلتي".
ومضى قائلا: "قبل أن أنصرف قال لي استأذنك أن تأخذ الهدية الخاصة بضيوفنا، وهي عباءة وبعض إكسسوار الملابس، فرفضتها".
وذكر "عميد المحررين العسكريين" أنه سارع إلى الأستاذ مصطفى أمين بالصيد الثمين وأخبره بالحوار، فقال لي "لازم الرئيس يعرف"، وبعد أقل من ساعة وجدته يبلغنى بأن سيارة من الرئاسة تنتظرني أسفل الجريدة.
وقبل أن ألملم أوراقي وأشيائى الخاصة بالعمل وجدت شخصين يخبراني بأنهما جاءا لاصطحابه إلى مكتب الرئاسة بمنشية البكرى، وفور وصولنا استقبلني سكرتارية مكتب رئيس الجمهورية بالتوبيخ وقال لي أحدهم: "أنت خاين! إزاي تعمل حوارا مع فيصل؟".. ولم أنطق ببنت شفة، وفضلت الصمت بدلا من الدخول معهم في مناكفة" ليس لها فائدة.
ويردف الصحفي المصري الكبير بالقول: "قال لي اتفضل يا سيدي معايا، ودخلنا على الرئيس.. وبمجرد أن رآني، قال لي أهلا يا عبده وكان جالسا.. ثم نهض من على مقعده وجاء ناحيتي ووضع يده فوق كتفي وقال احكي لي بالتفصيل قصة الحوار مع الملك فيصل".
وسردت عليه الحكاية من أولها لآخرها وهو يسمعني في صمت، لم يقل سوى كلمة: "آه" التى كررها كثيرا، بعد أن انتهيت طلب مني إعادتها مرة ثانية، وفعلت ما أراد، وعندها سألني: "أين شريط التسجيل؟"، فقدمته له.. فنظر لي قائلا: "نسمعه سوا".. وعند جملة "عبد الناصر لن يركع أبدا" التي عاتبت بها الملك فيصل وجدت الرئيس يبتسم، وهو ما أثلج صدري وأزال بعض قلقي.
ويفيد الصحفي المصري بأنه شعر وقتها فقط بشيء من الاطمئنان حتى انتهى التسجيل، مضيفا: "عندها قال لي الرئيس أنت صحفى وطني ومخلص، وأنا عارف أن الحوار ده مهم بالنسبة لك، لكن أنا شايف عدم نشره من أجل المصلحة العامة"، وما كان مني إلا أن أجيبه: اللي تشوفه يا أفندم، ثم قال لي: "اتفضل يا عبده"، فتوترت وقلت له "على فين يا أفندم؟"، فضحك وقال لي: "اطمئن، أنت هتروح بيتك".
ويقول إن كلام عبد الناصر شجعه بأن أصارحه بما اتهمه به سكرتارية مكتبه بأنه صحفى خائن بسبب حواره مع الملك فيصل، فإذا به يخرج عليهم ويشبعهم توبيخا ويقول لهم: "يا ولاد.. يا ريت عندنا 10 مخلصين زى عبده مباشر.. وحضنني وودعني، وانصرفت من المكان.. وكان هذا أول لقاء يجمعنى بالرئيس عبد الناصر".
علاقته بالرئيس بعد الحوار مع الملك فيصل
في هذا السياق يقول عبده مباشر "لا أخفيك سرا أن الشك ساورني بضياع مستقبلي بعد أن وبخني سكرتارية عبد الناصر، لكن لم يتغير شيء، وسارت الأمور بشكل عادي جدا حتى سافرت إلى ألمانيا نهاية عام 1966 بهدف الدراسة، وما إن لبثت هناك حتى حدثت نكبة 1967.. وفي هذه الأوقات كنت في برلين الشرقية ووجدت اليهود هناك يجمعون أموالا تحت شعار: "ادفع مارك لنقتل عربي".
فاستشطت غيظا وقلت: "سأجمع تبرعات من أجل مصر والعرب.. وذهبت إلى أعضاء في السياسة الألمانية والحزب الشيوعي وأبلغتهم أنني أرغب في جمع تبرعات لبلدي وأحتاج مساعدتهم ورحبوا بالفكرة، وبدأت جمع التبرعات حتى وصلت إلى 2 مليون مارك.. وعندها، تناقشت مع الألمان في أفضل شيء يمكن أن نفعله بهذه المبالغ، فاقترحوا شراء معدات وأجهزة طبية بتلك التبرعات وإرسالها إلى مصر. وسارعت للاتصال بمكتب الرئيس وأبلغتهم بما فعلت فطلبوا مني الانتظار.. وبعد ساعات أخبروني بأن طائرة مصر للطيران ستنتظرنا في قبرص لنقل الأجهزة الطبية إلى القاهرة".
وفى اليوم التالي، وجدت الرئيس عبد الناصر يتصل بي هاتفيا ليشكرني، ويقول لي: "أنت ابن مصر البار، ربنا يحفظك يا ابني"، وشعرت أن العلاقة أخذت جانبا إنسانيا وتوطدت فيما بعد حيث كثيرا ما طلبني للسفر معه.
التطوع للأعمال الفدائية
وعندما كان يشاهدني، كان يناديني: "تعال يا عبده، انت عايز حاجة؟" حتى علم برغبتي في التطوع للأعمال الفدائية خلف خطوط العدو، وقال: "الولد ده راجل مصرى أصيل"، ووافق على طلبي المكتوب بالتطوع وأنهى الإجراءات الخاصة بهذا الأمر، وحقق حلما آخر من أحلامي وهو المشاركة فى الدفاع عن الوطن من أرض المعارك".
وأكد في تصريحاته أنه لم يهجر مهنة الصحافة بل كان يقوم بأعمال فدائية مع بعض الزملاء على فترات زمنية مختلفة، حيث يقومون في غضون يوم وليلة فقط بعملية فدائية، وبعدها يعود مرة أخرى لمنزلي وعملي ويمارس حياته العادية. واستمر هذا العمل 3 سنوات من أواخر 1967 إلى عام 1970.
وصرح بأنه شارك في أعمال فدائية ضد اليهود وشارك في أسر جنود وضرب كمائن ودبابات وتدمير قواعد عسكرية إسرائيلية ومهاجمة مطارات وغيرها من تلك الأعمال، وهي تدخل تحت نطاق عمليات الاستنزاف.
القرب من السادات
نشأت صداقة بيني وبين السادات حينما كان نائبا لرئيس الجمهورية وتوطدت هذه العلاقة كوني صحفيا متواجدا دائما في الأحداث، والتقيته كثيرا، ودارت بيننا نقاشات عديدة في أمور الصحافة والسياسة.. وبعد أن أصبحنا نتحدث كثيرا، واصطحبني معه إلى النادي الأهلي الذي اعتاد على الذهاب إليه يوميا تقريبا مع عدد من شلة دكتور رشاد رشدي وهو أستاذ أدب إنجليزي وزوج الدكتورة لطيفة الزيات.. حيث يقضون هناك أوقاتا.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من قناة روسيا اليوم