الحد الأدنى للأجور في مصر.. فجوة بين القرار والتطبيق

تعمل ليلى مدرسة لغة عربية في إحدى المدارس الخاصة بحي الهرم في محافظة الجيزة، مقابل راتب شهري يبلغ 1500 جنيه أي نحو 30 دولاراً. يتنافى ما تحصل عليه ليلى مع قرارات الدولة بالالتزام بحد أدنى للأجور قيمته 6000 جنيه (120 دولاراً أميركياً).

ويعود فرض الحد الأدنى للأجور إلى قانون صادر عام 2003، ولكنه لم يدخل حيز التنفيذ إلّا بعد اندلاع انتفاضة يناير 2011، الذي كان تطبيقه أحد مطالبها، وشهد الحد الأدنى للأجور في مصر زيادات عديدة.

تستعيض ليلى بالدروس الخصوصية لتعويض الفارق الذي يسمح لها بحياة كريمة، وأكدت في لقاء مع CNN الاقتصادية أنها تعمل يومياً «لمدة خمس ساعات بعد انتهاء الدوام في المدرسة، حيث إن الدوام في المدرسة أصبح وسيلة لإيجاد التلاميذ الذين سيتلقون الدروس الخصوصية، وهي الحُجة التي يدفع بها رب العمل كلما طلبنا منه زيادة في الأجور».

لم تستفد ليلى من الزيادة الأخيرة المقررة التي تعود إلى يونيو حزيران الماضي، كما لم تستفد بالزيادات السابقة التي يعلنها المجلس القومي للأجور وهو المعني بإدارة هذا الملف للقطاع الخاص فقط.

يستثني القرار بحسب بيان مجلس الوزراء المصري «المنشآت الاقتصادية متناهية الصغر التي يبلغ عدد العاملين بها أقل من عشرة أشخاص، كما يَحِق للمنشآت التي تتعرض لظروف اقتصادية يتعذر معها صرف الحد الأدنى للأجور التقدم بطلب استثناء من تطبيقه».

أحمد البرعي وزير القوى العاملة والهجرة السابق وأستاذ قانون العمل بجامعة القاهرة قال في اتصال مع CNN الاقتصادية، إن القرار الجمهوري الذي أمّن الحد الأدنى للأجر لموظفي الحكومة والقطاع العام كان يجب أن يشمل كذلك العاملين في القطاع الخاص، حيث إن الحد الأدنى هو بمثابة حد الكرامة الذي يجب أن يتساوى فيه الجميع.

محمود (اسم مستعار بناءً على رغبته) ضمن الذين يقعون دون حد الكرامة بحسب لفظ البرعي، فهو يعمل موظف أمن في شركة خدمات حراسة في القاهرة منذ عام 2000 ويحصل على 2600 جنيه كل شهر، ولكنه لا يملك المخرج الذي يُمكّن ليلى من رفع مستوى استهلاكها.

يعول أحمد أسرة من ثلاثة أطفال وأمهم في محافظة كفر الشيخ شمال مصر ويلجأ إلى ما أسماه باستحياء «رزقنا من عند الله» وهو يعني تلقي مساعدات مادية من قبل الأهل والأصدقاء لمساعداتهم على مجابهة تكاليف الحياة.

والحد الأدنى للأجر هو الحد الأدنى للاستهلاك وفقاً لسلة المستهلك، وهو معيار محدد من قِبل منظمة العمل الدولية، وفقاً للبرعي الذي ينصح «جميع العاملين رفض العمل دون الحصول على الحد الأدنى للأجور».

لا يغفل البرعي المصاعب التي تواجهها الشركات منذ نحو عامين بسبب ارتفاع التضخم وصعوبة الحصول على الدولار الأميركي لاستيراد المواد الخام اللازمة للإنتاج، ولكنه يوصي بإطلاق حوار مجتمعي بين أرباب العمل والعاملين للوصول إلى حل في ظل غياب قرار سيادي من الدولة بخصوص الحد الأدنى للأجور.

وصعد الحد الأدنى للأجور في مصر أكثر من مرة في الأعوام الماضية؛ فشهد في يناير كانون الثاني 2022 زيادة الحد الأدنى إلى 2400 جنيه تلته زيادة جديدة بعد عام إلى 2700 جنيه في يناير كانون الثاني 2023 ثم تم رفعه مجدداً إلى 3000 جنيه في منتصف العام، وشهدت بداية العام الحالي ارتفاعاً جديداً ليصل إلى 3500 جنيه ثم قفز مجدداً إلى 6000 جنيه في أبريل نيسان وذلك بعد التعويم الأخير للجنيه المصري في مارس آذار الماضي.

ربما يشهد العام الجديد المزيد من رفع الحد الأدنى للأجور، ولكن في ظل التوازنات الحالية التي يثقلها الصمت مقابل الأمان الوظيفي لن يحصل الكثير من عاملي القطاع الخاص في مصر على الحد الأدنى إلّا بعد حوار جاد مع أصحاب العمل أو تدخل صارم من الدولة لحماية هذه الفئة من العاملين.


هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من منصة CNN الاقتصادية

منذ 30 دقيقة
منذ ساعتين
منذ ساعة
منذ 4 ساعات
منذ ساعتين
منذ ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ ساعتين
قناة CNBC عربية منذ 3 ساعات
إرم بزنس منذ 35 دقيقة
صحيفة الاقتصادية منذ 6 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 59 دقيقة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 9 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 21 ساعة
موقع نمـازون الإقتصادي منذ 4 ساعات