من بين إنجازات 2024 العلمية، شهد الذكاء الاصطناعي طفرة استثنائية، حيث حظي بتقدير عالمي غير مسبوق، تجسد في فوز تطبيقات الذكاء الاصطناعي بجائزتي نوبل في الفيزياء والكيمياء لعام 2024، لأول مرة في تاريخ الجائزة التي لطالما احتفلت بالإنجازات الأساسية في العلوم.
وذهبت جائزة الكيمياء مناصفة بين الأمريكي ديفيد بيكر، تقديراً لدوره في تصميم البروتينات باستخدام التقنيات الحاسوبية، والبريطاني ديميس هاسابيس والأميركي جون إم. جامبر، من مختبر «غوغل ديب مايند»، لاكتشافهما الطريقة المبتكرة لفك شفرة البنى المذهلة للبروتينات باستخدام الذكاء الاصطناعي. أما جائزة الفيزياء فكانت من نصيب الأميركي جون هوبفيلد والبريطاني الكندي جيفري هينتون تقديراً لاكتشافاتهما التي أسهمت في تطور تقنيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي العصبي.
وتُعد هذه الجوائز تتويجاً لحقبة من التحولات الكبيرة التي شهدتها مجالات البحث العلمي والتكنولوجيا في ظل انتشار الذكاء الاصطناعي، الذي أصبح عنصراً أساسياً في تطوير العديد من المجالات العلمية. ومن الكيمياء إلى الطب، أثبت الذكاء الاصطناعي قدرته على تحسين الكفاءة، تسريع الابتكارات، وتوفير حلول مبتكرة للمشاكل المعقدة، ما جعل منه أداة رئيسية في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه البشرية.
وفيما يلي أبرز الإنجازات والاكتشافات العلمية والطبية التي لاقت اهتماماً واسعاً في 2024، والتي تفتح آفاقاً جديدة لفهم الكون، وتحسين صحة الإنسان ورفاهيته، إلى جانب تطوير تقنيات تساهم في معالجة التحديات التي تواجه العالم.
قفزات الذكاء الاصطناعي شهدت مختبرات العلوم في 2024 تحولاً كبيراً بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، ما أدى إلى أتمتة المزيد من المهام وزيادة الكفاءة. وفي جامعة نورث كارولينا، ساهمت الأتمتة في تسريع الاكتشافات في الطب والطاقة، بينما رفعت مؤسسة "مايو كلينيك" إنتاجية المختبرات 10 أضعاف. وطور باحثو جامعة ليفربول روبوتات مدعومة بالذكاء الاصطناعي قادرة على إجراء التفاعلات الكيميائية وتحليل النتائج بدقة وسرعة، ما يسرّع اكتشاف الأدوية وتحليل البيانات.
وطور باحثون من الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا "أنفاً اصطناعياً" يكتشف الفواكه التالفة واللحوم الفاسدة بدقة 96.7 في المائة باستخدام تقنية الهوائيات لتحليل الغازات والمركبات العضوية المتطايرة.
وتوصل باحثون بجامعة درهام البريطانية لنظام يستخدم روبوتات مستقلة والذكاء الاصطناعي لمراقبة سلوك نحل العسل بدقة. ويعتمد النظام على كاميرتين لتحليل أكثر من 100 مليون صورة، ما يتيح دراسة حركة الملكة، وضع البيض، وتعداد النحل.
كما ابتكر فريق بحثي من معهد كوريا للعلوم والتكنولوجيا تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمراقبة جودة مياه الشرب، باستخدام التعلم الآلي للتنبؤ بتركيزات أيونات العناصر الثقيلة مثل الصوديوم والبوتاسيوم في المياه.
وتساهم هذه التكنولوجيا في تحسين كفاءة المعالجة الكهروكيميائية وتحقيق مراقبة دقيقة لجودة المياه؛ ما يتيح استجابة أسرع لتغيّرات نوعية المياه.
وباتت تقنيات الذكاء الاصطناعي تسهم كذلك في تحسين صناعة السيارات ذاتية القيادة، بما في ذلك استخدام روبوتات الدردشة مثل "تشات جي بي تي" لتحسين استجابة السيارة للأوامر الصوتية. وفي تجربة عملية أجرتها جامعة بوردو الفرنسية، تمكنت السيارات من تنفيذ أوامر بشرية مثل "أنا في عجلة من أمري" بفضل نماذج لغوية كبيرة.
وطور باحثون من جامعة جنوب فلوريدا، مصائد ذكية لمراقبة بعوض "الأنوفيلة ستيفنسي" الناقل للملاريا باستخدام الذكاء الاصطناعي. وتعتمد التقنية على خوارزميات لتحليل مكونات البعوض التشريحية مثل الأجنحة والرأس عبر صور يحمّلها المستخدمون. وتم اختبار المصائد في إثيوبيا ومدغشقر، ويجري تحسينها لتشمل أنواعاً أخرى من البعوض الناقل للمرض، بهدف توفيرها بأسعار معقولة لدعم جهود مكافحة الملاريا.
وتوصل باحثون من معهد لوكسمبورغ للصحة إلى أن تحليل الصوت باستخدام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في اكتشاف مرض السكري من النوع الثاني بدقة. واعتمد النموذج على بيانات صوتية مدتها 25 ثانية مع معلومات صحية مثل العمر والجنس، وحقق دقة تطابق مع أداة فحص السكري الأميركية بنسبة 93 في المائة.
وابتكر باحثو جامعة ولاية أريزونا الأميركية، خوارزميات ذكاء اصطناعي لتحسين تشخيص الاعتلال البقعي المرتبط بقصر النظر. استخدموا خوارزمية تسمى (NN-MobileNet) لتحليل صور الشبكية وتصنيف المرض بدقة عالية، كما استفادوا من الشبكات العصبية العميقة لتحسين التقديرات الخاصة بانكسار العين. وتسهم هذه التطورات في التشخيص المبكر وتحسين نتائج العلاج، ما يحد من فقدان البصر، خاصة بين الأطفال.
وابتكر باحثون في جامعة طوكيو اليابانية أداة تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتقنية تصوير الفيديو عالي السرعة لفحص ضغط الدم ومرض السكري بشكل غير تلامسي ودقيق. يستخدم النظام خوارزمية لتحليل تغيرات تدفق الدم في الوجه واليدين، وأظهرت النتائج دقة 94% في اكتشاف ارتفاع ضغط الدم و75% بتشخيص مرض السكري. وتُعد هذه التقنية خطوة نحو فحص صحي سريع وغير تلامسي وبتكلفة منخفضة.
تقنيات في خدمة الصحة حقق باحثون بالمركز الألماني لأبحاث السرطان إنجازاً في الجراحة بالمنظار بتطوير روبوتات مصغرة بحجم المليمتر، تعرف باسم (TrainBot)، تتحرك بواسطة حقل مغناطيسي دوار. تم استخدامها لأول مرة في جراحة كهربائية لعلاج انسداد القنوات الصفراوية، حيث نجحت في إزالة الأنسجة المسدودة. وتشير التجارب إلى إمكانية استخدامها في جراحات أخرى مثل إدخال القسطرة وتوصيل الأدوية.
وطور فريق من جامعة نورث وسترن الأميركية جهازاً قابلاً للارتداء يساعد الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية ومستخدمي الأطراف الاصطناعية على استعادة حاسة اللمس. يعتمد الجهاز على محركات اهتزازية صغيرة لنقل الإحساس باللمس عبر إشارات حسية مرتبطة بالبيئة المحيطة، ويعمل بتقنية البلوتوث عبر الهاتف الذكي.
وأظهرت التجارب فعاليته في مساعدة المكفوفين على تجنب العقبات وتحسين التوازن، كما يسهم في تحسين التحكم بحركات الأطراف الاصطناعية.
وابتكر باحثون بجامعة نانيانغ التكنولوجية بسنغافورة جهازاً لقياس المؤشرات الحيوية في الجسم من خلال العرق باستخدام لاصقة ذكية على الجلد. وتقيس اللاصقة مستويات السكر في الدم، واللاكتات، واليوريا في العرق باستخدام حساسات ليزر ميكروي، وتتميز بدقة تجعلها أكثر حساسية بـ100 مرة من التقنيات الحالية. الجهاز يساعد في مراقبة صحة المرضى، خصوصاً مرضى السكري، ويُخطط لتوسيع قدراته لاكتشاف مواد أخرى مثل الأدوية والمواد الكيميائية في العرق.
وتوصل باحثون من جامعات روتجرز نيو برونزويك وشيكاغو وكولومبيا لجهاز صغير لعلاج مرض الصدفية. ويتكون الجهاز من شريحة إلكترونية تحتوي على خلايا بكتيرية وهلام مائي، تُلصق على الجلد لتقليل الالتهابات وتحسين الأعراض. وتفرز البكتيريا مركبات تقلل الالتهاب، بينما تراقب أجهزة الاستشعار درجة حرارة الجلد والرطوبة وترسل البيانات لجهاز كومبيوتر أو هاتف ذكي. وأظهرت التجارب فعالية الجهاز في تحسين الأعراض دون تهيج الجلد.
البيئة والمناخ طور باحثون في جامعة أوساكا اليابانية، بوليمرات قوية قابلة لإعادة التدوير كيميائياً دون التضحية بمقاومتها للحرارة والمواد الكيميائية. وتعتمد التقنية على محفز معدني مثل النيكل لتفكيك البوليمرات وإعادة تجميعها بجودة عالية، ما يسهم في تقليل التلوث البلاستيكي.
وابتكر باحثون بجامعة «بينغهامبتون» الأميركية نباتات اصطناعية تمتص ثاني أكسيد الكربون وتطلق الأكسجين، مع توليد طاقة محدودة عبر بطاريات حيوية من البكتيريا. تسعى الأبحاث لتحسين التكنولوجيا وزيادة الطاقة المتولدة لتصبح هذه النباتات جزءا من المنازل المستقبلية لتحسين جودة الهواء.
وكشف باحثون بجامعة «بيرمنغهام» البريطانية أن إضافة النتروجين للخرسانة يمكن أن تقلل انبعاثات أكاسيد النتروجين بمقدار 3.4-6.9 ميغا طن، ما يمثل 6-13 في المائة من انبعاثات الصناعة في 2021، مع إمكانية خفضها بمقدار 131-384 ميغا طن بحلول 2050، مما يساهم في تقليل التلوث البيئي وتحقيق فوائد اقتصادية.
كما طور باحثون بمعهد كارلسروه للتكنولوجيا بألمانيا بوليمر مبتكر يعزز كفاءة المباني الشفافة. وتقلل المادة الوهج، وتعزز الخصوصية، وتخفض الحرارة بمقدار 6 درجات مئوية مقارنة بالحرارة المحيطة، مع شفافية 95 في المائة مقارنة بـ91 في المائة للزجاج التقليدي. وتوزع المادة 73 في المائة من ضوء الشمس، وتتميز بمقاومتها للماء وقدرتها على التنظيف الذاتي، ما يجعلها خياراً واعداً للهندسة المعمارية المستدامة.
وابتكر باحثو جامعة ستانفورد الأميركية "جل" مائي يحمي المباني من حرائق الغابات. ويحتوي الجل على بوليمرات تمتص الماء وتشكل درعاً رطباً يتحول.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الشرق الأوسط