يصاحب عملية استبدال السلطات السودانية لعملتها المحلية من فئتي الـ1000 أو الـ500 جنيه سوداني التي بدأت في الـ10 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، وتنتهي بنهاية هذا الشهر، بعض الظواهر السالبة من أبرزها وجود سعرين للعملة عند شراء المواطن لأي سلعة من الأسواق المختلفة، ففي حال الدفع عبر التطبيقات البنكية يكون السعر أقل من النقد، لتصبح هذه العملية (الاستبدال) سلعة رائجة يمارسها التجار على نطاق واسع في ولايات البلاد المختلفة.
ويأتي تفشي هذه الظاهرة بسبب عدم انسياب عملية الاستبدال بالشكل المطلوب، مما أحدث ازدحاماً غير مسبوق في البنوك من قبل المواطنين الذين يرغبون في إيداع أموالهم من الفئات القديمة، في وقت أحجم فيه معظم التجار عن التعامل بتلك العملات القديمة، مما أصاب الأسواق بحالة شلل تام في ظل عدم وجود رقابة صارمة من السلطات المختصة. فكيف ينظر المصرفيون والاقتصاديون لهذه الظاهرة وأثرها في الاقتصاد وفي المواطن الذي يمر بظروف قاسية جراء الحرب المندلعة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023؟ وما المطلوب من الدولة للقيام به للقضاء على تلك الظاهرة؟
سلعة مربحة
قال المتخصص في المجال المصرفي إبراهيم أحمد جبريل، "في تقديري إن تغيير العملة جاء في ظروف صعبة ومعقدة من جميع النواحي الأمنية والتقنية والجغرافية التي تصعب فيها انسيابية العملية وإنجاز أهدافها في أمد زمني محدد".
وأضاف جبريل، "كما توقعنا وتوقع غيرنا مسبقاً أن تتحول العملة إلى سلعة مربحة، فضلاً عن خلق سوق جانبية مربحة لأصحاب النفوس الدنيئة، وإحداث ارتباك اقتصادي وفروق في الأسعار يلامس السلع الضرورية للحياة، مما يؤدي إلى إيجاد سعرين مختلفين حسب طبيعة الدفع، ففي حال التحويل البنكي يكون السعر أقل من الدفع النقدي بالعملة القديمة وبفارق شاسع".
ويرى جبريل أن التاجر في مختلف أسواق البلاد يخاطر بالمجهول ويجتهد ويقطع المسافات لاستبدال ما بحوزته من عملة قديمة في المصارف أو شراء عملة جديدة من سوق العملة الجديدة (الموازية)، بالتالي نجد أن هذا الارتباك لامس المسائل الحياتية وزاد حجم المعاناة وخفض القوة الشرائية للعملة وأدى إلى زيادة سعر العملات الأجنبية والذهب حتى أسعار الأصول الثابتة والمتحركة، حسب قوله.
ولفت المتخصص في المجال المصرفي إلى أن الحل الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى الخروج من هذا الارتباك يتمثل في التمديد المفتوح لفترة التغيير وأن تظل العملة القديمة مُبرِّئة للذمة بالقوة الشرائية نفسها، وتدريجاً يتم استبدال مودعات المصارف وإعدام القديم والتعامل مع الصرف بالعملة الجديدة، بالتالي يكون هناك وقت متسع للمصارف والعمل بإتقان في ضبط العملات المزورة أو المنهوبة، واستمرار تطوير التقنية مع الأمنيات باتساع الرقعات الآمنة حتى تستأنف المصارف عملها وتخفف العبء عن المواطن وإدخال الطمأنينة في نفوسهم وخلق شيء من الاستقرار.
وقف التدهور
من جانبه قال الباحث الاقتصادي محمد الناير، "فعلاً هناك ظواهر سالبة صاحبت عملية الاستبدال ناتجة من قبل أصحاب النفوس الضعيفة وليس من السياسات المتبعة من الدولة، وذلك باستغلالهم لهذا الظرف لكي يحصلوا على أرباح طائلة من دون وجه حق أو مسوغ قانوني أو أخلاقي". وتابع، "كان من المفترض أن تتابع اللجنة المتخصصة بسير أعمال هذه العملية ما يحدث من ظواهر ضارة باقتصاد البلاد وتعمل على معالجتها والقضاء عليها بصورة كبيرة، وأن تيسر كل الأمور الخاصة بعملية الاستبدال من خلال تسهيل عملية انسيابها للبنوك وتيسير فتح الحسابات للمواطنين إلكترونياً".
وأوضح الباحث الاقتصادي، "هذه الخطوة كانت مهمة ونصحنا بها من وقت مبكر، فإذا كانت تمت قبل عام ونصف العام من الآن لكان أثرها في تحسن مؤشرات الاقتصاد كبيراً جداً، وكان من الممكن أن توقف تدهور الجنيه السوداني الذي كان سعر صرفه مع بداية الحرب 500 جنيه مقابل الدولار الواحد ليصل حالياً 2500 جنيه حالياً".
وأضاف الناير، "في اعتقادي أن الأثر الإيجابي لا يزال موجوداً وإن كان بنسبة بسيطة، وأتوقع أن تأتي مرحلة قادمة بعد الحرب باستبدال كامل للعملة وإعادة النظر في التركيبة الفئوية". واستطرد، "يبقى الآن فقط الظواهر السالبة التي برزت خلال فترة الاستبدال مما يستوجب على اللجنة المعنية أن تعمل بكل جد واجتهاد على تفاديها حتى لا يتأثر الاقتصاد السوداني، فضلاً عن عدم تعرض المواطن لمزيد من الضغوط، وأيضاً لا بد من تحسين شبكات الاتصالات بصورة آمنة ومستقرة، وتسريع عملية التحويلات بين البنوك المختلفة، وكذلك تفعيل التطبيقات المصرفية لجميع البنوك التي لم تعد للعمل، فكل هذه الأمور تساعد.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية