من غير الممكن طي صفحة العام بما شهده من مآلات وارتدادات وتصدعات سياسية، دون التوقف مليا لاستخلاص الدروس والعبر. فهو عام التحولات الجذرية والزلازل الجيوسياسية التي أعادت صياغة حدود الممكن والمستحيل في عالم السياسة.
أول هذه الدروس مفادها أن القوى الكبرى، إن أرادت، فعلت، وأنها قادرة على تحويل الخيال إلى واقع؛ بدليل القبول بجماعة خارجة من رحم السلفية الجهادية، مصنفة على القوائم السوداء للجماعات الإرهابية، وإيصالها إلى سُدّة الحكم في «قصر الشعب» بدمشق في غضون أسابيع!
كما أن الجماعات والتنظيمات -إذا ما أرادت- تستطيع تطويع أهدافها وخطابها بعيدًا عن التطرّف والوصول إلى تفاهمات من خلال إيجاد «المشترك» مع العالم وعدم إنكاره. فها هو الجولاني يخرج علينا من خلال شاشات القنوات الغربية في تحول مذهل لخطابه السياسي، يحاكي فيه مدنية الدولة وحماية أقلياتها، ويوحي باتخاذ الجماعة مسارا مدنيا جديدا لحكم الدولة، وتخليها عن الأدبيات التقليدية، واعتمادها خطابا وطنيا محليا مستلهما من ارتدادات «السابع من أكتوبر».
بالطبع، لم يكن هذا التحوّل وليد اللحظة أو نتيجة لأحداث الثامن من ديسمبر، بل هو نتيجة عملية إعادة تأهيل معقدة وطويلة تحت إشراف قوى إقليمية ودولية، تم تنفيذها بأعلى درجات الاحترافية لتخرج هذا المشهد السوريالي، الذي لو كُتب للسينما لاتهمنا صانعيه بالمبالغة.
كما أن هذا التحوّل مرتبط بمسألة أخرى غاية في الدقة، وهي عدم السماح بوجود السلاح خارج إطار الدولة في المنطقة. ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال تكثيف تداول مفهوم «احتكار الدولة للعنف» مؤخرا في مختلف المنابر الإعلامية والسياسية. هذه رسائل القوى العظمى للمنطقة، وهي مرتبطة حتما بسلاح حزب الله وإيران، وستتوالى في الفترة المقبلة إعادة ترتيب الأوراق والمشاهد لنلاحظ اختفاء تاما لمصطلح «السلاح المنفلت» أو «الجماعات.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الغد الأردنية