المراهقة بين الأمس واليوم... متطلبات جديدة وانفتاح مفرط أحيانا #نكمن_في_التفاصيل

يبدو واضحاً للجميع أن مراهقي اليوم يختلفون تماماً عن المراهقين قبل عقود مضت، وذلك من نواحٍ عديدة. ومما لا شك فيه أن ظهور وسائل التواصل الاجتماعي بصورة خاصة، والعولمة بتداعياتها كافة، من العوامل التي لعبت دوراً بارزاً في تعميق الهوة بين الأجيال من جهة، وإحداث تحولات كبرى في حياة المراهقين من جهة أخرى. فإذا بنمط حياتهم يختلف واهتماماتهم ومتطلباتهم أيضاً. وانعكس التغيير الجذري الحاصل على المستوى الثقافي على سلوكيات المراهقين، خصوصاً أن المراهق يعتبر الأكثر ميلاً إلى التأثر بالعوامل المحيطة. إلا أن هذا التغيير ليس بظاهرة مستجدة ولم يحصل بصورة مفاجئة، بل بصورة تدريجية، إنما متسارع، في السنوات الأخيرة، مع زيادة أثر وسائل التواصل الاجتماعي على المراهقين ودورها الأكبر الذي تلعبه اليوم في حياتهم. وفي مواكبة هذه التحولات حكماً، تغيير في طرق التعاطي معهم وفي تلبية متطلباتهم.

اختلفت التربية الحديثة وباتت تنمي شخصية المراهق وحرية التعبير لديه (غيتي)

دور بارز لوسائل التواصل الاجتماعي

في العقود الأخيرة تسارعت وتيرة التغيير في حياة المراهقين، بالفعل، بوجود وسائل التواصل الاجتماعي التي سيطرت أكثر فأكثر على حياتهم، وباتت ترافقهم في كل لحظة منها. وفي هذه المرحلة العمرية، يمر المراهق بفترة صعبة تزيد فيها التحديات بسبب الإرباك الذي يشعر به حول هويته وحاجاته ورغباته، وقد يكون ذلك ما يجعله أكثر ميلاً للتأثر بالعوامل المحيطة به بمعدلات عالية. فيبدو وكأن المراهق قابل للتغير بحسب ما يختبره، ويصادفه في حياته، وما يحصل من حوله. ويعيد الخبراء ما حصل من تغيير في متطلبات المراهقين، ونمط حياتهم، وسلوكياتهم، في السنوات الأخيرة بصورة أساسية، إلى وجود وسائل التواصل الاجتماعي على أنواعها في حياتهم. فهي ترافقهم لحظة بلحظة، ومن الطبيعي أن ينعكس وجودها عليهم بصور عدة. وقد يكون هذا السبب الرئيس الذي أسهم في التحول الذي نشهده بين مراهقي اليوم بالمقارنة مع ما كان عليه المراهق قبل عقود مضت، حتى إن الأمور لم تعد اليوم بالنسبة إلى المراهق بالبساطة التي كانت عليها في السابق. ونراه حالياً أكثر نضجاً وكأنه أكبر سناً، إذا ما قارناه مع المراهق في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.

بحسب الاختصاصية في المعالجة النفسية ريما بجاني، "هناك تطور ملحوظ على الصعيد الفكري والثقافي والسلوكي، وحتى على صعيد حاجات مراهقي اليوم بالمقارنة مع المراهقين قبل عقود مضت. أما أول الاختلافات التي لا بد من تسليط الضوء عليها، فترتبط بطريقة التربية. نشهد اليوم اختلافاً في طريقة التربية بالمقارنة مع أجيال سابقة، إذ كانت طريقة التربية صارمة، وتميل إلى حرمان المراهق أو الطفل من فرصة التعبير بحرية عن رأيه، وكانت مساحة الحرية التي تعطى له محدودة. وكانت سلطة الأهل تفرض قواعد صارمة لترسيخ مبدأ الطاعة والخضوع".

وإذ تتحفظ بجاني عن مدح النظام التربوي الذي يعطي الحرية الكاملة للطفل لاعتباره غير صحي، لا تنكر أن التربية الحديثة أسهمت في تنمية شخصية الطفل والمراهق، وأيضاً طريقة التفكير التي من الممكن تحفيز الطفل لتنميتها لديه، وكانت التربية التقليدية بعيدة كل البعد من هذا الإطار، وتعتمد على التوجيه المستمر للطفل وعلى حرمانه من أي مجال يضمن لاستقلالية، "تعتمد الطريقة الحديثة في التربية، بمنحاها الإيجابي، على التركيز على التفكير النقدي وعلى تنمية طريقة التفكير الخاصة، وتسليط الضوء على نقاط القوة لديه، ومساعدته على تصحيح نقاط الضعف. هذا ما أسهم في نمو الأطفال بسرعة كبرى، فاكتسبوا نمط تفكير أكثر نضجاً وباتوا أكثر وعياً. وأسهم، أيضاً، في حصول تحولات كبرى في شخصيته ومتطلباته. إلا أن التغيير والتحول لم يحصل بصورة مفاجئة، بل تدريجاً حتى بات يلاحظ بصورة أوضح من جيل إلى آخر".

اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحول في جميع المجتمعات

وينطبق التحول الحاصل على المجتمعات كافة، وحتى على الولايات المتحدة الأميركية، إذ قد يزيد الانفتاح، فقد أسهم التعرض الزائد لوسائل التواصل الاجتماعي والانفتاح في إحداث تغييرات في نمط التفكير وفي السلوكيات، حتى في مجتمعات كانت أصلاً أكثر انفتاحاً. إذ يختلط الطفل هنا، ولو افتراضياً، مع أنماط تفكير مختلفة وسلوكيات قد لا تشبهه، ما يجعله أكثر ميلاً للتأثر والتحول من النواحي كافة.

وهذا التأثر بوسائل التواصل الاجتماعي لم يكن كله إيجابيات، إذ أسهم بنمو الطفل والمراهق بصورة تسبق سنه، ووعيه، ومستوى نضجه، وقد لا يكون أحياناً جاهزاً لهذا التغيير. وحتى إذا كان الانفتاح قد أسهم في زيادة مستويات الوعي لدى المراهق، إلا أنه يبقى مراهقاً بحسب بجاني، "وله انفعالات وردود فعل، وسلوكيات طبيعية في هذه المرحلة العمرية. في الوقت نفسه أصبح المراهق أكثر نضجاً، مثال على ذلك ثقافته في الحياة الجنسية التي كانت محدودة للغاية سابقاً، وكانت من المسائل التي يحيط بها الغموض باختيار من الأهل. فكانوا يفضلون أن يكتشف المراهق وحده الأمور بدلاً من اطلاعه على تفاصيلها. ولأن الوعي كان ينقصه في هذه المسألة، كان يكتشفها أحياناً بطريقة خاطئة. تبدلت الأمور اليوم، وأصبحت هذه المسائل تتوضح للمراهق بطريقة علمية ما زادة نضجاً ووعياً. ساعدت طريقة التعاطي معه والتربية الحديثة على تنمية شخصيته". وتشدد بجاني على أهمية ألا يكبر قبل سنه، وألا تزيد الضغوط عليه، وألا يتم التعامل معه كما لو كان راشداً.

انطلاقاً من هذا التغيير الحاصل في تربية المراهق، لم تعد مرحلة المراهقة تبدأ في عمر 13 سنة، بل من عمر تسع أو 10 سنوات، وذلك بفضل الوعي والانفتاح وطريقة التعامل مع الأطفال. فباتوا يتحلون بمستوى نضج وثقافي أعلى لأن الحقائق لا تخفى عليهم، كما كان يحصل في السابق. ويعد هذا الجانب إيجاباً شرط أن يعيش المراهق هذه المرحلة العمرية، ولا يتخطاها. وتحذر بجاني من الآثار السلبية والأضرار التي يتعرض لها المراهق الذي يعيش بصورة يتخطى فيها عمره، "فإذا عرف بوجود صعوبات، يمكن تعليمه كيفية تخطيها من دون زيادة الضغوط النفسية عليه، ومن المهم أن يحسن التعامل مع التحديات بصورة تنمي شخصيته، بحسب سنه، أحياناً قد يشعر بضغوط عندما تتخطى الأمور قدرته على التحمل أو المواجهة أو عندما يتحمل مسؤوليات لا تلائم سنه، فهو لا يزال مراهقاً ولم يصبح راشداً بعد، وإن تحلى بالوعي. هذا ما يحصل في حال تعاطيه مع أشخاص أكبر منه سناً، يتعرض عندها إلى أمور لا تناسب سنه، سواء في الحياة الجنسية، أو في السلوكيات، أو غيرها. لذلك، يجب التمييز بين النضج.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 11 ساعة
منذ 8 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ ساعة
منذ 5 ساعات
منذ ساعة
قناة DW العربية منذ 16 ساعة
بي بي سي عربي منذ 16 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 4 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 9 ساعات
قناة العربية منذ 6 ساعات
قناة العربية منذ ساعتين
قناة روسيا اليوم منذ 5 ساعات
قناة العربية منذ 10 ساعات