"دير الزور"... مدينة عريقة أهملها الأسد وأنصفها التاريخ

على ضفتي الفرات، ثاني أكبر أنهار الوطن العربي، تتربع دير الرمان أو دير الشعار أو دير العصافير أو دير الزور في أحدث أسمائها، المدينة التي أقامت فيها عشتار مملكتها، أقام فيها عبدالملك بن مروان، واتخذ منها العثمانيون مركزاً أساساً، ووضع بها الفرنسيون حاشية، ثم استولى عليها حزب البعث وهمش ساكنيها وشوه تاريخها، دخلها تنظيم "داعش" فعاث في أهلها قتلاً، رد عليه التحالف الدولي فدمر ما بقي قائماً بها، سقط النظام السوري وبقيت المحافظة مشطورة، غربها لإدارة العمليات العسكرية وشرقها لقوات سوريا الديمقراطية، وأهلها ما بين لاجئ أو مغترب أو صابر على مرارة العيش في أرض رفض مغادرتها على رغم كثرة الأطراف التي تقاتلت على ضفاف نهرها.

في أقصى الشرق السوري تقع دير الزور، ثالث أكبر المحافظات السورية من حيث المساحة، يبلغ عدد سكانها ما يقارب مليون و200 ألف نسبة، الغالبية العظمى منهم من العرب، مع وجود أقلية كردية وأخرى أرمنية، في ثمانينيات القرن الماضي اكتشف وجود نفط في مساحات واسعة منها، مما جعل منها لاحقاً خزان سوريا النفطي، وأكسبها وجود النفط أهمية استراتيجية، فضلاً عن وجود مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة، فهي المصدر الأساس للقمح والنفط السوري.

كثير من الأسماء

تعد دير الزور واحدة من أكثر المدن التي تغير اسمها عبر التاريخ، فحملت كثيراً من الأسماء، فيقال إن أقدم اسم لها هو "شورا" أطلقه عليها السريان، وفي العصر السلجوقي أطلقوا عليها اسم "ثياكوس"، وعندما أصبحت تحت سلطة الأمويين سموها "دير البصير"، وعندما وصل إليها الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان أطلقوا عليها اسم "دير حتليف"، وهو اسم لأحد الأديرة المسيحية القريبة من المدينة، ثم أطلق عليها لاحقاً اسم "دير الرمان"، لكثرة أشجار الرمان فيها. وعندما سيطر عليها العثمانيون سموها "دير الرحبة" لوجود قرية الرحبة بقربها.

وفي القرن الـ19 سميت "دير الشعار" لكثرة الشعراء فيها، فيما سماها بعض الرحالة الأوروبيين "دير العصافير" لكثرة طيور البلابل فيها، أما سبب تسميتها "دير الزور" فقد اختلف عليه المؤرخون، إذ أطلق هذا الاسم عليها قبيل نهاية العهد العثماني، وفق بعض المصادر فإن لفظ "الزور" من لفظ الزيارة، وسميت بذلك لزيارة أهل الأرياف للدير، فيما قال آخرون، إن اسم الزور مشتق من كلمة ازورار أي "مال واعوج"، وذلك لازورار نهر الفرات عند دير الزور.

عاش الإنسان في دير الزور منذ الألفية التاسعة قبل الميلاد وفق المكتشفات الأثرية، وقامت قربها مملكة ماري الموجودة آثارها حتى اليوم منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد، وكذلك استوطنها الآموريون والآشوريون باختلاف حضاراتهم، وبقي أهلها يتحدثون اللغة الآرامية حتى سنة 64 قبل الميلاد عندما دخلها الرومان، ومع ظهور الإسلام تبع أهالي المدينة تدريجاً الديانة الإسلامية، وأصبحت تابعة للعواصم الإسلامية واحدة تلو الأخرى، من الحكم الراشدي إلى الأمويين فالعباسيين والعثمانيين.

العهد الفرنسي

بعد خروج العثمانيين سنة 1918 تبعت دير الزور للمملكة العربية السورية، وكان يدير شؤونها الشريف ناصر ابن عم الأمير فيصل بن الحسين، وفي 11 يناير (كانون الثاني) 1919 احتلها الجيش البريطاني قادماً من العراق، وضمها إلى الأراضي العراقية، ثم خرج منها البريطانيون في نهاية العام ذاته بعد تحركات شعبية ضدهم.

وبعد دخول الفرنسيين إلى سوريا، وتقسيمها إلى دويلات تم إلحاق مدينة دير الزور بدولة حلب، ودخلتها القوات الفرنسية للمرة الأولى في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) 1921.

شارك أهالي المدينة في جميع أنواع الاحتجاجات والانتفاضات السورية ضد الوجود الفرنسي، كما دارت عدة معارك بين الأهالي والقوات الفرنسية، ونتيجة المقاومة الشعبية خرج الفرنسيون من دير الزور قبل أشهر عدة من خروجهم من سوريا، فكانت أول مدينة سورية تنال الاستقلال.

الجسر المعلق

عندما تذكر دير الزور لزاماً يذكر الجسر المعلق الوحيد في سوريا، ثاني جسر معلق بني في العالم بعد جسر مماثل في جنوبي فرنسا، بدأ بناؤه عام 1925، وهو أحد أهم معالم المدينة، تعهدت بناؤه الشركة الفرنسية للبناء والتعهدات، وصممته على الطراز الغربي، واستمر العمل فيه لمدة ست سنوات، ليتم افتتاحه في مارس (آذار) 1931.

الجسر عبارة عن أربع ركائز حجرية طويلة، تربطها ببعضها بعضاً قضبان فولاذية، ارتفاع كل ركيزة 36 متراً، فيما يصل طول الجسر إلى 450 متراً بعرض أربعة أمتار، وأصبح لاحقاً رمزاً سياحياً في المدينة، وأحد أهم الأماكن التي يقصدها السياح في سوريا.

وفي صباح يوم الثاني من مايو (أيار) 2013 قصفت قوات النظام السوري الجسر بالمدفعية مما تسببت في انهياره وتدميره.

البعث والنفط

بعد انقلاب حزب البعث سنة 1963، وتسلمه السلطة في سوريا، أهمل غالب المناطق الشرقية من البلاد ومنها دير الزور، وفي 1987 اكتشف كميات ضخمة من النفط والغاز بأرياف المدينة، منها حقل التيم وحقل التنك وحقل كونيكو، واستثمرت في هذه الحقول عدة شركات سورية وأجنبية.

اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم الأهمية الجديدة لدير الزور بعد أن أصبحت مصدراً للنفط السوري، فإن النظام السابق لم يهتم بالمدينة من حيث العمران أو البنية التحتية، إضافة إلى ذلك تعد جبال دير الزور أحد أهم مصادر استخراج الملح في سوريا.

الثورة السورية

في النصف الثاني من مارس (آذار) 2011، انضم أهالي دير الزور إلى المشاركين في التظاهرات المطالبة بإسقاط نظام الأسد، وكان النظام خلال الأسابيع.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ 15 دقيقة
منذ 8 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ ساعة
منذ ساعة
منذ 11 ساعة
قناة العربية منذ 3 ساعات
قناة الغد منذ 13 ساعة
قناة العربية منذ 6 ساعات
قناة الغد منذ 16 ساعة
بي بي سي عربي منذ 16 ساعة
قناة العربية منذ 10 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 5 ساعات
سكاي نيوز عربية منذ 7 ساعات