تحليل لCNN الاقتصادية يكشف تأثير توقف تدفق الغاز الروسي لأوروبا.. أضرار بالجملة

مع انخفاض درجة الحرارة إلى الصفر في منطقة ترانسنيستريا المنفصلة عن مولدوفا، لا يجد السكان أي إمدادات لغاز التدفئة ولا مياهاً ساخنة، بعد أن توقفت إمدادات الغاز من روسيا عبر أوكرانيا.

أما مولدوفا نفسها فقد أعلنت في وقت سابق من هذا الشهر حالة طوارئ لمدة 60 يوماً لمواجهة قطع ملياري متر مكعب من الغاز الطبيعي الروسي كانت تُضخ سنوياً إلى الدولة السوفيتية السابقة، والآن ستضطر مولدوفا إلى اتخاذ تدابير لتقليل استخدامها للغاز بمقدار الثُلث.

مع إعلان أوكرانيا رفض تجديد اتفاقية نقل الغاز الروسي عبر أراضيها إلى الدول الأوروبية، تباينت الأضرار من دولة إلى أخرى، ورغم تقليل المفوضية الأوروبية من أثر هذا القرار وتأكيدها استعداد الاتحاد الأوروبي للتبعات، تعكس الصورة على الأرض تبايناً كبيراً بين قدرة الدول على استقبال هذه الصدمة المتوقعة.

مبدأياً، لا تزال روسيا تصدر الغاز عبر خط أنابيب «ترك ستريم» في قاع البحر الأسود، ويحتوي الخط على فرعين، أحدهما للسوق المحلية التركية والآخر لتزويد العملاء في وسط أوروبا، مثل المجر وصربيا، بالغاز، وهذه الدول خارج إطار المعاناة، لكن من المرجح أن تتأثر باقي دول القارة بدرجات متفاوتة بهذا القرار.

سلوفاكيا

أعلنت شركة يوستريم المشغلة لنظام نقل الغاز عبر خطوط الأنابيب في سلوفاكيا، اليوم، أن تدفقات الغاز الطبيعي الروسي من أوكرانيا إلى سلوفاكيا توقفت، وتؤكد الحكومة السلوفاكية أنها استعدت لهذا الانقطاع عبر توفير «إمدادات بديلة»، لكن منذ 10 أيام فقط كان رئيس وزراء البلاد، روبرت فيتسو، في زيارة إلى موسكو لبحث قضايا الطاقة مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بل إنه أثار الجدل بقوله إن بلاده قد توقف إمدادات الكهرباء لأوكرانيا إذا توقفت كييف عن نقل الغاز الروسي إلى أوروبا مع انقضاء أجل الاتفاقية، ودعا فيتسو الاتحاد الأوروبي للتدخل، محذراً من الخسائر الفادحة الناتجة عن وقف نقل الغاز عبر أوكرانيا إلى أوروبا.

وأدت الزيارة والتصريحات إلى اتهام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لرئيس الوزراء السلوفاكي بفتح «جبهة طاقة» ضد كييف.

النمسا

على النقيض من سلوفاكيا أصدرت الحكومة النمساوية بياناً مستقلاً تؤكد فيه استعداد البلاد لانتهاء سريان اتفاقية نقل الغاز بين روسيا وأوكرانيا، وإن الإمدادات إلى البلاد مستمرة من خلال مصادر أخرى مثل نقاط التغذية في ألمانيا أو إيطاليا ومن مرافق التخزين.

وقالت وزيرة الطاقة النمساوية ليونورا جيفيسلر في بيان «أدينا واجبنا وكنا مستعدين جيداً لهذا السيناريو»، وأضافت «لم تعد النمسا تعتمد على الغاز من روسيا، وذلك أمر جيد».

وهو ما يتماشى مع بيان المفوضية الأوروبية الذي أكد أنه «تم تعزيز الاتحاد الأوروبي بقدرات استيراد كبيرة جديدة للغاز الطبيعي المسال منذ عام 2022».

أوكرانيا

قال وزير الطاقة الأوكراني، جيرمان جالوشينكو، في بيان «أوقفنا عبور الغاز الروسي، هذا حدث تاريخي، روسيا تخسر أسواقها، وستتكبد خسائر مالية».

ستخسر شركة غازبروم الروسية نحو خمسة مليارات دولار قيمة مبيعات الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا بهذا القرار، لكن ما أغفله الوزير أن أوكرانيا نفسها ستخسر نحو 800 مليون دولار سنوياً، وهي قيمة الرسوم التي تدفعها روسيا من أجل مرور الغاز الطبيعي بالأراضي الأوكرانية، هذا بالإضافة إلى الخطر الوشيك لقطع سلوفاكيا إمدادات الكهرباء عن الدولة التي تعاني بالفعل من تدمير البنية التحتية خلال ثلاث سنوات من الحرب.

تطمينات رسمية

شكلت التدفقات الروسية، التي توقفت اليوم، نحو 5 في المئة فقط من واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي في عام 2023، ومن الصعب أن يؤثر وقف هذه النسبة على استمرارية تدفق الغاز للمستهلكين في دول الاتحاد الأوروبي، على عكس ما حدث في عام 2022، عندما أدى انخفاض الإمدادات الروسية إلى ارتفاع الأسعار لمستويات قياسية وتفاقم أزمة تكلفة المعيشة والإضرار بالقدرة التنافسية للتكتل.

قال متحدث باسم المفوضية الأوروبية «البنية الأساسية للغاز في أوروبا مرنة بما يكفي للتزود بالغاز من منشأ غير روسي، حيث تم تعزيزها منذ عام 2022 بقدرات جديدة وكبيرة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال».

وقلص الاتحاد الأوروبي اعتماده على الطاقة الروسية منذ بداية الحرب في أوكرانيا من خلال شراء كميات إضافية من الغاز من النرويج عبر خطوط أنابيب، بالإضافة إلى صفقات عديدة لشراء غاز طبيعي مسال من قطر والولايات المتحدة وغيرها من الدول.

تراجع المخزون

على الرغم من التصريحات العديدة حول الاستعدادات الأوروبية، بدأت دول الاتحاد الأوروبي بالفعل في استهلاك مخزوناتها من الغاز الطبيعي بشكل أسرع مقارنةً بسنوات الحرب الماضية، حيث أدى الطقس البارد وانخفاض الواردات المنقولة بحراً إلى زيادة الطلب، وأجمع عدد من المحللين على أن أوروبا ستحتاج إلى شراء كميات إضافية من الغاز الطبيعي المسال في عام 2025، لتعويض النقص الناتج عن خسارة نحو 15 مليار متر مكعب سنوياً من إمدادات الغاز الروسي عبر أوكرانيا.

ووفقاً لبيانات «غاز إنفراستركشر يوروب» انخفض حجم الغاز في مواقع التخزين في الاتحاد الأوروبي بنحو 19 في المئة من نهاية سبتمبر إلى منتصف ديسمبر، بينما في العامين الماضيين كان الانخفاض لا يتجاوز خانة الآحاد.

وقال محلل سوق الغاز الطبيعي والغاز المسال لدى كبلر، رونالد بينتو، لـCNN الاقتصادية، إن أوروبا ستحتاج بالفعل إلى شراء كميات إضافية من الغاز الطبيعي المسال في عام 2025، «أصبح من المعروف أن مخزون الغاز الطبيعي في القارة سيكون أقل من العامين السابقين بحلول نهاية الشتاء».

وتبلغ مستويات التخزين في الاتحاد الأوروبي الآن 75 في المئة، وكانت مستويات التخزين قريبة من 90 في المئة في منتصف ديسمبر من العام الماضي.

واردات أكثر.. نفقات أكثر

ويتوقع بينتو، أن تزيد واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي المسال بنحو 18 في المئة على أساس سنوي في عام 2025، أي ما يعادل 21.5 مليار متر مكعب، «سيعتمد اللاعبون الأوروبيون على السوق الفورية، ما يعني أنهم سيحتاجون إلى دفع أكثر من المشترين في آسيا».

ما زالت أسعار الغاز الأوروبية أقل بنحو 90 في المئة من أكثر من 300 يورو لكل ميغا واط/ ساعة التي شوهدت خلال أزمة الطاقة في صيف عام 2022، ومع ذلك فإن إفراغ مرافق التخزين خلال فصل الشتاء قد يجعل إعادة التعبئة أكثر صعوبة وتكلفة في العام المقبل.

وقد استنفدت بعض الدول مخزوناتها بشكل أسرع من غيرها، فقد شهدت هولندا انخفاضاً بنسبة 33 في المئة في أحجام الغاز المخزنة منذ بداية الشتاء، بينما شهدت فرنسا انخفاضاً بنسبة 28 في المئة.

2025 عنق الزجاجة

بنهاية 2024 ارتفعت العقود الآجلة للغاز الطبيعي في أوروبا بنسبة 2 في المئة لتصل إلى 46.8 يورو لكل ميغاواط/ ساعة، وهو أعلى مستوى لها في ثلاثة أسابيع، نتيجة قرب توقف إمدادات الغاز.

أما عن توقعات أسعار الغاز في أوروبا، قامت شركة بلاتس، وهي جزء من شركة كوموديتي إنسايتس التابعة لستاندرد آند بورز، بتقييم عقود الغاز الهولندي لصيف 2026 عند 34.485 يورو لكل ميغاواط/ ساعة في 25 نوفمبر، بينما تم تقييم عقد شتاء 2026 عند 34.22 يورو لكل ميغاواط/ ساعة، ما يعكس توقعات بوفرة المعروض من الغاز الطبيعي بحلول 2026.

وبحسب بيانات من شركة كوموديتي إنسايتس، فإنه من المتوقع أن ينمو المعروض العالمي من الغاز الطبيعي المسال من نحو 452 مليون طن متري طوال عام 2025 إلى ما يقرب من 494 مليون طن متري في عام 2026.

ولكن من المتوقع أن يظل سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي ضيقاً نسبياً حتى تضاف قدرات تسييل جديدة في عام 2025.


هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من منصة CNN الاقتصادية

منذ 18 دقيقة
منذ 4 ساعات
منذ ساعتين
منذ ساعة
منذ ساعة
منذ 12 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 8 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 23 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 16 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 18 ساعة
قناة العربية - الأسواق منذ 13 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 12 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 7 ساعات
صحيفة الاقتصادية منذ 17 ساعة