عندما أطلق الرئيس المصري السابق حسني مبارك مقولته الشهيرة "المتغطي بالأميركي عريان"، لم تكُن مجرد تعليق على ما شهدته مصر من أحداث الانتفاضات العربية حينها، بل كانت تعبيراً عن حجم خيبة الأمل التي أصابته من التخلي الأميركي السريع عن نظام كان يقوده ويعتبر من الحلفاء المميزين في الشرق الأوسط. وحملت، في الوقت نفسه، تحذيراً لجميع القادة والمسؤولين العرب وفي العالم الثالث، بأن يأخذوا حذرهم من البراغماتية الأميركية المبنية فقط على مصالحها وتخدم استراتيجيتها.
ما شهدته سوريا من تطورات متسارعة وانهيار أسرع للنظام وفرار رئيسه إلى روسيا، دفع كثيراً من الدول والأنظمة والسياسيين في المنطقة والعالم، إلى وقفة تأمل في التحالفات التي عقدتها مع الدولة الروسية، بخاصة داخل مواقع القرار في إيران، بحيث بات بإمكانها الترداد وراء مبارك بمقولة خاصة بها وبإيقاع سياسي مختلف أن "المتحالف مع الروسي خسران"، خصوصاً أن النظام السوري يعتبر، تاريخياً، حليفاً استراتيجياً وحيداً للنظام الروسي في فترتيه الشيوعية والبوتينية.
لا شك في أن القيادة الإيرانية تفاجأت بالتخلي الروسي السريع عن نظام بشار الأسد، على رغم معرفتها بوجود توجه روسي مبكر من الأزمة لا يمانع إحداث تغيير في هرم القيادة السورية والانتقال إلى نظام جديد قائم على الشراكة مع مكونات المعارضة، حتى إن أدى إلى التخلي عن الأسد نفسه. لكن هذه القيادة لا تستبعد وجود صفقة ما دارت في الخفاء بين الأطراف المستفيدة من التغيير في سوريا بمشاركة ومباركة من موسكو، تحديداً بين روسيا وتركيا، لكن بعيداً من أعين طهران التي أصيبت بالصدمة جراء التداعي السريع للسلطة السورية وعدم رغبة رأس النظام في القيام بأي تحرك يمنع سيناريو الانهيار.
ارتفاع مستوى الارتياب الإيراني من المواقف الروسية وما تنسجه موسكو من صفقات على حساب مصالح طهران الإقليمية، لم يطفُ على السطح نتيجة الأحداث السورية، بل يستند إلى تاريخ طويل من صراعات المصالح بين البلدين منذ أيام القيصرية والسلطات المتوالية في إيران، وآخرها يعود لمرحلة الحرب العالمية الثانية عندما احتلت روسيا نصف الأراضي الإيرانية بالتقاسم مع بريطانيا، ثم الدور الذي قامت به في دعم الإعلان عن قيام جمهورية مهاباد الكردية.
ولمست طهران وجود نوايا روسية للالتفاف على دورها ونفوذها في الساحة السورية قبل عام تقريباً عندما استبعدت من الاجتماع الأمني والعسكري الثلاثي الذي استضافته روسيا، وبمشاركة تركيا والنظام السوري حينها، وأن الاستدراك الإيراني لإخراجها من المعادلة وما يدور من تفاهمات، ومن ثم إنهاء مسار أستانا حينها، لم يوفر لطهران معرفة ما يدور في كواليس الثنائي الروسي - التركي من صفقات وتفاهمات تتعلق بالساحة السورية ومستقبلها.
انهيار النظام السوري يعني بالنسبة إلى طهران ضربة قاسمة وقاسية لمشروعها الإقليمي، وإنهاء لكل الاستثمارات التي وظفتها على مدى عقود في بناء محورها الذي من المفترض أن يوفر لها مقعداً على طاولة أي تفاهمات حول المنطقة مع القوى الكبرى. وهذا الانكشاف الإقليمي لإيران، وحال الريبة من الدور الروسي الذي لم يفِ بكثير من وعود التعاون العسكري والدفاعي، إضافة إلى الدور السلبي في تأجيج التوتر بين طهران والعواصم الأوروبية على خلفية.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية